«قمح المصاطب».. 30% زيادة فى إنتاج الفدان وخفض كبير فى المياه وتكاليف الزراعة
نتائج مبهرة لزراعات «المصاطب» بطرق الرى الحديثة وتشمل القمح والقصب والذرة
طفرة كبيرة حققتها زراعات القمح بالسلالات الجديدة المقاومة للتغيرات المناخية فى صعيد مصر، بزيادة إنتاجية كبيرة وبأقل التكاليف، من خلال استخدام الأساليب الحديثة «المصاطب»، فضلاً عن ترشيد استهلاك المياه المستخدمة فى عمليات الرى لزراعات القمح التقليدية، فى مؤشر على توسع استخدام تلك الأصناف الجديدة، التى تتم معالجتها فى مركز بحوث الزراعات الحقلية، وتبنى عدد كبير من المزارعين لها، ضمن خطط الدولة للحفاظ على الزراعات الاستراتيجية، إضافة إلى خطط التوسع فى الإنتاج الزراعى أفقيا ورأسياً.
«الوطن» التقت عدداً من المزارعين الذين تخلوا عن السلالات القديمة من القمح، وبدأوا فى تطبيق أسلوب زراعة «المصاطب» بسلالة جديدة من التقاوى، استقدمها القائمون على مشروع «التغيرات المناخية» فى محافظات جنوب الصعيد، حيث أبدى جميعهم سعادتهم بتلك التجربة، معتبرين أنها أثبتت نجاحاً غير مسبوق، يتمثل فى زيادة إنتاجية الفدان بنسبة تصل إلى 30% مقارنةً بسلالات القمح القديمة.
"أبوالعباس": الإنتاج وصل 25 إردب قمح للفدان.. و"على": التجربة ناجحة وعممتها فى كل زراعاتى
«غلال ثقيلة زى الرمل، عيشه أبيض وجميل، إنتاج لم نشاهده من قبل فى أراضينا»، هكذا وصف «أبوالعباس مصطفى على»، أحد المزارعين من مركز فرشوط، الذين استهدفهم مشروع «التغيرات المناخية»، مؤكداً أنه عندما بدأ العمل مع المسئولين فى المشروع، قام بزراعة 12 قيراطاً فقط فى العام الأول، وبلغت إنتاجية السلالة الجديدة نحو 13 إردباً، وهو أعلى معدل إنتاجية يحصل عليه، وبعد ذلك قام بتوسعة زراعاته بسلالة القمح الجديدة، المعروفة باسم «جيزة 171»، إلى فدان ونصف حالياً، وشرح طريقة زراعة القمح على «المصاطب» بقوله إنها «طريقة سهلة جداً، تبدأ أولاً بحرث الأرض وتقسيمها فى شكل مصاطب طولية على طول الغيط، على حسب مجرى المياه، ثم نقوم بنثر تقاوى الغلال الجديدة من السلالة جيزة 171، التى نحصل عليها من مركز البحوث، ثم نقوم بغرسها فى التربة بواسطة فأس صغيرة، على عكس الزراعة بالرش، ثم يتم بعد ذلك رى الأرض»، وأضاف أنه أثناء تسميد الزراعة يتم تلقيم الغرس المنبت بالأيدى، لضمان وصول المخصبات جميعها إلى النبات.
وتابع «أبوالعباس» بقوله إن إحدى أكبر الميزات فى زراعة هذه السلالة بأسلوب «المصاطب»، تتمثل فى ترشيد استهلاك مياه الرى، حيث يتم الرى بواسطة قنوات صغيرة، بدلاً من الرى بالغمر فى الزراعة التقليدية، الذى يستهلك كمية كبيرة من المياه، كما يؤدى إلى الإضرار بالنبات فى حال عدم المتابعة، كما أن زراعة المصاطب تضمن مكافحة الحشائش والتخلص منها بسهولة، كما أن النبات ينمو بشكل جيد وحيوى، ولا يكون هزيلاً مثل الزراعة بطريقة الرش، حيث تكون أعواد القمح ضعيفة، ولا يمكنها مقاومة الرياح والعوامل الجوية الأخرى، ما يؤدى إلى نقص الإنتاج، وأضاف أنه عند حلول موسم الحصاد، كانت زراعات القمح على المصاطب أكثر طولاً مقارنةً بجيرانها من الزراعات التقليدية، التى توارثها الفلاحون عن آبائهم وأجدادهم، حيث يتم حصاد المحصول وتربيطه فى حزم، ثم يتم نشرها فى الشمس لبضعة أيام، وأكد أن «الإنتاج كان أكثر من المتوقع»، حيث إن إنتاجية الفدان الواحد بلغت نحو 25 إردباً، على عكس الزراعات القديمة، التى يتراوح إنتاج الفدان فيها بين 10 و15 إردباً، كما أن إنتاج القش «التبن» كان وفيراً، حيث يستخدم كعلف للماشية.
"عبدالرحيم": أدعو المزارعين للتخلى عن أساليب الزراعة التقليدية لارتفاع تكلفتها وضعف الإنتاجية
أما «محمد على»، أحد المزارعين من أبناء محافظة قنا، فقال إنه قام بزراعة السلالة الجديدة من القمح «جيزة 171» بطريقة المصاطب، التى حققت لها زيادة كبيرة فى الإنتاج، حيث بلغ حجم إنتاجية الفدان الواحد نحو 27 إردباً، كما أن المحصول يتميز بأنه من أجود وأنقى أنواع الغلال، موضحاً أن الرى بطريقة المصاطب ساعد أيضاً فى زيادة كفاءة استخدام الأسمدة، خاصةً «الآزوتية»، حيث تقلل من عملية غسل السماد، نتيجة إحكام الرى، وتقليل كميات المياه المستخدمة، بما يضمن استفادة النبات بأكبر نسبة من المخصبات المستخدمة، دون إهدارها كما يحدث فى طريقة الرى بالغمر، وأضاف «على» أن كمية التقاوى اللازمة لزراعة الفدان بطريقة المصاطب تتراوح بين 30 و45 كيلوجراماً، على عكس طريقة الزراعة التقليدية بالرش، التى تتطلب نحو 100 كيلوجرام للفدان، ما يجعل قوام عود القمح قوياً، لوجود مسافات بين النباتات، كما أنها تساعد فى تقليل مياه الرى بنسبة تصل إلى أكثر من 30%.
ونصح «على عبدالرحيم»، مزارع من مركز فرشوط، جميع المزارعين باستخدام أساليب الزراعة الحديثة لمواجهة التغيرات المناخية، التى تؤدى إلى ضعف إنتاجية كثير من المحاصيل، مشيراً إلى أنه فى بعض الأحيان تكون درجات الحرارة أعلى من معدلاتها الطبيعية، سواء فى الصيف أو الشتاء، ما يؤثر على موسم الزراعة، وشدد على قوله: «علينا أن نستخدم السلالات المعالجة والمقاومة للتقلبات الجوية»، وأضاف بقوله: «أستخدم السلالات الجديدة منذ 4 سنوات، وقد قمت بتعميم التجربة فى جميع زراعاتى، خاصةً القمح وقصب السكر والذرة الرفيعة»، مشيراً إلى أنها ساعدت على زيادة إنتاجية جميع هذه المحاصيل، لافتاً إلى أن بعض المزارعين كانوا يتخوفون من فشل هذه التجربة، ولكن بعدما شاهدوا بأنفسهم الزيادة الكبيرة فى الإنتاجية، لجأ عدد كبير منهم إلى استخدام السلالات الجديدة من التقاوى، وإلى زراعة القمح بطريقة المصاطب، داعياً غيره من المزارعين إلى سرعة التخلى عن الزراعة التقليدية، بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج بها، بالإضافة إلى ضعف المحصول الناتج عنها، خاصةً فى ضوء عدم الاستقرار فى الأحوال الجوية.