اللهم إني صائم.. «حلوان»: الباعة يحاصرون رواد المترو بـ«اللى يصلى عَ النبى يكسب».. وملابس العيد تملأ الأرصفة
حركة لا تنقطع على مدار اليوم بمحطة المترو
حركة لا تنقطع على مدار اليوم أمام محطة مترو أنفاق حلوان، تلك المحطة الرئيسية ضمن محطات الخط الأول لمترو أنفاق القاهرة الكبرى، يقصدها، طوال الوقت، مواطنون اتّخذوا من قطارات المترو وسيلة تنقل لهم، بينما يخرج منها آخرون، لينتشروا فى الأنحاء المحيطة بالمحطة، على وجوههم تظهر آيات التعب بعد ساعات من نهار رمضان قضوها خارج بيوتهم فى عمل أو دراسة أو قضاء حاجة من حوائج يومهم.
لم تكن محطة مترو حلوان مجرد واحدة من محطات مترو أنفاق القاهرة الكبرى، فقد تحوّلت الشوارع المحيطة بها إلى أسواق متنوّعة، كما اتّخذ سائقو التوك توك وسيارات الأجرة (التاكسى) من ذلك السور الحديدى الموازى للبوابات الرئيسية للمحطة مستقراً لهم، لم يمنعهم وجود بعض أفراد شرطة المرور فى المكان من انتظار زبائنهم الخارجين من المحطة، يحاولون الهرب من حرارة شمس الظهيرة، بإلقاء أجسادهم، وما يحملون فى أيديهم داخل «توك توك» أو «تاكسى»، لينطلق بهم من المكان فى الاتجاه الذى يريدون.
نداءات مختلفة من البائعين على أشكال متنوعة من احتياجات المواطنين، كانت أكثر المشاهد سيطرة على المكان طوال الوقت، اختلفت هذه النداءات، واختلفت البضاعة المنادَى عليها حسب المكان، الذى تباع فيه، ففى الجهة المقابلة للبوابات الرئيسية للمحطة، خلف ذلك السور الحديدى، كان بائعو العصائر الجاهزة هم أكثر الموجودين، يستقبلون الخارجين، وفى أيديهم تلك الزجاجات الكبيرة يعرضونها عليهم بسعر زهيد، 5 جنيهات للزجاجة الواحدة، مؤكدين جودتها فى نداءاتهم بتاريخ الصلاحية المدون عليها، ليلتف حولهم من حين إلى آخر بعض المشترين، فتزيد معها النداءات المتتالية، فى محاولة لجذب أكبر عدد منهم، ليكون ذلك المشهد هو أكثر المشاهد تكراراً على مدار ساعات نهار رمضان أمام البوابات الرئيسية للمحطة، إلى جانب مشهد آخر كوّنه بائعو ألعاب الأطفال الذين اتخذوا من أطراف السور الحديدى مقراً لهم يعرضون بضاعتهم على الخارجين منه.
منافذ الداخلية والقوات المسلحة تفتح أبوابها للمواطنين "دون ضجيج".. وغناء بائعى الفاكهة يجذب المارة
على يمين الخارج من المحطة، بجوار السور، كانت صورة أخرى، كوّنتها منافذ بيع وزارة الداخلية (أمان)، التى اتخذت من سور المحطة مقراً لها، ومن أمامها، فى الجانب الآخر من الشارع، كانت منافذ بيع القوات المسلحة، ممثلة فى عربات نقل كبيرة تجىء فى بداية كل يوم لتقف فى هذا المكان، وتفتح أبوابها للمواطنين حتى يقترب اليوم من الانتهاء، فتغلق أبوابها مرة أخرى، وتنطلق من حيث أتت، يعرض كل منها بضاعته من لحوم وخضراوات وغيرها، دون صخب النداءات فى الشوارع الأخرى، ومن حولهم يلتف الموطنون طوال الوقت، لشراء احتياجاتهم.
«اللى يصلى على النبى يكسب».. كانت هذه واحدة من النداءات التى تسيطر على الشارع الجانبى لمحطة مترو حلوان على يسار الخارج منها، تدل على سوق أخرى تحتوى على بضاعة مختلفة عما كان يباع فى واجهة المحطة، أو فى الجهة اليمنى منها، فكان ذلك الشارع الصغير الممتلئ عن آخره ببائعى الفاكهة يعرضون بضاعتهم وينادون عليهم بأسلوب غنائى يجذب إليهم المارة، لم يبدُ عليهم تعب نهار رمضان كما هو بادٍ على المارين من أمامهم، فأصواتهم المرتفعة وحركاتهم الخفيفة والسريعة كانت تميزهم عن غيرهم وتساعدهم على بيع أكبر كم من بضاعتهم المرصوصة أمامهم.
مع اقتراب انتهاء شهر رمضان، كان ثمة مشهد جديد بدأ فى الظهور أمام محطة مترو حلوان، تمثل فى بيع «ملابس العيد» بما يتناسب مع هذه الأيام الأخيرة من الشهر الكريم، ومثل غيرها، ارتفعت النداءات عليها فى ذلك الشارع الكبير المواجه للمحطة، بعدما افترش عدد من البائعين بضاعتهم فى وسط الشارع، وعلى جانبيه، كما أخرجت المحلات، فى هذا الشارع وفى غيره من الشوارع المحيطة، الملابس تعرضها أمام المارة، إلا أن البيع فى نهار رمضان لهذه البضاعة لم يكن فى أحسن حال، فبينما كثر المشترون عن غيرهم من البائعين، فقد قل عدد المترددين عليهم، إلا أن ذلك لم يؤثر على طريقتهم فى النداء على ما يبيعونه، وظلوا يردّدون نداءاتهم بأصوات مرتفعة.
وسط هذا الصخب الذى لا يهدأ فى محيط محطة مترو أنفاق حلوان خلال نهار رمضان، وبين هذا العدد الكبير من البائعين لبضاعات مختلفة، منها ما هو ضرورى للخارج من المحطة، ومنها ما هو غير ضرورى، كانت الشوارع المحيطة بالمحطة يسيطر عليها فعل آخر يتم فى صمت يناسب ذلك الوقت من اليوم بالنسبة لمن يقوم به، تمثل ذلك فى محلات الأكل المنتشرة فى ذلك المكان، وكذلك محلات العصير، كانت كلها تقوم بالفعل نفسه، تجهيزات داخلية وخارجية، استعداداً لوقت الفطار بعد سويعات، فمن الداخل كانت المحلات مشغولة بتجهيز بضاعتها التى لن تباع إلا مع أذان المغرب أو قبله بقليل، بينما من الخارج كان بعض العمال يقومون بحملات تنظيف واسعة، فضلاً عن تجهيز الفروشات التى يضعونها أمام المحلات ليضعوا عليها بعد ذلك بعض بضاعتهم يعرضونها أمام المارة، ومع مرور الوقت واقتراب موعد الإفطار تقل هذه الأعمال شيئاً فشيئاً، ويبدأ المارة فى التردّد على هذه المحلات، لشراء بعض ما يريدون.