نقيب أئمة بني سويف لـ"الوطن": أصحاب الفكر المنحرف وراء فرقة الأمة
الدكتور ماهر على نقيب الأئمة والدعاة في بني سويف
قال الدكتور ماهر علي جبر، نقيب الأئمة والدعاة في بني سويف، عميد المركز الثقافي الإسلامي، إن أصحاب الفكر المنحرف والأفكار المتشددة والمفاهيم المغلوطة، سبب فرقة وتخلف الأمة الإسلامية عن مواكبة الأمم الأخرى. ودعا في حواره مع "الوطن"، بأن يكثر المسلم من فرائض العبادات ونوافلها ليحظى بشرف القرب من الله تعالى، خلال شهر رمضان الكريم.
ما الدور المنوط بإمام المسجد أو الداعية؟
الدور المنوط بالإمام أو الداعية هو الدعوة إلى الله تعالى، والمقيدة بنص قرآني وهي أن تكون على بصيرة، والبصيرة هنا يعني بها العلم الشرعي على ضوء مصادر التشريع، مع التحلي والتجمل بفقه الخلاف والاختلاف وقبول الآخر مع المدعوين، وترسيخ قبول الرأي والرأي الآخر مع المدعوين لتوسيع الأفق، على ضوء الخروج من الخلاف مستحب، والفتوى بما يتواكب مع حال المستفتي على ضوء الواقع المعايش إعمالا لقاعدة تتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والأحوال والعوائد مع مراعاة العرف عند إصدار الفتوى عند غياب النص إعمالا لقاعدة العائدة محكمة، كما ينبغي على الإمام تقديم الأهم عن المهم ومراعاة ما هو أول بالتقديم وما هو أولى بالتأخير في القضايا الملحة والمعاصرة وخاصة القضايا التي تمس التعليم والتعلم والأمن والسلم المجتمعي والنفسي، تطبيقا لمطابقة المقال للمقام، كما أن للإمام دورا لا يقل أهمية عن الدعوة وهو مواكبة الإمام لظرفه ومجتمعه وتعايشه مع قضايا مجتمعه المحلية والمجتمعية والدولية، وذلك يتمثل في الإصلاح والصلح والسعي بين المدعوين لنشر روح التسامح والسكينة والسلام بين الناس، وأن يكون بذلك مصلحا، وتشبها بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته قبل الإسلام وبعده بأنه كان داعيا للخير والرشد والإصلاح والصلح بين الناس.
كيف ترى ظهور فتاوى دينية شاذة؟ وكيف يتم مواجهتها؟
ظهور الفتاوى على الساحة الآن بين نوعين: الأول، أصحاب المصلحة الخاصة من الجماعات والطوائف وهم الذين يطوعون النصوص حسب أهوائهم لاستخدام الدين في التسويق لفكرهم وآرائهم، ولجذب الكثير من الناس إليهم بحجة التدين، وخاصة الذين هم بمنئى عن العلم الشرعي التخصصي، أما النوع الثاني، فهو الفتوى من أهل التخصص والذكر وهؤلاء الذين قال فيهم الله سبحانه وتعالى " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، والمعني بهم في مصرنا العزيزة المؤسسة الرسمية المتمثلة في الأزهر ودار الإفتاء، ونصيحتي إلى الناس عامة وخاصة عندما يكون هناك أمرا يمس الأمن المجتمعي والأمن الدولي والذي يتعرض خلالها الناس إلى الشائعات وتزييف الحقائق ونشر الفوضى، والتي تؤثر بالسلب على الأفراد والمجتمعات نصيحتي إليهم أن يقرأوا ويتدبروا قول الله تعالى "إِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ". ففي هذه الآية إرشاد واسترشاد وتوجيه إلى الناس بأنه في حالة الاستفتاء عليهم أن يعودوا إلى أولي الأمر والمقصود بأولي الأمر هنا العلماء، أصحاب الرأي والفكر والعقل الذين يستطيعون الترجيح والموازنة بين المصالح ودرء المفاسد على ضوء العلم الراسخ البعيد عن الأهواء والتحزب والتعصب".
كثيرا ما نسمع عن الابتداع خلال الشهر الكريم.. كيف نعرف ذلك؟
البدع تخلتف من شخص في الأسلوب والأداء فهناك بدعا يظن فيها البعض أنها دينية وأن لها أصلا في الدين والإسلام، كالاحتفاء المبالغ فيه بقدوم شهر رمضان والقائم على الإسراف والتبذير والمخالطة والاختلاط غير المأمون مع ترك الواجبات والفرائض، وهذا ليس له أصل في الدين، وبدع أهل الأهواء وهؤلاء هم ضعاف النفوس الذين يقعون في الحرام الذي يضر بأنفسهم قبل الآخرين كالمدخنين أو المقصرين في أداء اعمالهم في شهر رمضان بحجة الصيام نوما وتكاسلا وإهمالا، وينتج ذلك عن السهر المبالغ فيه فيما لا ينفع أو يفيد كقضاء الوقت كله أمام التلفاز أو على المقاهي، إلا أن أخطر البدع تلك التي تأتي مع نهاية شهر رمضان، وخاصة عند ليلة العيد والتي تصل إلى شرب المنكر ظنا منهم أن العبادة انتهت بنهاية رمضان، وترويجا للنفس وإفساحا لها بعد عناء شهر وهذا إن دل يدل على جهل تام، وعدم تأثير الصوم في هذا المرتكب للذنب، ونصيحتي له هي العودة إلى الله، والتحلي بالصبر كما كان متحليا به على مدار الشهر.
ما نصيحتك للمواطنين خلال الشهر الكريم؟
النصيحة الأولى للمواطنين في شهر رمضان، هي التحلي بالصبر والتصبر عند مواجهة الشدائد وعند حلول الأزمات استنباطا من رمضان المسمى بشهر الصبر، والنصيحة الثانية هي الجد والاجتهاد في العمل بترسيخ الرقابة الذاتية على النفس استنباطا من شعيرة الصوم التي ليس فيها مراقب إلا الله، أما النصحية الثالثة هي صفاء النفوس ونقاء القلوب والدعوة إلى الوحدة والتآلف والترابط والتماسك والشعور بالآخر والتعاون استنباطا من روح شهر رمضان وهو التكاتف والتعاون والشعور بالآخر المحتاج، مع العلم بأن الفرائض فرضت للقرب من الله تعالى والنوافل شرعت للوصول إلى شرف محبته سبحانه وتعالى، لذا على المؤمن أن يكثر من فرائض العبادات ونوافلها ليحظى بالشرف العظيم والقرب من الله تعالى.
بماذا تنصح الأئمة والخطباء لمواجهة الأفكار المتطرفة؟
أولاً استشعار مبدأ الولاء والانتماء للوطن الذي ننتمي إليه ونعيش فيه، ثانيا استحضار النصوص الدالة على التيسير ونبذ التشدد والتعصب والتحزب، والعلم بأن ما وراء الفكر المنحرف أو المفاهيم المغلوطة هو التقليد الأعمى والحماس المزموم والتعصب للرأي والتحزب لجماعة، ورابعًا استقراء التاريخ للوقوف على أن التشدد والتعصب لدى أصحاب الفكر المنحرف كان السبب وراء الفرقة والتخلف والشتات للأمة الإسلامية عن مواكبة الأمم الأخرى، ورسالتي العاجلة للأئمة والدعاة هي عليهم أن يعلموا أن أشد الناس جناية على الإسلام اثنان، داع لا يحسن عرضه، وداع لا يحسن فهمه، لذا على الأئمة والدعاة التحصن بالمفاهيم الصحيحة على ضوء الكتاب والسنة والإجماع والتعايش مع روح النص وفقه الواقع، والتحلي بفقه المصالح والمفاسد وسد الذرائع، وفقه الأولويات".
ما العادات التي تعجبك خلال شهر رمضان المبارك؟
الامتثال والانصياع لسنن أمرنا بها الله في شهر رمضان وهي العكوف والاعتكاف على العلم والتعلم والدرس والمدارسة وتلاوة القرآن والمحافظة على الصلوات، والفرحة والاستبشار بشهر رمضان والاحتفال به اتصالا وتواصلا مع الآخرين، فعلى سبيل المثال الاتصال والتواصل مع المسلمين عامة والأقارب وذوي الأرحام خاصة. وأرى أن أجمل المشاهد اتصالا وتواصلا في مصرنا الحبيبة ما بين الأقباط والمسلمين وتبادل التهنئة والدعوة إلى الإفطار في الكنائس أو لدى الأخوة القساوسة والمسيحيين، وما يرى في الطرقات من بعض المسيحيين الذين يحملون الوجبات والمياه قبل الإفطار وتقديمها للصائمين.