جيل الألفية V.S المربكات الكبرى هل يحسم شباب مصر المواجهة لصالحه؟!
الجيل z يستعد لتسلم الراية لاستكمال مسيرة التنمية فى ظل التطورات التكنولوجية والرقمية
يتجه العالم بخطوات متسارعة نحو عالم جديد ملىء بالتحديات الكبيرة نتيجة التغيرات التكنولوجية المتتابعة ومستحدثات الاقتصاد الرقمى التى حدثت خلال العقود القليلة الأخيرة، وما يتزامن معها من تحولات سياسية، وتطورات كبيرة فى موازين القوى العالمية، لتدخل بعض الدول متسلحةً بالتكنولوجيا -مثل اليابان والصين- حيز المنافسة على عرش القوى العالمية مع الولايات المتحدة، وهو ما يجعل هذه التطورات بمثابة مربكات كبرى للعديد من الدول التى لم تستعد بعد لهذه التحولات الكبيرة.
وأوضح الدكتور محمود محيى الدين، النائب الأول لرئيس البنك الدولى، فى حديث سابق له، أنه على الرغم من أن هذا التغيير الذى يأتى مباغتاً متسارعاً، يُحدث إرباكاً لأنماط استقرت، إلا أنه قد يكون فى هذا التغيير منافع رغم تكاليف ينبغى تحملها فى استيعابه، مشيراً إلى أن المربكات الكبرى تشمل المستجدات المرتبطة بنقلات نوعية فى منتجات الاقتصاد الرقمى وتكنولوجيا المعلومات ومستحدثاتها.
ومن هذا المنطلق أصبح الإلمام بمتطلبات التعامل مع الذكاء الاصطناعى، شرطاً أساسياً لتطور المجتمعات والدول، ومحدداً أساسياً لتقدم هذه المجتمعات أو تخلفها فى منافسة، الفوز فيها مرهون بالتمكن من علوم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى، خاصة مع ظهور الثورة الصناعية الرابعة التى تعتمد كلياً على التكنولوجيا، وهو ما يحتاج بالتأكيد إلى رفع كفاءة العمل والإنتاج من خلال نظم جديدة للتعلم والابتكار والتطوير.
الدولة تتعاون مع المؤسسات الاقتصادية والتعليمية للتحول إلى الاقتصاد التكنولوجى الجديد
وبالتزامن مع سعى الجميع للاستعداد لتحديات «عصر المربكات الكبرى»، أعلنت مؤسسة «pwe» للأبحاث عن دراسة توضح حجم التطورات الكبيرة التى شهدها العامل البشرى على مدار خمسة أجيال متتالية قسمتها المؤسسة وفقاً لمعدل الأعمار، وهو ما أدى إلى تحولات جذرية طالت جميع المستويات؛ الاقتصادى والثقافى والاجتماعى على مدار الخمسين عاماً الماضية.
ومع وصول جيل الألفية (أحد الأجيال التى صنفتها «pwe» فى دراستها) لمرحلة البلوغ الشبابى واعتلائهم منصات القيادة بمؤسسات الأعمال عالمياً، بل ووصولهم لمناصب قيادية اقتصادياً وسياسياً على مستوى الدول، تبرز تساؤلات ذات نطاق أوسع يتعين الإجابة عنها مثل: هل يستطيع هذا الجيل مضاهاة تحديات عصر المربكات الكبرى وتسخيرها بنجاح لخدمته؟!
بالمقارنة مع الأجيال السابقة، سنجد أنه أصبح لدينا عامل بشرى ذو مهارات خاصة، وعلى قدر جيد من التعليم والابتكار، تمكنه من الصمود فى عصر تعانى فيه الكثير من الدول الصاعدة العديد من التحديات مثل تسارع وتيرة التكنولوجيا واستخدام الذكاء الاصطناعى بشكل واسع، حيث قامت مؤسسة «pwe» بتسليط الضوء على جيل الألفية الذى تتراوح أعماره بين 22-37 عاماً، مشيرة إلى أنه من أفضل الأجيال تعليماً وهو عامل مرتبط بالتوظيف والرفاهية المالية، كما أن نساء الألفيات هن أكثر عرضة للمشاركة فى القوى العاملة مقارنة بالأجيال السابقة، بجانب نجاحهن فى إزالة الحواجز العرقية، فضلاً عن أنهن أكثر قدرة على تكوين الثروات بشكل أسهل وأسرع من الأجيال السابقة.
دراسة دولية: المرأة أصبحت أكثر قدرة على اختراق سوق العمل وتكوين الثروات فى ظل المتغيرات الحالية
وعلى المستوى المحلى، تُشير الإحصائيات إلى أن نحو 40% من سكان مصر يأتون ضمن جيل الألفية، وهو ما يمثل فرصة كبيرة للولوج إلى الاقتصاد الرقمى والتكنولوجى الجديد، وتخطى عثرات عصر المربكات الكبرى، وذلك فى ظل انتشار استخدام الإنترنت والوسائل التكنولوجية الحديثة فى التعلم والتواصل وأيضاً فى بيئة الأعمال الشابة والريادية، من خلال إطلاق مشاريع جديدة من خلال تطبيقات تكنولوجيا المعلومات.
وتأتى جهود الدولة متماشية مع هذا التحول الرقمى والتكنولوجى بقيادة جيل الألفية، حيث قامت بالتوسع فى استخدام التكنولوجيا فى جميع المنصات الاقتصادية الحكومية وغير الحكومية، فضلاً عن تمكين المرأة فى بيئة العمل لتحذو حذوها فى مختلف القطاعات الاقتصادية، فضلاً عن سعى العديد من الجامعات فى مصر لتدشين أقسام خاصة بدراسات الذكاء الاصطناعى والأتمتة.
وعلى الرغم من هذه الجهود الكبيرة التى تقوم بها الدولة بالتعاون مع المؤسسات الاقتصادية والتعليمية المختلفة، إلا أن المجتمع المصرى بل والعربى أيضاً يعانى بشكل كبير من مشكلة البطالة التى تأتى فى صدر مشهد المربكات الكبرى، متأثرة بالتغيرات فى أعداد السكان وهياكلهم وتركزهم فى الحضر، الأمر الذى يحتاج إلى استثمارات متنوعة فى قواعد البيانات والبنية الأساسية للمعلومات وسياسة التطوير والابتكار، وبناء مقومات الثورة الصناعية الجديدة متمثلة فى نشر علوم الذكاء الاصطناعى واستخداماته.
وفى هذا الصدد يرى «محيى الدين» أن التكنولوجيا الجديدة ستكون الفيصل بين إمكانية الاستفادة من فرص العمل فى الاقتصاد الجديد أو هدرها، فى ظل حاجة الاقتصاد العربى لتوليد ما لا يقل عن عشرة ملايين فرصة عمل سنوياً لعلاج البطالة، حيث ستمكن هذه التكنولوجيا من سبق الشباب الماهر المؤهل فى سوق العمل وزيادة دخولهم، أما من ستفوته الفرص فسيحتاج سياسات مساندة للتدريب والعمل وكذلك نظماً جديدة للضمان الاجتماعى، وبالتالى قد يحمل الاقتصاد الرقمى تحديات، ولكنه يأتى محملاً أيضاً بمنافع كبرى لزيادة الكفاءة والتنافسية وفرص لتنويع الاقتصاد العربى ومزايا للحراك الاقتصادى لمن يكتسب مهارات التعامل معه، ومجالات تفوق الشباب فى أنشطة ومشروعات الاقتصاد الرقمى أكبر.