أعماله وصلت للعالمية.. زكريا يحلم بورشة للحرف التراثية: حياتي كلها جلد
أعماله وصلت للعالمية.. زكريا يحلم بورشة للحرف التراثية: حياتي كلها جلد
وصلت أعمال زكريا إلى العالمية بتصاميم لا يكررها: بعزف على الجلد
شقة بسيطة للغاية بمنطقة السيدة عائشة بالقاهرة يسكن بها أحمد زكريا، 32 عاما هي عُمره الذي قضاه في تلك الشقة، اتخذ منها ورشة لصناعة أشكال الجلود، فيقصها ويحيكها لتخرج في النهاية بأشكال متعددة: "حياتي كلها بقت جلد في جلد، أنا جزء منها وهي جزء مني" كما يلحو له الوصف.
بالغرفة المجاورة لغرفة نومه يضع أدوات العمل والتي تتكون من: سطحٍ مُستوٍ "بنك"، باترون، برجل، قلم رصاص، مسطرة حديد، قطر، سباك معدن لتخريم الجلد، دقماق وهو قطعة بلاستكية مضغوطة، بالإضافة إلى "فلانشة" لتمتص صدمة الدق، وإبرة وخيط مشمع متين.
يحكي زكريا لـ "الوطن" بداية دخلوه عالم الجلود إلى أن طافت أعماله دولٍ مختلفة "حصلت على دبلومة، (باب رزق جميل) من مركز الحرف التقليدية بالفسطاط التابع لصندوق التنمية الثقافية، واللي بتتكفل به مؤسسة عبداللطيف جميل السعودية لمساعدة الشباب على اكتساب الحرف ودراسة الفن".
كانت هذه هي النقلة الكبرى في حياة أحمد الفنية حيث درس بعض الحرف التراثية مثل أشغال النحاس، الخزف، الجبس، الزجاج المعشق، والنجارة العربي بكل تطبيقاتهم من خلال الفن الإسلامي العربي.
ممسكًا بقطعة جلد ليعدها للقص يعود صانع الجلد بالذاكرة متحدثا عن بداية تعامله بالجلود للإنفاق على والدته، "حياتي ارتبطت من زمان بالجلد، من وأنا عمري 12 سنة".
في أحد المساكن الشعبية بالقرب من سور مجري العيون معقل المدابغ في مصر، عمل بأحد محال بيع الأحذية الجلدية فحاول الرسم على الجلود ولمن بنتائج لم تكن مرضية له، ليعثر صدفة على كتاب عنوانه "أشغال الجلد" يرجع تاريخه لعام 1950 في أحد مكاتب بيع الكتب القديمة، واكتشف من خلاله أن للجلد خامات متعددة وتقنيات مختلفة، ومع الممارسة بات قديرا في العزف بالألوان على جميع أنواعها بمهارة فائقة أثقلها بالدراسة الأكاديمية بالمؤسسة السعودية.
بفرشاة ألوان يمر أحمد على قطعة جلد ليتبعها دقات سريعة متلاحقة بـ "الدقماق"، متابعا حديثه "الجلد روح من صنع ربنا بيفضل محتفظ بحيويته حتي بعد تحويله لمنتجات سواء محفظة، نوت بوك، كشكول، شنطة وكل نوع له طبيعته وإحساسه الخاص، وأفضلهم البقري والماعز".
يستخدم ابن حي السيدة عائشة طرق هندسية تسمي النسب الذهبية في تجهيز "الباترون"، ليقوم بتحديد أماكن الأخرام بعد ذلك استعدادا للحياكة، ثم التقفيل وتركيب الكباسين "الشغل مرحلة بتسلم مرحلة، وأهم شيء الانسيابية والمرونة في الشغل مش تأدية واجب، بحس أني بعزف على الخامة اللي تحت إيدي وكل مرحلة ولها طريقة عزف مختلفة".
استعان بمقاطع فيديو على موقع يوتيوب، فتطورت مهاراته، وخلال 3 سنوات اتقن الفن، ولم يتوقف عن البحث عن المعرفة، "حاليا أحاول أدخل في الموضة على شكل قميص أو بليزر".
بصوت ملامح وجه يميزها الشجن والفخر معًا، قال الشاب الثلاثيني "أكتر قطعة بحبها ولسه محتفظ بيها ولما بنزل المعارض مش بعرضها للبيع، شنطة من الجلد البقري كانت أول شغلي، وأول مشاركة لي في المعارض كانت معرض".
من فات قديمه تاه، هكذا لسان حال زكريا، "في بيت السناري تعرفت على مسؤولين كثيرين، وشاركت في معارض عديدة بعدها، وساعدتني السوشيال ميديا في الترويج لمنتجاتى، وده حفزني للاستمرار في تطوير نفسي من خلال اليوتيوب".
وأكد أن "الحرف اليدوية قائمة على فكرة إيجاد حلول للمشاكل بفن وإبداع وتميز.. ممكن اشترى قطعة جلد على عيب واشتغلها وأطورها، مشاكل كتير بتواجهنا لكن بالفن اللى بنحبه بنقدر نتجاوزها، المشاكل موجودة علشان نوجد لها حلول.. لأنه فن مفيش تصميم بيتكرر مرتين".
" شغلي سافر ألمانيا، أمريكا، ونيبال "لكن فنان الجلود لا يزال لديه طموحات أخرى: "بحلم يكون عندي مركز لتعليم الصناعة اليدوية لأشغال الجلد وتدريب أشخاص ذوي احتياجات خاصة، ومكان ثابت مخصوص للحرفين المميزين، بحيث يكون سهل لأي محب للحرف والجمهور اللي بيقابلنا في معارض متقطعة، ويقدر يصل لنا باستمرار وده أقل ما يليق بتاريخ الحرف التراثية العريقة".