ملفات قمة الـ«7» بمشاركة مصر: من مكافحة الإرهاب والمقاتلين الأجانب.. إلى مواجهة الشائعات والخطاب المتطرف على الإنترنت
انطلاق الاجتماعات التحضيرية للقمة العالمية المرتقبة
تشارك مصر فى النسخة المقبلة من قمة مجموعة السبعة أو «G7» برئاسة فرنسا، حيث تتميز هذه القمة بصبغة فرنسية تركز على تكثيف الحوار وتعزيز مبدأ التعدّدية الدولية من أجل بناء شراكات وتحالفات تخاطب الشواغل والتحديات العالمية، بداية من قضايا الإعلام ومواجهة الشائعات والثورة الرقمية، ومروراً بالتحديات الاقتصادية وظواهر عدم المساواة، ومواجهة الفساد، وصولاً إلى مجالات التعاون العسكرى والأمنى ومكافحة الإرهاب ومواجهة ظاهرة المقاتلين الأجانب، والخطاب المتطرّف على مواقع الإنترنت، ولا تقتصر المشاركة المصرية على قمة الزعماء، بل تتسع للمشاركة أيضاً فى الأعمال التحضيرية لهذه القمة العالمية المرتقبة.
وتتولى فرنسا هذا العام رئاسة مجموعة السبع الكبار، حيث تُعقد طوال العام الحالى اجتماعات وزارية من أجل التحضير لمؤتمر قمة رؤساء الدول والحكومات فى «بياريتز» (جنوب غرب فرنسا) أواخر شهر أغسطس المقبل، فيما انطلقت منذ أيام فى باريس الاجتماعات التحضيرية للقمة بمشاركة من الدول المدعوة، بالإضافة الـ«7 الصناعية الكبرى». وقال مصدر دبلوماسى فرنسى رفيع المستوى خلال لقاء وفد من كبرى الصحف المصرية فى قصر الإليزيه الرئاسى الفرنسى، إن الجوانب من أولويات قمة مجموعة السبعة، حيث يعد موضوع التعاون فى مكافحة الإرهاب ملفاً ثابتاً ضمن القضايا المطروحة، بهدف مواصلة وتعزيز التنسيق والتعاون فى مواجهة تحدى الإرهاب، كما ستُركز القمة خاصة على موضوع مكافحة تمويل الإرهاب، والتعامل مع ملف المقاتلين الأجانب، ومواجهة المفاهيم الإرهابية على شبكة الإنترنت.
روسيا لا تزال خارج مجموعة الكبار.. ودبلوماسى فرنسى لوفد مصرى: القمة تركز على مكافحة تمويل الإرهاب والظاهرة الشعبوية وعدم المساواة
وقال مصدر دبلوماسى إن بلاده تتولى منذ 1 يناير 2019 ولمدة سنة رئاسة مجموعة السبعة، حيث أصبح هذا العام عاماً للحوار بين مختلف الأطراف، حيث تسعى فرنسا لتعزيز المشاركة الدولية، فى إطار تحالفات بين مجموعة السبعة والكثير من الأطراف، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستتولى الرئاسة العام المقبل. وأوضح أن الرئاسة الفرنسية ستُحدّد الموضوعات والملفات التى لها الأولوية فى اجتماع القمة التى ستنعقد خلال الفترة من 24 إلى 26 أغسطس المقبل فى فرنسا، كما أن باريس مسئولة عن تنظيم الاجتماعات التحضيرية لهذه القمة، التى يشارك بها الوزراء والمستشارون الدبلوماسيون، وتضم 10 اجتماعات على مستوى الوزراء، وتم عقد اجتماعين منها على مستوى وزراء الداخلية والخارجية الأسبوع الماضى، كما ستضم اجتماعات أخرى لوزراء الاقتصاد والبيئة والمرأة والعمل وغيرها. وأشار المصدر الدبلوماسى إلى أن تحليل الرئيس ماكرون للأوضاع العالمية الراهنة أنها تتميز بالهشاشة والتغير، ومهددة على عدة مستويات، منها البيئية والاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن تحدى الإرهاب داخل المجتمعات وانعدام ثقة الشعوب فى حكامها، والرئيس ماكرون يذكر دائماً أن هذه الجوانب الهشة لا يمكن علاجها إلا بصفة جماعية، والرئيس وضع نفسه كمدافع متحمس على هذا المنحى، للعمل على اللجوء لحلول جماعية، ونحن بحاجة إلى المنظمات الدولية كالأمم المتحدة والمنظمات المالية الدولية، وبحاجة أيضاً إلى تحالفات تركز على مواضيع معيّنة، لكى تكون هناك مقاربة شاملة وحلول مشتركة، ونقدم حلولاً للمحافل الدولية الأوسع، وتمثل القمة قوة دفع لهذه الحلول، والرئيس ماكرون أكد أن تكون هذه الحلول عملية، ولذلك يجب أن نوسع نطاقها، وهذا ما يفسر أن القمة ستشارك بها عدة دول أخرى، لكن نرغب فى أن توجد تحالفات مع الدول المشاركة، وقررنا دعوة عدد من الدول التى تتقاسم معنا القيم ومبادئ الديمقراطية، ويهمنا التعامل مع الجانب الرقمى للعالم الراهن، والانفتاح على الدول الأفريقية لإقامة شراكة جديدة بين دول مجموعة السبع والقارة الأفريقية، وقررنا أن تستضيف القمة الدول التى ترأس الاتحاد الأفريقى (ترويكا القمة)، وهى رواندا الرئاسة السابقة، ومصر رئيس الاتحاد الأفريقى حالياً، وجنوب أفريقيا، وكذلك بوركينا فاسو، التى تتولى رئاسة مجموعة الخمسة فى منطقة الساحل، وأيضاً السنغال لأنها رئيس مجموعة النيباد.
وأوضح المصدر الدبلوماسى أن التنمية الاقتصادية فى أفريقيا وتعزيز ربط دول القارة ببعضها البعض، خاصة عن طريق شبكة الإنترنت، وتحسين ظروف المرأة والتربية والتعليم والاستقلالية المالية للمرأة، كلها موضوعات أساسية فى القمة. وشدد المسئول الفرنسى على أن الموضوع الرئيسى الذى سيكون بمثابة الخط الأحمر، هو مقاومة تفاوت الفرص وانعدام المساواة فى الفرص، و«التوسع الاقتصادى وتوسع اللجوء للاقتصاد الرقمى، للخروج من حالة الفقر، التى كان يعيش فيها الأفراد، مما ساعد فى تقليص البون أو الفارق فى الثروة بين مختلف دول العالم، لكن عمق الهوة داخل كل بلد بين الأثرياء والفقراء، وهذا أمر تقليدى فى الدول التى تشهد تفاوتاً اقتصادياً، خاصة فى البلدان الصاعدة أو الناشئة، لكن ظهور الأمر نفسه فى الدول المتقدمة لم يكن متوقعاً، فقد زاد فى الدول المتقدمة عدم المساواة بين الأثرياء والفقراء، والشىء نفسه بالنسبة للطبقات الوسطى، التى وجدت أن ثرواتها إما تلاشت وأصبحوا فقراء أو جُمّدت، وهذا ما يفسر ظهور الظاهرة الشعبوية التى نشاهدها اليوم فى المجتمعات الغربية، وأمام هذا التفاوت والتململ، قررت الرئاسة الفرنسية مقاومة هذه الظاهرة داخل المجتمعات، وهذا سيكون صميم نشاط وزراء مجموعة السبعة».
قمة "بياريتز" تشهد مواجهة بين "السبع الكبار" و"فيس بوك وآبل وجوجل وأمازون".. والقمة تدشّن تحالفات جديدة حول قضايا معينة.. وتوقيع وثيقة عالمية لمواجهة الأخبار الزائفة والتصدى لـ"المضامين التى تبث الحقد على الإنترنت"
وأشار المسئول الفرنسى إلى أن التأثير الاجتماعى للثروة الرقمية ستتم دراسته، فهناك أنشطة مهمة تندثر وأخرى تظهر، كما سيتم التركيز على مقاومة الفساد والغش الضريبى والإغراق الضريبى، وسيحظى موضوع المساواة بين الرجل والمرأة بحيّز واسع من النقاش، وهذا سيكون أهم ما يميز الرئاسة الفرنسية لمجموعة السبعة هذا العام، حيث جعل الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون من هذا الموضوع أحد الموضوعات التى ميّزت رئاسته، وجعل منه القضية الأولى خلال عهدته الرئاسية فى فرنسا، ويرغب فى أن تكون قضية على المستوى العالمى، وهى تشمل: «حماية المرأة من العنف، وإطلاق صندوق دولى للمرأة المتضرّرة من النزاعات، كما تقترح السيدة الإيزيدية نادية مراد، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، موضوع ضمان وصول الفتيات الصغيرات للمدارس، وضمان وصول المرأة لسوق العمل، وتشجيعها على أن تصبح صاحبة أعمال، وإيجاد آلية مالية تساعد المرأة على إطلاق شركات».
ويبدو أن الدول السبع الصناعية الكبرى تشعر بإمكانية سحب البساط من تحت أقدامها، ليس من دول أخرى كبرى، لكن من مجموعة الشركات الكبرى العاملة فى مجال الفضاء الرقمى، وعلى رأسها «جوجل وفيس بوك». وأشار المصدر الدبلوماسى إلى أن موضوع التحول الرقمى سيشمل ضمان وصول الإنترنت والبنية التحتية للإنترنت إلى القارة الأفريقية ومناطق العالم، وتأمين هذه الشبكة وبنيتها التحتية، والجوانب المالية والضريبية لهذا الاقتصاد الرقمى ووقعه على سوق العمل، ويشمل أيضاً مواجهة المضامين التى تبث الحقد على الإنترنت، وعملية التلاعب بالمعلومات وبالإعلام من خلال ظاهرة الأخبار الزائفة «Fake news»، التى تعكر المسار العادى للديمقراطية، مؤكداً أن الرئيس الفرنسى يرغب فى الوصول إلى نتائج ملموسة، وأن يصل إلى اتفاق مع مجموعة «GAFA» -مجموعة جافا (فيس بوك وآبل وجوجل وأمازون)- فضلاً عن مناقشة مجال أخلاقيات الذكاء الاصطناعى.
وتشهد القمة التوقيع على «ميثاق من أجل الإعلام والديمقراطية»، يتعلق بحرية الإعلام ومقاومة التلاعب بالإعلام، حيث يتم فى العواصم العالمية حالياً تداول هذه الوثيقة المقترحة، التى تنظر إلى الإعلام كملكية عامة لكل البشرية، وأشار المصدر الفرنسى إلى أنه يجب أن تحمى حرية الإعلام، لأنه لا يمكن إيجاد حرية الرأى، إذا لم تكن المعلومات تتمتع بالموثوقية اللازمة، أو يتم التلاعب بها، ولا يمكن لشخص أن يكون له رأى إذا كان لا يصل إلى معلومات سليمة ولها مصداقية، وتشمل الوثيقة مبادئ تؤكد حرية الإعلام على المستوى السياسى والدينى، وأيضاً من حيث المضامين التجارية. وتحث الوثيقة، المقرر توقيعها، الدول والمنصات الإعلامية، على أن تذهب فى اتجاه بث معلومات لها مصداقية، سواء كانت المعلومات تأتى من دول أو شخصيات وكيانات خاصة.
وأكد المصدر الدبلوماسى أن روسيا ستظل كما هى مستبعَدة من مجموعة الدول الصناعية الكبرى، حيث كانت روسيا عضواً فى مجموعة الثمانية والمجموعة عادت لشكلها السابق، بعد أن قامت موسكو بضم شبه جزيرة القرم، و«الظروف التى أدت إلى إبعاد روسيا لم تتغير». وأوضح أن القمة تتحرك من منطق التحالفات حول مواضيع معينة والانفتاح إلى ما هو أكبر من مجموعة السبعة باتجاه الدول التى يمكن أن توسع هذه التحالفات خارج مجموعة السبعة، ومن بينها مصر.