"أطفال الحرف" يجسدون تجربتهم مع "الحلاقة والنجارة والتجارة" على المسرح
مؤتمر اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال
4 ساعات فقط استغرقت تنفيذ عرض مسرحي تفاعلي يهدف إلى الحد من عمالة الأطفال والعمل على تحقيق أحلامهم وتوسيع رؤيتهم لتتجاوز حد العمالة فقط، وعلى الرغم من ضيق الوقت إلا أنه اتسع جميع الأطفال وتدريبهم جيدا على العمل قبل عرضه بساعات.
جاء ذلك في إطار مؤتمر منظمة العمل الدولية بالتعاون مع وزارة التضامن في اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، تحت إشراف مركز الطفل العامل التابع لوزارة التضامن الاجتماعي بشبرا الخيمة.
وجاء هذا العرض المسرحي بمثابة "القشاية" التي تشبثوا بها من أجل تحقيق حلمهم والإفراج عن موهبتهم وإبداعهم في التمثيل، من خلال العرض التفاعلي الذي يمس حياتهم اليومية أمام الجمهور.
وبين الحلاقة والنجارة والوقوف طوال اليوم في مختلف الأماكن، استطاع هؤلاء الأطفال الذين لم تتجوز أعمارهم الـ15 ربيعاً، التوفيق بين دراستهم والعمل، ولا يؤثر أي منهما على الآخر.
قال أمين محمد 14 عاماً، إنه يعمل في أحد مصانع الملابس من أجل مساعدة والده ووالدته في مصروفات المنزل، لكنه لم يؤثر قط على دراسته في المرحلة الإعدادية، الذي يحرص على التفوق بها من أجل تحقيق حلمه في أن يصبح مهندساً، حيث يهوى الرضيات ويتفوق في دراستها: "دايما بيزعقولي في البيت عشان أقعد أذاكر"، وعمل "أمين" بالعام الماضي بأحد مصانع الألوميتال والمطابخ، فهو يهوى الرسم والتمثيل معاً، حيث شارك في رسم وتلوين اللوحات المعروضة والتي تتضمن رسالة المسرحية.
أما "أحمد" 13 عاماً، والمنتقل للصف الثاني الإعدادي، استطاع احتراف مهنة "الحلاقة" الذي ورثها عن جده، وأصبح هو من يدير المحل الخاص به عقب وفاته، ويأتي له الزبائن من مختلف الفئات ويثقون بفنه في الحلاقة عن غيره في منطقته، فيقول: "في كتير بيستصغروا شكلي بس أول ما يشوفوا شغلي ميجوش لحد غيري بعد كده".
وذكرت "حبيبة" 14 عاماً أنها استطاعت تعلم الرسم وفن التطريز من خلال المركز، حيث كانت إحدى المصممات للعرائس التي تم الاستعانة بها في العرض المسرحي، كما أنها تنزل للعمل في إحدى الصيدليات، مع حرصها على إتمام دراستها وتعليم الأطفال القراءة والكتابة أيضا.
أما "عبد العزيز" الذي يبلغ من العمر 13 عاماً، عمل في مهنة النجارة منذ ما كان في السادسة من عمره، ثم عمل "صبي ميكانيكي" عندما وصل للحادية عشر من عمره، أما الآن فيعمل في أحد محلات الحلاقة: "كنت حابب اللي بشتغله قبل كدة بس اضطريت أسيبه عشان الشتيمة الكتير.. مكنتش حابب كل شوية اتشتم بأمي فقررت اسيبه لأن ده اللي كان بيضايقني جدا إني كل شوية اتشتم بيها".
يخشى الطفل من سوء الحظ في إتمام شهادته التعليمية أو حصوله على شهادة لا يستطيع العمل من خلالها، لذلك قرر الاعتماد على نفسه منذ الصغر والمساهمة ولو بجزء بسيط في مصروفات المنزل بجوار والدته ووالده المريض الذي لم يستطيع العمل: "كان لازم أتعلم صنعة اعتمد عليها عشان مش ضامن بعد كده أعرف اشتغل بشهادتي ولا لأ".
يحلم "عبد العزيز" أن يصبح طبيبا مع احترافه لكرة القدم بجوار عمله: "مش هدفي إني أكون زي أي لعيب بس هدفي إني أكون لعيب لوحدي مش زي ده ولا ده".
لم يقتصر العمل المسرحي على فكرة عمالة الأطفال فقط، بل لمس أيضا فكرة العنصرية بين الولد والبنت بحسب ما عبرت دعاء محمد استشاري بناء قدرات ومنسق حماية الأطفال لـ"الوطن"، والتي قالت إن بروفة هذا العمل التي استغرقت ساعات قبل العرض بيوم واحد فقط تعتبر من أهم الإنجازات التي تحققت، لافتة إلى أن استجابتهم كانت سريعة لهذا العمل لأنه يمس أسلوب حياتهم بطريقة مباشرة رغم ضيق الوقت.
و أضافت "دعاء" أنه من خلال هذا المركز استطاع هؤلاء الأطفال أن يجدوا ما بداخلهم واكتشاف ذاتهم الحقيقية بعيداً عن العمل والضغط والأشياء التي اعتادوا عليها منذ صغرهم، مشيرة إلى أن الرسالة التي تتضمنها المسرحية تقوم على نبذ عمالة الطفل والعنف ضده والعمل على تحقيق حلمه الذي يختاره ويرى نفسه بداخله، مع إعلاء قيمة دراية الطفل بحقوقه وواجباته التي يجب العمل عليها.
وتقول هيام عمر أحد المشرفات في مركز الطفل العامل، إن المسرحية تعمل على حث الأطفال على عدم التنازل عن حقوقهم والدراية بالقوانين التي تدور حولهم وتمس حياتهم، مؤكدة أن الطفل العامل يأتي للمركز ولا دراية له عن نشاط في الحياة سوى الانغماس في العمل دون النظر لهوايته واكتشاف مواطن الإبداع بداخله، فيساعدهم المركز على اكتشاف مختلف الأنشطة التي تناسب عمرهم وتساعدهم في اكتشاف ذاتهم، كتعليم الرسم والفنون المختلفة وتعلم التطريز، أو أي نشاط يستطيعوا من خلاله التخلص من الطاقة السلبية التي تكمن بداخلهم لعدة أسباب يواجهونها في حياتهم اليومية، سواء كان في العمل أو المشاكل الأسرية.
وذكرت أنهم يحاولون إقناع الأهل بعمل الطفل معهم وتقاضي الأجر الذي يتقضاه من المهن المضرة له، ولكن بصورة أفضل من خلال مهن أخرى تتناسب مع أعمارهم.