العالم يحارب المعلومات المغلوطة بـ«منصات إلكترونية ونصوص تشريعية»
أعضاء فريق «Africa Check»
مواجهة خطر انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة حول العالم له أكثر من آلية وطريقة للتعامل مع هذا الملف الملتهب، الذى قد يقود إلى نتائج كارثية قد تؤدى لانهيار دول واشتعال حروب، ففى مصر على سبيل المثال تتعدد أنشطة مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، وتشمل «وحدة الرد على الشائعات» التى تصدر تقارير لنفى الشائعات المنتشرة سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعى أو المنصات الإلكترونية غير المسئولة، بعد تواصل المركز مع الجهات المعنية بالوزارات، فيما يسعى أعضاء مجلس النواب حالياً لإعداد مشروع لتغليظ عقوبات مروجى الشائعات، بجانب المحاولات الشبابية التطوعية عبر المنصات الخاصة بهم.
وعلى مستوى العالم العربى، تخصص كل دولة جهة رسمية للرد على ما يتداول من أخبار غير حقيقية، فالسودان مثلاً لديها الهيئة الشعبية لمكافحة الشائعات، بينما تخصص وزارة الداخلية العراقية قسماً لمحاربة الشائعات عبر صفحة رسمية بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، أما السعودية فلديها موقع يحمل اسم «هيئة مُكافَحة الشائعات» هو مشروع مستقل تم إنشاؤه عام ٢٠١٢، للتصدى للشائعات والفِتن واحتوائها حتى لا تُشكل ضرراً على المُجتمع من خلال نشر الوعى وتوضيح الحقيقة بالمصادِر الرسمية.
وفى القارة السمراء تم إطلاق أول منظمة مستقلة لتقصى الحقائق وهى «Africa Check» عام 2012، وهى منظمة غير ربحية ومستقلة لها مكاتب فى جوهانسبرج ونيروبى ولاجوس وداكار ولندن، وتصدر تقارير باللغتين الإنجليزية والفرنسية، وتأسست للتأكد مما يتداول عبر وسائل الإعلام فى أفريقيا.
ويقع مقر Africa Check الرئيسى فى جوهانسبرج بقسم الصحافة فى جامعة ويتواترسراند، ويعتمد على فريق عمل للتحقق من الوقائع، وفى أكتوبر عام 2015 أصبح لدى الموقع فريق لتقصى الحقائق مقره فى مدرسة EJICOM للصحافة فى داكار السنغالية، ويعملون بالتنسيق مع مدير المشروع والفريق المالى فى لندن، بجانب مكاتب إقليمية فى لاجوس بنيجيريا ونيروبى وكينيا.
أفريقيا بدأت عن طريق "Africa Check".. والصين تواجه بـ"بياو" والسجن 7 سنوات
وفى الولايات المتحدة، هناك موقع «Snopes» لفحص الحقائق، ويرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1994، حيث حقق فى الأساطير الحضارية والخداع والفولكلور، وكان المؤسس ديفيد ميكلسون، الذى انضمت إليه زوجته لاحقاً، ينشر عبر الإنترنت قبل اتصال معظم الناس بالإنترنت، ومع تزايد الطلب على التحقيقات الموثوقة، نمت Snopes، وهى الآن أقدم وأكبر موقع لتقصى الحقائق على الإنترنت، حيث يعتبره الصحفيون والفلكلوريون والقراء فى أنحاء العالم، رفيقاً بحثياً لا يقدر بثمن.
وعام 2017، أطلقت الحكومة الألمانية موقعاً إلكترونياً على شبكة الإنترنت، اسمه «حقائق للمهاجرين»، لمواجهة الشائعات والأخبار الكاذبة بشأن اللجوء فى ألمانيا، وتُنشر المعلومات على الموقع باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية.
وقالت وزارة الخارجية الألمانية، فى بيان بمناسبة إطلاق الموقع: «نريد الحيلولة دون هجرة أفراد فى أوضاع صعبة وهم فى مخيلتهم تصورات حالمة وتوقعات خاطئة، لذلك نواجه الشائعات المتأججة بمعلومات موضوعية»، وتضمن البيان أن أهم أهداف الحملة هو عدم ترك المجال للمهربين لنشر شائعات عن اللجوء فى ألمانيا على الإنترنت.
ويعد الموقع جزءاً من حملة لمكافحة المعلومات المغلوطة عن اللجوء فى ألمانيا انطلقت عام 2015 بنشر لافتات كبيرة ودعاية فى الحافلات ومدونات وبرامج إذاعية وتليفزيونية للتوعية بالشائعات فى أفغانستان وباكستان وشمال وغرب أفريقيا، وعلى مستوى القانون بدأت ألمانيا بتطبيق قانون جديد يُلزم مواقع التواصل الاجتماعى باتّخاذ إجراءات حاسمة لإزالة الأخبار الكاذبة التى تحرّض على الكراهية.
وفى ظل التوجه الأوروبى لمحاربة الأخبار الكاذبة، أعلن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، أنه سيعدّل قانون الإعلام لمحاربة انتشار «الأخبار الكاذبة»، معتبراً أنّ ترويج الأخبار الكاذبة عبر منصّات وسائل التواصل الاجتماعى، خطر يهدّد الديمقراطية والسياسات الداخلية للدولة.
وفى القارة الصفراء أطلقت الصين منصة إلكترونية تشمل تطبيقاً للهواتف المحمولة، تحمل اسم «بياو» تتيح للمواطنين الإبلاغ عن الشائعات على الإنترنت، وتستخدم الذكاء الاصطناعى للتعرف إلى التقارير الكاذبة، فى إطار حملة بكين على ما تعتبره محتوى مزعزعاً للاستقرار، وعبر هذه القنوات، تبث منصة بياو أخباراً حقيقية مصادرها تقارير من وسائل إعلام تملكها الدولة وصحف محلية، وتقضى القوانين الصينية بمعاقبة مروجى الشائعات بالسجن لمدة تصل إلى 7 سنوات. وأقرّت ماليزيا قانوناً حول الأخبار الكاذبة يسمح بسجن المخالفين لمدة تصل إلى ست سنوات، فى خطوة تعدّ تجاهلاً لمنتقدى القانون الذين يقولون إنه يهدف إلى التضييق على المعارضة وحرية التعبير قبل الانتخابات العامة.