اقتصاد تركيا.. تدهور حاد وانتعاش هش وتوقعات بمزيد من التراجع
أردوغان - أرشيفية
لا يزال الوضع الاقتصادي في تركيا يشهد المزيد من التراجع، على خلفية عناد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وإصراره على الدخول في مواجهات مع الدول المجاورة له والولايات المتحدة، إضافة إلى تدخلاته العسكرية في سوريا لمواجهة نفوذ الأكراد.
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي"، إن تركيا لديها عجز في تجارتها الدولية، حيث إنها تستورد أكثر مما تصدر، أو بعبارة أخرى، فإنها تنفق أكثر مما تكسب، لذلك يجب تمويل هذا العجز، إما عن طريق الاستثمار الأجنبي أو عن طريق الاقتراض. وقالت: "في حد ذاته، لا يعد هذا أمرا غير عادي وخطير، لكن العجز في تركيا كبير للغاية حيث بلغ 5.5% من الدخل القومي أو الناتج المحلي الإجمالي، العام الماضي".
ومن جانبه، أظهر استطلاع أجرته وكالة "رويترز"، يوم الجمعة الماضي، أنه من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد التركي في عام 2019 بعد عقد من النمو الاقتصادي، كما يتوقع الاقتصاديون ركودا أطول بعد موجة من التقلبات الأخيرة في الليرة.
وأشارت وكالة "رويترز" إلى أن الاقتصاد التركي، تقلص إلى 3% خلال الربع الرابع من العام الماضي بعد أزمة خفض الليرة بنحو 30% أمام الدولار. وأدى ذلك إلى ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى خلال 15 عامًا، في حين أصبحت قدرة الشركات على خدمة الديون الخارجية محدودة، بالإضافة إلى مضاعفة القروض المتعثرة في القطاع المصرفي، كما أن تركيا - بحسب "رويترز"- لديها مستوى عالٍ من الديون مستحقة السداد في المستقبل القريب، بالإضافة إلى قروض يجب سدادها.
وتابعت الوكالة: "باستخدام لغة الأسواق المالية، يجب إعادة تمويل الدين، وتقدر وكالة التصنيف الائتماني "فيتش" أن إجمالي احتياجات تركيا من التمويل هذا العام سيكون 230 مليار دولار تقريبًا".ووفقا لـ"بي.بي.سي"، فإن التطورات الأخيرة في الأسواق المالية في البلاد كانت بالتأكيد مثيرة للقلق، فقد انخفض سوق الأسهم التركي بنسبة 17%، وفي حالة إذا قمنا بقياس هذا الانخفاض بالدولار كما يفعل بعض المستثمرين الأجانب، فإن الانخفاض يصل 40%.
وأضافت: "لم يقتصر الانخفاض على ذلك فقط، فإن الاقتراض بالدولار أصبح مكلفا لتركيا، بتكلفة حوالى 7%، حيث تبلغ تكلفة الاقتراض لمدة 10 سنوات بعملتها الخاصة الآن 18% سنويا، فإذا اقترضت الشركات التركية بالعملة الاجنبية، فإن هذه القروض ستصبح اكثر تكلفة عند سدادها في حالة انخفاض قيمة العملة الوطنية، بالإضافة إلى أن ضعف العملة يؤدي إلى تفاقم مشكلة التضخم المستمر في تركيا ( الليرة الأضعف تجعل الواردات أغلي)".
في سياق متصل، أظهر متوسط استطلاع الرأي التي أجرته "رويترز" لـ43 خبيرا اقتصاديا، بأن الاقتصاد التركي سيتقلص بنسبة 0.3% خلال هذا العام، حيث يعد أقل بكثير من توقعات الحكومة التي خفضت بشكل حاد النمو ليصل إلى 2.3%.
ووفقا لمتوسط الاستطلاع، من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد إلى 3.4% و1.2% في الربعين الأولين خلال هذا العام، على التوالي، قبل أن يعود النمو بنحو 2.1% في الربع الثالث. وتابعت: "من المتوقع نشر قراءة الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول في 31 مايو. كما أظهر الاستطلاع أنه من المتوقع أن يصل معدل النمو إلى 2.7% في عام 2020، بينما يتوقع صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع حدوث انكماش بنسبة 2.5% في تركيا هذا العام، ونمو 2.5 % في عام 2020".
وذكرت "رويترز" أن الاستطلاع قورن باستطلاع مماثل أجري قبل ثلاثة أشهر، حيث أظهر مزيدا من التدهور في تركيا. وقال الخبير الاقتصادي، معمر كوموركوغلو، عن سيناريو الهبوط: "نحن نتوقع عودة الاقتصاد إلى منطقة النمو الإيجابية في النصف الثاني من العام. ومع ذلك، فإن هذا الانتعاش هش ويعتمد على التطورات السياسية والجيوسياسية".