طلاب "هدى شعراوي" في المدرسة رغم الاستفتاء: "جايين ناخد العلم"
طلبة "هدى شعراوي" جوار المدرسة بالاستفتاء: جايين ناخد العلم ونلعب سوا
أعلام مصر ترفرف أعلى أحد الأرصفة بمنطقة التجمع الأول بالقاهرة الجديدة، وأطفال في عمر الزهور يفترشون الأرض رافعين الأعلام، ويطلبون من كل ناخب أو شخص عابر "هات العلم ده يا عمو".. كلمات يتسابقون في قولها يفوز فقط من يحظى بالعلم في النهاية.
بجوار مدرسة هدى شعراوي في التجمع الثالث، جلس مجموعة من الأطفال يلعبون ويرقصون ويؤدون حركات بهلوانية، بينما جلست الفتيات الصغيرات يشاهدن ما يفعله الصبية دون تدخل يذكر منهم، يقول إسماعيل محمد لصديقه: "إنت خدت كل الأعلام وأنا مخدتش علم"، ليقفز الأخير مسرعا مبتعدا عنه كي لا يخطف "محمد" العلم الذي أعطاه له أحد الناخبين من يديه.
"جايين ناخد علم، أنا مخدتش علم".. كلمات قالها كمال سعيد، أحد الأطفال مفترشي الطريق، يقول إنّه حضر في الصباح الباكر لرؤية الناخبين في أثناء دخولهم إلى المدرسة، بعد أنّ جلس في المنزل بسبب تحول مدرسته إلى لجنة انتخابيه للاستفتاء على الدستور: "أنا قاعد من المدرسة عشان خاطر الانتخابات.. معروفة يعني".
يقول سعيد وهو في الصف الثاني الإعدادي، ذا جسد لا يعكس تلك المرحلة العمرية عليه، إنّه حصل على إجازة من مدرسته قبيل أيام من بدء العملية الانتخابية، حتى تسلمتها قوات الجيش والشرطة واللجنة الوطنية للانتخابات، لتحويلها إلى لجان اقتراع للاستفتاء، يوضح أنّه يأتي مع أقرانه صباحا بعد الاستيقاظ من النوم للجلوس بجوار المدرسة: "اتعودت أنا وصحابي في المدرسة بنيجي هنا الساعة 8 الصبح، وكل يوم بنيجي ما عدا الجمعة والسبت، جينا إمبارح والنهارده".
يتبارى الأطفال فيما بينهم في تأدية الألعاب البلهوانية، فأحدهم يقف على يديه ثم يقع، والآخر يقف على يديه ويسير مسافة، بعد أنّ رفع رجليه في الهواء ورأسه في الأسفل، يقول عبدالرحمن محمد الفائز من الأطفال في تلك اللعبة: "أنا اللي بعرف اتشقلب وأمشي على إيدي، بس الواد سعيد وأحمد بيحاولوا يعملوا زيي وبيقعوا عشان هبل".
"أخويا سعيد كان في المدرسة دي.. بس خد إجازة عشان الانتخابات".. كلمات قالها إسماعيل محمود شقيق سعيد، الذي لم يدخل حتى الآن إلى أي صف دراسي، بينما يعرف جيدا ما يقوله ويتلفظ به ومدرك لكل الأشياء من حوله، فهو طفل ذا 5 أعوام ولكنه "غلباوي" كما وصفه أحد أصدقائه.
على مقربة منه يرد حمدان صلاح، طفل بالصف الثالث الابتدائي: "قاعدين بنحيي السيسي، أمال قاعدين ليه"، ليرد عن سبب عدم ذهابه للمدرسة بأنّه لا يعلم سبب تغيّبه عنها، حتى يرد عليه صديقه: "عشان خاطر الانتخابات"، ليسرع صلاح بقوله: "أيوه ما إحنا قاعدين عشان خاطر الانتخابات معروفه"، ليتابع صديقه بقوله: "طب مقولتهاش ليه لما هي معروفة".
إلى جانبهم تجلس أسماء وهدير، تقول الأولى ذات الثماني سنوات إنّ الانتخابات للاستفتاء على الدستور كما أخبرها والديها سبب تغيبها الإلزامي عن المدرسة، تقول: "قالولي في المدرسة متجوش لحد ما الانتخابات تخلص، وفي البيت قالولي فيه استفتاء على الدستور، بس أنا مش فاهمة يعني إيه، المهم هقعد مع صحابي عشان وأنا في المدرسة مكنتش عارفة أقعد معاهم".
بجوارها تجلس هدير التي تكبرها بعامين، تبدو غير مبالية بجلوسها من المدرسة أو ذهابها إليها: "هما قالولي اقعدي وأنا فرحت إنّي مش هروح المدرسة، كل يوم بصحى الصبح وببقي عايزة أنام الضهر ومش بعرف، الحمد لله إنّهم أدونا إجازة دلوقتي بنام براحتى"، لتعلق صديقتها على قولها: "هو انتي بتصحي أصلا".
بجوار الأطفال يقف آخر في KG1 يدعى يوسف خالد، واضعا يديه في جيبه ويلتزم الهدوء والسكينة، ويقول أقرانه: "يوسف خالد واخد إجازة من زمان، ده عيل صايع وبيضرب العيال في المدرسة"، ليرد خالد محاولا تغيير مسار الحديث عنه: "الأغاني دي شغالة من امبارح، ما يشغلولنا هات سيجارة أو مافيا".