رمضان في إفريقيا| طلاء جديد لبيوت سيراليون.. والكل يجتمع بـ"سوناكتي"
المواطن السيراليوني عبدالرحمن ييلا
"سوناكتي" مائدة رحمن سيراليون، لكنها جماعية المنشأ، تتشارك فيها منازل الحي أو المنطقة، ومسلمو الدولة المطلة على الأطلسي هم وحدهم من يعرفون السحور الجماعي.
عرفت الجمهورية صغيرة المساحة في غرب أفريقيا، الدين الحنيف للمرة الأولى عام 1725 من التجار العرب، وبدأ يترسخ فيها مع هجرات مسلمين من ليبيريا المجاورة ومن أعالي نهر النيجر، من قبائل السوسو والفاولا والدبالونكي والمالينكي، ومعظمهم تجار ومحاربين. غير أن التطور النوعي للوجود الإسلامي كان منتصف القرن الـ18، مع قدوم عشائر من المالنكيين أو المندينج، واستقرارهم في منطقة لوكو، ليصبح ميناءها بورلوكو قاعدة للإشعاع الديني في سيراليون، حتى المستكشفيين الغربيين اعتبروا مفردة "مندينج" معادلة لكلمة مسلمين.
كما سمعة التجار العرب، قديما، في غرب إفريقيا، اشتهر المسلمون في المناطق التي حلّوا بها بالعدل، حتى أن قبائل لا تؤمن بالإسلام كانت تطلب حكاما مسلمين، فتولى المندينج حكم (لوكو) و"الكوسو" حكم (ليمبا)، و60%، الآن، من سكان سيراليون مسلمين، يليهم المسيحيون ثم المؤمنون بعقائد محلية.
"فريتاون"، عاصمة سيراليون، التي عرفت قديمًا بتجارة الرقيق، حيث أنشأ البريطانيون مركزًا تجاريًا بها في القرن الـ17 لشراء الأخشاب والعاج، لكنه امتد للرقيق. وفي أعقاب الحرب الأهلية الأمريكية، انشأت مستعمرة على أرض سيراليون، عام 1787، لإعادة توطين المحررين من الرق. وبعد تجريم تجارة الرقيق عام 1807، أعادت بريطانيا آلاف المحررين من سفن تجار البشر إلى سيراليون، التي لم تعرف الإستقلال إلا عام 1961.
انفتاح "فريتاون" على المحيط الأطلسي واستقبالها لأعراق متنوعة، جعلها أكثر انفتاحا، مع مدن كبرى أخرى، لتعرف البهجة مع قدوم شهر رمضان، وتستعد له قبلها بأسابيع. في مصر تختفي حفلات الزواج طوال رمضان وتنطلق في أيام العيد، في سيراليون العكس، فقد ارتبط شعبان بالزواج، وفيه تعقد أفراح الزواج بدلا من أيام العيد.
يتفاوت الاستعداد للشهر الفضيل من مجرد تخزين ما يحتاجه المنزل، إلى إعادة طلاء جدرانه وتجديد بعض مكوناته، وتزيين واجهته، حسب قدرات العائلة. كما يوضح عبدالرحمن ييلا، الطالب السيراليوني في تربية الأزهر. مستطردا: الطلاء والتزيين يطال الجوامع، مع تجديد أجهزتها خلال شعبان، والمدن الكبرى تشهد أنشطة ثقافية وترفيهية في أمسيات رمضان.
خلافا للعاصمة والحواضر، لا تعرف القرى والمدن الصغيرة طقس الطلاء والتزيين، لكنها، تستحضر مع ليالي العيد الصيام بعض البهجة، حفلات غناء ورقص.
مع إعلان رؤية الهلال، تتزامن الحركة في مطابخ الحي، فأبرز ما يميز مسلمي سيراليون هو الإفطار والسحور الجماعيين، فكل أسرة توزع بعض ما طبخته على الأقارب والجيران وعابري السبيل في المساجد، ليأكل الجميع مما طهاه الجميع، وهي حالة تعرف بـ "سوناكتي" وفق "ييلا".
وعقب كل منهما ينطلقو إلى المساجد للصلاة، وبعدها تعقد جلسات تلاوة وتفسير القرآن الكريم.وتفرض الحالة المادية البسيطة للدولة والشعب قانونها على الطعام. فالوجبة الأشهر للإفطار هي بطاطس تقلى في زيت النخيل الأحمر، وقد يصحبها السمك. والسحور محوره طبق أرز.