خبراء: الموسيقى خرجت من رحم الطقوس الدينية.. وتأثرت بطبيعة القارة
إحدى الآلات الموسيقية الأفريقية
تتميز الموسيقى الأفريقية بتنوعها وثرائها، لأنها تعبر عن قارة متسعة، تتعدد فيها العرقيات والديانات والعادات الضاربة بجذورها فى عمق الحضارة الإنسانية، بما أثر كثيراً وبشكل إيجابى على تطور الفنون والثقافة.
د. محمد شبانة: «الجاز» أصله أفريقى.. وانتصار عبدالفتاح: الإيقاعات مركبة
الخبراء يرون أن الموسيقى الأفريقية تقليدية موروثة انتقلت سماعياً بلا انقطاع عبر الأجيال، وهى تعتمد على الارتجال والحوار والتفاعل وبساطة اللحن، غير أنها تختلف عن أنواع الموسيقى فى المنطقة العربية، خاصة فى السلم الموسيقى، حيث تتكون الموسيقى الأفريقية من السلم الخماسى، بعكس الموسيقى التى تعتمد على السلم السباعى.
الدكتور محمد شبانة، الأستاذ بمعهد الفنون الشعبية بأكاديمية الفنون قال لـ«الوطن» إن أفريقيا أول شعوب العالم معرفة بفن الموسيقى، وفنون القارة تمثل أصولاً لبعض أنواع الفنون فى العالم، مؤكداً أن موسيقى الجاز تعود أصولها إلى القارة السمراء، وانتقلت من خلال الزنوج إلى العالم الجديد، بعد اختلاطها بالموسيقى الأوروبية ثم تم تطويرها وانتشارها. وأضاف أن معظم الفنون بما فيها الموسيقى مرتبطة بالطقوس الدينية البدائية، التى تصاحبها جوقة من الأناشيد والترانيم محتفلين بمناسبات تخص القبيلة، حيث النظام القبلى هو السائد فى كثير من المناطق، ويمكننا القول إن كل مجتمع أفريقى له ميزة موسيقية خاصة تميزه عن غيره وهى دلالة على التنوع والثراء الفنى.
وعن الآلات التى تعود أصولها إلى القارة السمراء، قال «شبانة» إن آلة الطنبورة التى تطورت وأصبحت آلة السمسمية، كانت موجودة فى مصر القديمة ولها امتداد فى أفريقيا، وخاصة فى منطقة إثيوبيا والدول المطلة على البحر الأحمر، وأيضاً بعض أنواع الطبول مختلفة الحجم، والمصنوعة من نوعية جلود تتميز بها القارة السمراء.
ويرى «شبانة» أن الأفارقة لجأوا باعتبارهم أبناء الطبيعة إلى الاستعانة بمخرجاتها فى صناعة بعض الآلات الوترية خاصة من العيدان، فصنعوا وطوروا «القيثارة» أو آلات إيقاعية، وهناك أيضاً آلات تصنع من الطين وتسمى «البنغودى» وغيرها من الآلات التى استعانت بها شعوب القارة، موضحاً أن «هذه الموسيقى تمثل نحو خمسين دولة، وعادة ما تشترك فى ثقافة الزولو، إذ تعدّ جملة من الآلات للعزف ولها خصائص مميزة، حيث تتسم بالتكرار وتعدد الأصوات، كما تحضر الأغانى والرقصات والطقوس، التى تستعمل الأجراس الحديدية، والمزامير، ويصاحب ذلك الدوران الغريب والمدهش، والرقص والانتشاء».
الفنان انتصار عبدالفتاح، مؤسس ورئيس مهرجان الطبول، له تجربة خاصة فى التفاعل مع الفرق الفنية الأفريقية، من خلال مهرجان الطبول والفنون التراثية، الذى بدأ العمل عليه منذ تكوين فرقة «الطبول النوبية» فى 1990. يقول «عبدالفتاح»: «أجرينا حواراً فنياً على ضفاف النيل، وسافرت الفرقة إلى الدول الأفريقية ونظمنا فعاليات فنية مع الفرق الأخرى فى 50 دولة أفريقية، للتعرف على ثقافات الشعوب، منها غانا، غنيا، رواندا، إثيوبيا، وقد لاقى المشروع نجاحاً كبيراً مما شجعنا على تأسيس مهرجان الطبول فى 2013، الذى يحرص على استضافة الفرق الأفريقية فى كل دورة».
وأضاف أن الموسيقى الأفريقية تتميز بالإيقاعات، وهى إيقاعات كلها مركبة، كما تهتم الفنون بالحركة الراقصة مع الإيقاعات مع استخدام الآلات الإيقاعية المختلفة، فالموسيقى الأفريقية تحتفظ بخصوصيتها ولم تتأثر بالغرب، لأنها مستمدة من التراث وترتبط بالطقوس الدينية التلقائية والتقليدية، التى تصاحبها أناشيد.