أنقرة تحقق مع مسؤولين أمريكيين للاشتباه بتورطهم في الانقلاب
صورة أرشيفية
ذكر موقع "نورديك مونيتور" السويدي، أنّ تركيا بدأت تحقيقًا جنائيًا سرا مع مسؤولين أمريكيين وشركة "لوكهيد مارتن" الأمريكية، للاشتباه بتورطهم في محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا بالعام 2016.
وقال في تقرير، إنّ المدعي العام التركي بدأ تحقيقًا جنائيًا مع المسؤولين الأمريكيين وممثلي شركة لوكهيد مارتن الأمريكية، بشأن دورهم المزعوم في محاولة انقلاب عام 2016، حسب ما كشفت وثائق سرية حصل عليها "نورديك مونيتور".
وأضاف الموقع السويدي أنّ "سردار كوسكون المدعي العام التركي في أنقرة، الذي اكتسب سمعة سيئة لملاحقته معارضي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمر هيئة الأركان العامة، بالكشف عن المعلومات حول اجتماعات المشتريات الدفاعية التي عقدت في أنقرة في يوليو 2016، وفي مذكرة قانونية قدمت في 27 يوليو، كتب كوسكون أنّ الاجتماعات التي اجتمع فيها المسؤولون الأمريكيون مع موظفي شركة "لوكهيد مارتن"، ربما تكون جزءًا من حركة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016، وقال إنّه يريد أنّ يبحث في تفاصيل الاجتماعات بما في ذلك محتوى المناقشات وهوية المشاركين.
وتابع الموقع السويدي قائلا: "لم تكن الاجتماعات بين المسؤولين الأتراك والأمريكيين في الفترة 12 حتى 13 يوليو 2016 غير عادية، بل كانت ذات طبيعة فنية عسكرية وجزءًا من برنامج تحديث للطائرات المقاتلة التركية من طراز (إف 16)، وتم التخطيط لها لفترة طويلة وتم تنظيمها كجزء من اتفاق ثنائي تم توقيعه بين تركيا والولايات المتحدة في 26 أبريل 2005، والذي كان من المقرر أنّ ينتهي في العام 2020، ومع ذلك أدت تعليمات المدعي العام التركي إلى سلسلة من الاتصالات بين الوكالات الحكومية، بما فيها الجيش ومكتب المدعي العام، وفي 1 أغسطس 2016، جمع دينثر أورال، وهو عميد ومستشار قانوني للأركان العامة، المعلومات المتعلقة بالوفد الأمريكي من قيادة القوات الجوية ووزارة الدفاع وأرسل الوثائق إلى مكتب المدعي العام على النحو المطلوب، وأُحيلت هويات المواطنين الأمريكيين ونظرائهم الأتراك ومحاضر الاجتماعات وبيانات الطائرات الحساسة، إلى مكتب المدعي العام لاتخاذ مزيد من الإجراءات".
وأشار الموقع السويدي إلى أنّه "وفقًا لعشرات الوثائق السرية التي اتطلع عليها (نورديك مونيتور)، كان الاجتماع الأول في 12 يوليو عبارة عن مناقشة بين القوات الجوية التركية ومسؤولي الحكومة الأمريكية بشأن ترقية رادار للطائرات الحربية من طراز بلوك 30 إف -16 في قائمة القوات الجوية التركية، وكان سلاح الجو يبحث في إمكانية الحصول على أنظمة دفاع جوية حديثة، واستمرت المفاوضات بين المسؤولين الأتراك والأمريكيين بشأن هذه الترقية منذ سبتمبر 2013، وشارك جون فيلبين رئيس مكتب الأعمال الجديد لبرنامج نظام (إف 16) في قاعدة رايت باترسون الجوية، وراندي بلكارد من نفس المكتب، وترأس الوفد التركي العقيد كادركان كوتاس، الذي كان آنذاك رئيسًا لقسم إدارة البرامج في قيادة القوات الجوية".
وأضاف الموقع السويدي أنّ محضر الاجتماعات أشار إلى أنّ المسؤولين الأمريكيين تحدثوا عن مختلف الطلبات التركية لتحديث طائرات "إف 16"، بالتعاون مع شركة الدفاع الأمريكية "رايثيون".
وأعرب الجانب التركي عن خياراته المفضلة والطرق التي أرادوا المضي بها في عملية التحديث، في حين شرح المسؤولون الأمريكيون الإجراءات وكيف يمكنهم التوسط فيها وعمل قائمة بالمبيعات بين شركة "رايثيون" والقوات الجوية التركية، وتخضع تلك المبيعات لضوابط التصدير، والموافقات السابقة من الولايات المتحدة.
وحثّ المسؤولون الأمريكيون الجانب التركي على التحدث مع شركة رايثيون، قبل صياغة خطاب طلب المشتريات، ودراسة خيارات التكلفة لمختلف الترقيات المزمع إجراءها على أنظمة الطيران ومواعيد تسليم الدراسة.
وتابع "نورديك مونيتور" قائلا: "تم طرح المزيد من المقترحات على الطاولة خلال الاجتماع، وصرح العقيد التركي بأنّ سلاح الجو كان مهتمًا بشكل خاص بترقية نظام (سليب) من أجل تقليل وقت توقف الطائرات، وتم إدراج تكلفة الترقية، كما عرضها الجانب الأمريكي، بمبلغ 738 مليون دولار، والتي قال الوفد التركي إنّها ستناقشها مع القيادة السياسية، وكانت هناك أرقام تقديرية أخرى لخيارين آخرين قدمتهما الولايات المتحدة، وتحوّل النقاش في مرحلة ما إلى ما إذا كان يمكن للمسؤولين الأمريكيين خفض التكلفة وتعديل الأسعار وفقًا للطلبات التركية، وتم عقد الاجتماع الثاني الذي كان المدعي التركي يتطلع إليه لإجراء تحقيق جنائي في 13 يوليو بمشاركة مسؤولين حكوميين أتراك وأمريكيين، إضافة إلى ممثلين عن شركة الدفاع الأمريكية لوكهيد مارتن، وتم التركيز في الاجتماع على الطلبات التركية لإنشاء مختبر تطوير نظام (سليب)، وتطوير إعادة البرمجة داخل البلاد لاستيعاب الأجزاء المنتجة محليًا لبرنامج F-16 الجوي".
وأضاف "نورديك مونيتور": "حضر الاجتماعات جريج بيرنز مدير برنامج تركيا لشركة لوكهيد مارتن، وتوم كرامب مهندس أنظمة لدى شركة لوكهيد مارتن، وترأس الوفد الكولونيل كوكسال عيسوي من قسم إدارة البرامج في مقر القوات الجوية التركية، والكولونيل سيلسكو كوكور كاباساكال رئيس القسم في فرع إدارة نظام (إف 16) بوزارة الدفاع، ويُظهر محضر الاجتماع الذي اطلعت عليه نورديك مونيتور، أنّ الوفد ناقش خيارات ترقية المعدات والبرامج وصيانتها لمختلف مكونات طائرات (إف 16)، وكانت المحادثات مفصلة للغاية وفنية، وتركزت على تلبية طلبات القوات الجوية التركية".
وأشار الموقع السويدي إلى أنّه "بدأ التحقيق الجنائي بعد أنّ ذهب شرطي تركي كان يؤدي واجبه العسكري الإلزامي بمكتب "أو دي سي" في الشرطة التركية، وأدلى ببلاغ إلى وحدة مكافحة الإرهاب، وأيضًا صرح صاربر كايا يازجنوجلو، وهو مواطن تركي يبلغ من العمر 30 عامًا، للشرطة التركية في 20 يوليو 2016، بأنّه يشتبه في أنّ الاجتماعات التي عقدت بين المسؤولين الأتراك والأمريكيين كانت جزءًا من خطة لشن الانقلاب في تركيا.
وكان يازجنوجلو وهو مدرس حاليا، يعمل عريفًا في وحدة الحراسة في القاعدة التي استضافت مكتب "أو دي سي"، وقال إنّ أسماء الزوار قُدمت إلى مكتبه مسبقًا، وأنّه طهرها بناءً على قائمة المكتب السابق، وقال إنّه سجل أسماء المسؤولين الأتراك والأمريكيين الذين حضروا الاجتماعات وتم الاشتباه في أنّهم شاركوا في الانقلاب.
وتابع الموقع السويدي: "كانت الاجتماعات قانونية تمامًا وأُجريت بموجب الاتفاقية الموقعة بين تركيا والولايات المتحدة في عام 2005، إذ تم وضع الاتفاقية بناءً على خطاب طلب تركي بشأن الحفاظ على ترقية أسطول طائرات (إف 16) والذي تم الرد عليه في رسالة الطلب والقبول الموقّعة من اللواء جون ل. هدسون، نائب مساعد وكيل القوات الجوية الأمريكي في ذلك الوقت، في 30 مارس 2005، ووقع يالسين أتامان نائب وكيل وزارة الدفاع التركي، الاقتراح في 26 أبريل 2005 نيابة عن الحكومة التركية، وتم طلب عقد الاجتماع الثاني الذي عقد في 13 يوليو من قبل الجانب التركي وفقًا لوثيقة أخرى بتاريخ 12 نوفمبر 2015 وموقعة من الجنرال الأمريكي أكوي، الذي أشار إلى اتفاق عام 2005 وشرح لماذا يحتاج الجانب التركي لطرح اقتراح بشأن السعر وتوافر الترقيات التي طلبها من مسؤولي الحكومة الأمريكية وموظفي شركة لوكهيد مارتن".
وزاد الموقع: "في الواقع تحتوي الوثيقة على ملحق في شكل مسودة اقتراح من سلاح الجو، لتقديمه إلى حكومة الولايات المتحدة، كما يتحدث عن اجتماع إعلامي على غرار الاجتماع الذي عُقد في يوليو 2016، والذي عقد في 16 سبتمبر 2015، واتبعت إجراءات مماثلة لاجتماع 12 يوليو أيضًا، وأعدّ الجانب التركي مسودة رسالة، وذلك وفقا للوثائق المُطلع عليها".
واختتم الموقع السويدي تقريره: "لا تكشف الوثائق عما حدث في التحقيق الجنائي أو إذا واصل المدعي العام كوسكون تقديم التهم، ومع ذلك كان بيان وزارة الدفاع واضحًا في استنتاجه بأنّ الاجتماعات لا علاقة لها بمحاولة الانقلاب، وأنّها كانت جزءًا من الأحداث الدورية المعتادة، ومع ذلك، فإنّ هيئة الأركان العامة ووزارة الدفاع تشاركت جميع المستندات السرية مع مكتب المدعي العام، بما في ذلك عرض ملف باور بوينت يكشف معلومات حساسة عن تركيا من قبل شركة لوكهيد مارتن وهويات المواطنين الأمريكيين المعنيين، وبالنظر إلى حقيقة أنّ المدعين العامين الأتراك، الخاضعين لمكتب أردوغان، رغم الاستقلال المفترض عن السلطة التنفيذية، يؤدون المهمة السيئة للحكومة في ملاحقة المعارضة والأعداء المتصورين للنظام الإسلامي، بمن فيهم حلفاء الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، ومن المستغرب أنّ نرى أنّ القضية تصاعدت إلى هذا المستوى من التحقيق الجنائي، وغالبًا ما تنتهك حكومة أردوغان نظام العدالة الجنائية لمعاقبة خصومها وتحرص على التلاعب بالملاحقات الجنائية، بناءً على أدلة مشكوك فيها لتغذية نظريات المؤامرة الجماعية في الدولة التي يبلغ تعدادها 80 مليون نسمة".