النهضة التكنولوجية تبدأ من كفر الشيخ
كلية الذكاء الاصطناعى بجامعة كفر الشيخ
فى تأكيد على اهتمام الدولة المصرية والقيادة السياسية والتنفيذية على اقتحام الثورة الصناعية الرابعة، والاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعى، التى باتت تتحكم فى أغلب مسارات الحياة الآن، جاء قرار المجلس الأعلى للجامعات، فبراير الماضى، بإنشاء أول كلية للذكاء الاصطناعى فى الشرق الأوسط، بجامعة «كفر الشيخ»، للبدء فى صناعة جيل قادر على التميز والإبداع ومواكبة التطور. ولعل اتخاذ أول خطوة من جامعة إقليمية، وليس من إحدى جامعات القاهرة الكبرى، يشير إلى أن الدولة عازمة على أن ينال كل أبناء الوطن نصيبهم من خطة التطوير والسعى نحو التقدم، فالكلية تسهم فى تلبية متطلبات أبناء المحافظة، ومحافظات الدلتا المجاورة، التى تواجه حالياً مخاطر كثيرة، بفعل التغيرات المناخية.
بمجرد أن تطأ قدماك جامعة كفر الشيخ، ستجد مبانى عصرية فريدة مجهزة بقدرات ومقومات تعليمية وفقاً للمعايير الدولية، وعلى مقربة من البوابة الرئيسية للجامعة، تحديداً بجور مبنى «ب» التابع لكلية الزراعة، يقابلك صرح كبير لا مثيل له فى مصر، هو مبنى أول كلية لـ«الذكاء الاصطناعى»، مكون من 7 طوابق، ويضم نحو 11 قاعة ذكية تتسع كل واحدة منها لعدد 200 طالب، بالإضافة إلى 3 معامل لأساسيات الكمبيوتر، و3 معامل «روبوتكس مواد ذكية»، ومعملين للتعلم العميق، وهو مجال يتناول إيجاد نظريات وخوارزميات تتيح للآلة أن تتعلم بنفسها عن طريق محاكاة الخلايا العصبية فى جسم الإنسان، ومعملين آخرين لنظام الأمان داخل الكلية، وقاعة للكمبيوتر العملاق، وعدد من المعامل لطاقة البيانات العملاقة، التى ستعمل عليها الكلية، ومعمل للداتا سنتر فى كل دور، بجانب مدرجين، يسع كل منهما 700 طالب، ومدرجات إضافية فى مبنى مجاور للكلية، ومكاتب أعضاء هيئة التدريس، وأخرى إدارية وخاصة بشئون الطلاب.
"الوطن" داخل أول كلية فى الشرق الأوسط لـ"الذكاء الاصطناعى"
«برمجة الآلة واسترجاع المعلومات»، و«الروبوتات والآلات الذكية»، و«تكنولوجيا أنظمة الشبكات المدمجة»، هذه أقسام الكلية الجديدة، وفقاً للدكتور أسامة أحمد، عميد كلية الحاسبات والمعلومات، المشرف على الكلية حالياً، التى ستفتح أبوابها أمام طلاب الثانوية العامة للعام الدراسى 2019/2020، مؤكداً أن الجامعة تستهدف بإنشاء الكلية تلبية احتياجات المجتمع والتغلب على تحديات المستقبل فى مجالات العلوم المتقدمة، للتعامل بكفاءة عالية مع جميع متطلبات المستقبل الرقمى، وأوضح أن هناك استثماراً أفضل للإمكانيات المتاحة ستشهده الكلية.
وقال أحمد لـ«الوطن»، إن الكلية تحتوى على عدد من المعامل المتخصصة ذات التقنيات العالية فى مجال الذكاء الاصطناعى، مضيفاً أن الجامعة تعاقدت على 3 كمبيوترات ذكية عملاقة سيتم وضعها فى 3 معامل كبرى موزعة على 3 أدوار، لافتاً إلى أنه سيتم استخدامها فى برمجة الروبوتات والإنسان الآلى وحفظ المعلومات الكبيرة المعقدة وتحليلها. وأكد أن الكلية ستتميز بوجود الثلاثة أجهزة وهى غير موجودة فى أفريقيا والشرق الأوسط، موضحاً أن الطلاب من خلال استخدامهم للمعامل الذكية والكمبيوترات العملاقة سيتفوقون بأفكارهم على الكثير من الطلاب الأجانب، نظراً لـ«تميز طلابنا بالذكاء الفطرى». وبشأن نظم الأمان وأعمال الصيانة، أوضح المهندس أحمد فريد، المشرف العام على الأمن الصناعى بالكلية، أنها تضم عدداً من نظم الأمان والحساسات الدقيقة والمراقبة الحديثة تم تركيبها فى الفترة الماضية، مؤكداً أن الكلية صممت وفقاً لأحدث النظم العالمية، وبها معلمون لنظم الأمان ومتابعته، فضلاً عن الاستعانة بكبرى الشركات المتخصصة فى أعمال الصيانة وغيرها، كما أن تصميمات المعامل جاءت وفق أحدث النظم العالمية المختصة بتصميمات إنشاء الكليات، وأضاف فريد لـ«الوطن» أن تصميم إنشاء الكلية جاء فريداً من نوعه، لافتاً إلى أن التصميمات شملت الخطة المستقبلية لتطوير قطاع شئون الطلاب والأعمال الإدارية، حيث إنه من المخطط فى القريب العاجل أن تدخل تقنية الذكاء الاصطناعى فى تطوير القطاعات الإدارية بالكلية.
"أحمد": قاعات ذكية للدراسة وكمبيوترات عملاقة للبرمجة ومعامل "روبوتكس"
وبشأن استخدام تطبيقات كلية الذكاء الاصطناعى فى المجال الطبى، قال الدكتور حسن يونس، نائب رئيس جامعة كفر الشيخ للدراسات العليا والبحوث، إن أدوات الطب تتطور بسرعة كبيرة مع مرور الأيام، وبالتزامن مع التطور التكنولوجى، موضحاً أنه لا بد من الاستفادة من تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، التى بدأت ملامحها تلوح فى أفاق التشخيص والعلاج الآلى، وأيضاً اكتساب مهارات فى مجال التطبيقات الطبية للذكاء الاصطناعى والنانو تكنولوجى باستخدام أجهزة ومواد وبرامج ذكية، ولفت إلى أنه لم يكن مستبعداً أن يصبح الطبيب فى المستقبل برنامجاً معلوماتياً، كما أن استخدام الذكاء الاصطناعى بكثرة فى التغلب على بعض الأمراض المزمنة أصبح مسألة وقت فقط.
"فريد": المبنى يوافق أحدث النظم العالمية.. ونستهدف استخدام التقنيات فى شئون الطلاب
وأشار يونس إلى توصل علماء يابانيين إلى اكتشاف نظام يعمل بالذكاء الاصطناعى قادر على تحديد سرطان الأمعاء فى أقل من ثانية، وأيضاً يمكن معالجة آلام العظام والعضلات وتحسين القدرات العقلية بمساعدة روبوتات نانونية متناهية الصغر تحقن داخل جسم الإنسان لإصلاح الضرر أو التلف الذى قد يلحق الخلايا أو العضلات والعظام، منوهاً ببدء العلماء فى استخدام أجهزة الكمبيوتر العملاقة الحديثة وأنظمة التعلم للتنبؤ بسلوك الجزيئات لصنع أدوية مفيدة مما يوفر الوقت والمال والاختبارات، وتابع أن جامعة كفر الشيخ إحدى الجامعات الحكومية الوليدة، التى لا يتجاوز عمرها العقدين، لكنها جاءت كأفضل جامعة مصرية لعام 2018، منوهاً بأنها احتلت رقم 601 على مستوى العالم، والأولى على الجامعات المصرية فى تصنيف «التايمز» البريطانى العالمى، وأوضح أنها تضم عدداً من المبانى العصرية الفريدة المجهزة بقدرات ومقومات تعليمية ومرافق داعمة للعملية التعليمية «ترفيهية، صحية، تغذية، إقامة، ملاعب رياضية»، بالإضافة إلى المسطحات الخضراء، ما جعلها تبدو كمنتجع سياحى وبيئة جامعية صديقة للبيئة المستدامة، ومحفزة على الإبداع والابتكار. وبشأن مشاركة الجامعة فى خدمة قطاع البيئة، أوضح يونس أنه فى عام 2013 أنشئت كلية «علوم الثروة السمكية والمصائد» بهدف استيعاب التقنيات الحديثة فى مجال الاستزراع والتصنيع السمكى، بجانب زيادة إنتاجية الثروة السمكية كقطاع مهم فى الاقتصاد القومى، وتطوير وتنظيم آليات الصيد، وذلك لأن المحافظة تنتج أكثر من 40% من الأسماك فى مصر، بالإضافة إلى إنشاء معهد «اكتشاف وتطوير الدواء»، الذى يعد أول معهد بحثى تطبيقى فى هذا المجال فى مصر والمنطقة العربية، بهدف تقليل الفجوة فى تقنية تصميم وتطوير الدواء، لمجابهة التحديات وبناء بيئة لرعاية البحوث المتميزة، وتحويلها إلى عقاقير ومستحضرات صيدلية، وتابع أنه تم أيضاً إنشاء معهد «النانو تكنولوجى»، نظراً لأنه أحد علوم المستقبل وأهميته بالغة وتطبيقاته مطلوبة فى المجالات الصحية والهندسية والبيئية، مؤكداً أنه سيكون هناك ارتباط وثيق بين معهد «علوم النانو» وكلية الذكاء الاصطناعى، وأن الجامعة بتلك الكلية ستحدث نقلة شاملة لقطاع التعليم الجامعى فى مصر بالكامل، مشيداً بإصرار القيادة السياسية على اتخاذ هذه الخطوات المهمة والإجراءات التى تستهدف بشكل أساسى رفع شأن التعليم المصرى.