م الآخر| المستعمرون والغزاة
سأتكلم هنا عن "المستعمرين والغزاة"، ما هو تعريف المستعمر؟.. المستعمر هو من يأتي من الخارج ليغتصب حقوق أهل البلد في مواردهم، وإعطاء نفسه الحق في احتلال أراضيهم وإجبارهم على إتباع سياساته الخاصة، التي تتبع البلد الذي أتي منها، لتعود كل المكاسب والمصالح فقط إلى بلد هذا المغتصب أو المحتل.
ولكن هذا التحليل ممكن أن نحكم عليه بأنه قديم بعض الشيء، ولا يمكن أن يصلح في هذه الأيام، لأن المغتصب في هذه الأيام لا يأتي من الخارج، بل يأتي من داخل البلد، ومن المفروض أنه جزء من شعب هذا البلد أيضًا، ولكن سياساته الذي يتبعها تأتي من الخارج، فهو مستعمر بكل معنى الكلمة، لأنه يريد اغتصاب حقوق شعب بلده المسالم، الذي لا يريد إلا أن يعيش بحرية وكرامة، وفي أمن وآمان له ولأولاده.
فهنا لا يمكن أن نقول أن البلد انقسمت أو منقسمة، أو أن هناك بوادر لحدوث حرب أهلية، فهذا تحليل أو تعريف منافي للمنطق وللعقل، ولا نستطيع أن نتقبله، فأنت أمام مغتصب يريد أن يسلبك حقك في كل شيء ويجبرك على كل شئ، بل يكفرك ويخونك ويعذبك ويقتلك أيضًا.
فما الفرق بين هذا المستعمر وبين غيره؟ بل المرارة والصدمة تكون أكبر، لأنها غير متوقعة أو مقبولة أو مهضومة، عندما تأتي من داخل بلدك.. هل تعتقد أنك تستطيع أن تقنع من يريد أن يغتصب حقك في كل شئ ويبيح دمك، بأن يتراجع عن هذا بطريقة سلمية؟.
فإن كنت أنت ترى هذا، فاللأسف هو يراك عدوًا له ومن واجبه أن يحاربك ويقاتلك، ولن يتراجع عن هذا المخطط الذي يتبعه، حتى لو أعطيته عذره بأنه مغيب، فهو أصر باختياره هو وحده أن لا يرى إلا هذا، ولا تستطيع أن تجعله أن يغير رأيه بالحوار أو بالمنطق أو بالعقل، لأنه غير مقتنع بشخصك من الأساس، لأنك كافر وعدو الله في نظره، وقتلك ودمك حلال، وأن هذا سيضاف إلى ميزان حسناته، ولكن لو قتل هو سيكون شهيد.
وهنا أريد أن أقف طويلًا، لأن الله أعطاك عقلًا لتستخدمه وتختار ما تريد، وعندما تختار أن تغلق عقلك على نفسك ولا تفتحه إلا أمام إتجاه واحد، فهذا بالطبع اختيارك أنت وحدك، حتى لو كنت مغيبًا، فالفرق بينك وبين غيرك، أنك اخترت أن تكون مغيب وغيرك لا يريد، وأنت أيضًا اخترت أن تحارب وتقاتل الآخر لمجرد أنه لا يريد أن يصبح مغيب مثلك، ولكن باختيارك أن تغلق عقلك جعلك آلة للتهديد وللقتل في وجه المسالمين، وباختيارك إغلاق عقلك جعلك تمسك السلاح وتوجهه في وجه الأبرياء والمسالمين والعزل، لتقتلهم وتيتم أطفالهم أو تقطف زهرة شبابهم.
فأنت تتسبب في كل أنواع الأذى والقهر، ولا تنسى أن هذا باختيارك أنت وحدك لتمسكك بإغلاق عقلك..
فما ذنب الآخرين المسالمين؟.. عدل الله يقول أن الذنب يقع على المعتدي وعلى من يطلق الرصاص ويملك كل أنواع الأسلحة.. فأرجوكم أن تحترموا عقولنا ولا تقولوا إن ما يفعل كل هذا، عندما يقتل سيكون شهيدًا، كيف تريدني أن أتقبل هذا؟ وما الذي ستبرره للصغار بقولك هذا، عندما يسألونك؟ ما الذي تريد أن تزرعه أو تنميه في عقول الصغار أو الأجيال القادمة، عندما تقول أن الطرفين متساويين؟.
ألا يوجد أدنى فرق بين الذي يقتل وهو يدافع عن أقل حقوقه وحرياته بطريقه سلمية، وبين من يأتي عليهم ومعه الأسلحة ويترصد بهم ويقتلهم؟ ألا يوجد أدنى فرق بين من يطالب بحقه، وبين من يغتصب حقوق الآخرين؟ ألا يوجد أدنى فرق بين المسالم والأعزل، ومن يمسك السلاح ويطلقه في صدر من لا يملك إلا صوته؟ ألا يوجد أدنى فرق بين من يريد أن يوحد الكلمة، وبين من يريد أن يقصي الآخرين؟ ألا يوجد أدنى فرق بين من يعذب البنات والشباب والكبار، وبين المعذبين؟.
ولا تقولي أنهم ضحايا أفكارهم وعقولهم، ونحن عندما نقتل نكون ضحايا من؟.. الفرق شاسع جدًا بين الحق والضلال، فأرجوكم احترموا عقولنا وارحمونا يرحمكم الله.