"ناشيونال إنترست": مهاجمة إيران ستطلق عنان الفوضى في الشرق الأوسط
الرئيس الإيراني - أرشيفية
ذكرت مجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية، أن مهاجمة إيران ستطلق العنان للفوضى في الشرق الأوسط، مبينة أن السياسيين داخل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدفعون بالعمل العسكري ضد إيران، ومن بين المزاعم التي يروجونها داخل أروقة البيت الأبيض المخاوف بشأن البرنامج النووي الإيراني، رغم امتثال إيران لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وخطة العمل الشاملة المشتركة، واتفاق الضمانات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وبينت الصحيفة الأمريكية، أن "هناك أصوات أخرى مؤيدة للتدخل العسكري تدين رعاية إيران للمنظمات الإرهابية أو تشير إلى اهتمام بالمصالح الأمريكية في المنطقة كذريعة للتدخل، ولذ فإن وجهة النظر هذه تجاه النظام الإيراني ضيقة للغاية وغير تاريخية، حيث إن إيران دولة محافظة في منطقة غارقة في التطرف، وأي عمل عسكري تقوم به الولايات المتحدة أو حلفائها ضد النظام في طهران سيمثل خطأ جسيماً".
وأضافت المجلة الأمريكية، في تقريرها، "رعاية المنظمات الإرهابية أو الجماعات المتطرفة هي السمة المميزة لجميع دول الشرق الأوسط تقريبًا، لقد قدمت كل من المملكة العربية السعودية وقطر والكويت دعماً مالياً ومادياً للجماعات السنية المتطرفة المشاركة في الحرب الأهلية السورية، ومع ذلك يظل كلاهما في وضع جيد كحلفاء للولايات المتحدة، حتى إسرائيل ساعدت جماعات المتمردين في سوريا بالقرب من حدودها، وإيران ليست خارج الشبهات، لأنها حافظت على علاقات مع حزب الله وحماس، ومع ذلك، فإن هذه الجماعات، لا تهدد الولايات المتحدة بشكل مباشر، وقبل بدء الحرب على الإرهاب، دعمت إيران العدو الأول للقاعدة في أفغانستان، واتحاد أمراء الحرب المعروفين باسم التحالف الشمالي".
وتابعت الصحيفة: "في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، سلمت الحكومة الإيرانية نسخا من ثلاثمائة جواز سفر مرتبطة بأعضاء تنظيم القاعدة المشتبه بهم إلى الأمم المتحدة، ومن بين هؤلاء الثلاثمائة، سيتم ترحيل الكثير منهم قسراً إلى السعودية وغيرها من البلدان العربية، في بادرة إضافية من حسن النية، عرض النظام الإيراني تقديم الدعم للبحث والإنقاذ والإغاثة الإنسانية والمساعدة في القتال ضد طالبان والقاعدة وتقديم الدعم لنائب وزير الدولة لشؤون الشرق الأدنى آنذاك ريان كروكر، وكانت أمريكا متقبلة في البداية، وقبلت المساعدة الإيرانية في مؤتمر بون الذي أشرف على إنشاء الحكومة الأفغانية بعد طالبان، وصرح المبعوث الأمريكي الخاص جيمس دوبينز في وقت لاحق أن الإيرانيين ساعدوا بشكل شامل في فترة ما بعد 11 سبتمبر".
وأضافت المجلة الأمريكية، تقريرها بالقول، "إنه رغم رفضهم لخطاب محور الشر الذي ألقاه جورج دبليو بوش، إلا أن الإيرانيين ضاعفوا من التزامهم بالعلاقات الثنائية الإيجابية مع الولايات المتحدة، وفي مذكرة أقرها شخصيا آية الله خامنئي وسلمت بمساعدة الدبلوماسي السويسري تيم جولديمان، عرضت الحكومة الإيرانية مساعدة الولايات المتحدة في استهداف القاعدة، والمحافظة على الشفافية الكاملة في برنامجها للطاقة النووية، ووقف الدعم للجماعات الفلسطينية، والضغط على حزب الله ليتحول إلى منظمة سياسية بحتة، ويعترف بمفهوم الدولتين لإسرائيل وفلسطين المنصوص عليه في قمة جامعة بيروت العربية، ومن خلال الإسناد الخاطئ لهجوم القاعدة في الرياض إلى طهران، تمكن كل من ديك تشيني ودونالد رامسفيلد من إثناء الرئيس بوش عن إجراء محادثات إضافية مع إيران، وقام وكيل وزارة الخارجية آنذاك، جون بولتون، بالضغط من أجل إزالة الوسيط السويسري جولديمان، ما قلل من الأمل في إجراء محادثات مستقبلية، ورغم هذه النكسات، حافظت إيران على معارضتها للقاعدة".
وقالت المجلة الأمريكية، في تقريرها: "الوثائق التي عُثر عليها من مقر أبوت آباد لزعيم تنظيم القاعدة المقتول، أسامة بن لادن، كشفت المراسلات المترجمة فيها أن العديد من أعضاء المجموعة الإرهابية الذين حاولوا الفرار إلى إيران بعد أن غزت الولايات المتحدة أفغانستان، بحلول أبريل من عام 2003، كانت القوات الإيرانية قد ألقت القبض على عدد من أعضاء القاعدة البارزين مثل مهندسي تفجيرات سفارتي كينيا وتنزانيا لعام 1998، سيف العدل وعبد الله أحمد عبد الله، إلى جانب الملازم الأول السابق لأبو مصعب الزرقاوي خالد مصطفي العروري، وكان من بين المعتقلين في إيران أيضًا أسرة أسامة بن لادن، ورغم عدم إمكانية الوصول إلى قائمة جرد محددة للقبض عليه، إلا أنه من المعروف أنه قد ظل العديد من أعضاء القاعدة رهن الاحتجاز حتى عام 2010 على الأقل".
وأشارت المجلة الأمريكية، في تقريرها، إلى أنه "لا تزال شخصيات مثل المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية ووزير الخارجية الحالي مايك بومبو، ومنظمات مثل مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، تصر على وجود علاقة عملية بين إيران والقاعدة، ولا ينبغي أن يكون هذا بمثابة مفاجأة، لأن مثل هذه الادعاءات هي العنصر الأساسي في حملات الدعاية التي سبقت الحرب، وفي الواقع، كما يوضح التحليل التفصيلي للسجلات من مجمع أبوت آباد لأسامة بن لادن من قبل مركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت، كانت العلاقات بين القاعدة وإيران معادية باستمرار، إن وجود القاعدة في إيران لا يمثله إلا أسرى النظام، ومع وجود عناصر لتنظيم القاعدة في دول متجاورة، يمثل أعضاء القاعدة الأسرى قوة تفاوضية ورادعًا ضد الهجمات المستقبلية، حيث إن الهجمات التي تشنها الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة والجماعات المنشقة داخل البلاد، مثل الهجوم الهائل الذي وقع في فبراير على أعضاء في الحرس الثوري الإيراني، أدت إلى إضعاف الاتهامات بأن إيران تعمل كملاذ للجماعات المتطرفة، ونشرت إيران قواتها في ساحات القتال في سوريا والعراق، وقدمت تضحيات كبيرة في محاربة تنظيم داعش الإرهابي، وينبغي اعتبار هذه المساهمات عاملاً حاسماً في هزيمة فصائل بن لادن والمجموعات المنشقة".
وأكملت المجلة الأمريكية تقريرها بالقول، "لن تنجح الحملة العسكرية الأمريكية ضد إيران إلا بتكلفة كبيرة، لإن الجيش الإيراني منظم ومجهز بشكل أفضل من العديد من دول المنطقة، ومن خلال استخدام الصواريخ متوسطة المدى، يمكن للقوات الإيرانية إشراك المنشآت الأمريكية الكبيرة بفعالية في العراق والكويت وأفغانستان وقطر والبحرين، وكذلك الحلفاء العرب الأمريكيين في الخليج العربي، قد تكون السفن البحرية الأمريكية معرضة بدرجة كبيرة للصواريخ الإيرانية الحديثة المضادة للسفن، فبعد أن تقوم الولايات المتحدة بقمع أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية المتكاملة والنيران المضادة للطائرات، يجب أن تكون القوات الأمريكية قادرة على تدمير النظام في طهران، على الأقل في المدى القصير".
وأوضحت الصحيفة الأمريكية: "مع ذلك، فإن احتمال احتلال بلد يتجاوز عدد سكانه وكتلته الأرضية أكثر بكثير من العراق يجب أن تكون هناك قوة هائلة ورادعة، وإذا كان العراق لا يزال في حالة من الفوضى، بعد التكاليف الأولية البالغة 2 تريليون دولار وعقود من التدخل الأمريكي، فكيف يمكن لأي هيئة حاكمة عقلانية أن تتبع منطقيا استراتيجية مماثلة ضد بلد يزيد حجمه على ثلاثة أضعاف، مع تضاريس معقدة وأعراق متعددة في المشهد الديني؟".
واختتمت المجلة الأمريكية تقريرها بالقول، "كما هو الحال مع جميع التوغلات العسكرية التي قامت بها الولايات المتحدة خلال حربها على الإرهاب، سيكون المنتصر الرئيسي هو أعضاء القاعدة الذين سعوا إلى جذب القوات الأمريكية إلى عمق الشرق الأوسط لغرض شن حرب استنزاف مالي ضد الولايات المتحدة، وزعزعة استقرار حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين، وليس هناك شك في أن أسامة بن لادن كان يحب أن يرى الولايات المتحدة تهاجم وتطيح بأحد أعداء القاعدة، وهذه المرة نظام الملالي في إيران، وتزرع جيلًا جديدًا بالكامل من الحرب الطائفية والمحاربين، ولذا فيمكن لإدارة ترامب أن تعترف بإيران لإمكاناتها في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط أو يمكن أن تكرر أخطاء الولايات المتحدة الماضية، وتقوي دور هذه الأمة باعتبارها الوكيل الأول للفوضى العالمية".