"بتول ويسر".. تساعدان والدتهن في بيع الكتب على أرصفة "سموحة": "الشغل مش عيب"
"بتول ويسر" تروجان للكتب والروايات بإبتسامتهن علي أرصفة
لم تقف طفولتهن حائلاً أمام قوتهن وشجاعتهن وطغت فطرة طاعة الوالدين على مشاعر "بتول ويُسر"، حيث تقفن يوميا على أرصفة مسجد "حاتم" بمنطقة سموحة شرق الإسكندرية، بجانب والدتهن تروجان للكتب والروايات بأنواعها، وترتسم على ملامحهن ابتسامة جذابة لكل من يمر بجانبهن.
تقابل "مها الأنصاري"، 40 عاما، والدة الشقيقتان، زبائنها بعبارات الترحيب، التي تخرج من أسفل "نقاب" وجهها، بصوت ممتلئ بالقوة والشجاعة، وتجعل من حولها يتساءل عن هوية السيدة التي تتحدث بكل طلاقة.
"أنا بكالوريوس تجارة، وطموحي ليس له حدود وأسعى إلى الارتقاء بمستوى بيتي وأطفالي الـ4"، بهذه الكلمات فصحت الأم عن هويتها، موضحة أنها اختارت بيع الكتب محاولة منها في اختيار الطبقة التي تتعامل معها وعدم تعرضها للمضايقات، فهي متيقنة أن من يشتري كتاب أو رواية فهو من المؤكد شخص مثقف وواعي ويُدرك كيف يتعامل مع سيدة تشقى من أجل مساعدة زوجها والنهوض بمستوى معيشة أطفالها.
أضافت "مها" لـ"الوطن"، أن من أهم أسباب بيعها للكُتب هو تشجيع زوجها لها، حيث يعرف قيمتها جيدا من خلال عشقه للقراءة، التي يعتبرها ملاذه الوحيد في وقت فراغه، لافتة إلى أنها منذ عام وهي تقف في نفس المكان بمفردها في فترة الدراسة بسبب انشغال ابنتاها بالمذاكرة، وتصاحبتهن في فترة الإجازة، "أحياناً بيخجلوا لو زميلاته مروا وهما يبيعوا الكُتب، ولكني بشجعهم".
"بنساعد ماما على الشغل في الصيف وهي بتساعدنا على المذاكرة في الشتاء"، بهذه العبارة التي تشع قيم وتربية بدأت "بتول عصام"، 13 عاما، والابنة الأكبر، تدرس بالصف الثاني الإعدادي، حديثها عن سبب تحملها حرارة الجو المرتفعة، بالإضافة إلى وقوفها على قدميها لأوقات طويلة لتبيع الكتب، لافتة إلى أنه مجرد انتهاءها من امتحانات آخر العام، تستعد إلى النزول يوميا مع والدتها من 3 عصرا إلى 11 مساء، لمساعدتها على مشقة الحياة.
وأكدت "بتول" أنها تشعر بسعادة كبيرة عند شراء المارة للكتب منها، وتشعر بالفخر والفرحة بما تقوم به، مشيرة إلى أنها لا تواجه أي مضايقات من المارة.
وتقاطعها شقيقتها "يُسر عصام" 11 عاما، في الصف الخامس الابتدائي، قائلة: "ماما وبابا علمونا إن الشغل مش عيب، وإن البنت لازم تكون شخصيتها قوية وأنا نفسي أبقى زي ماما وأدخل كلية الطب"، ثم تسكت رويدا وتبتسم في خجل، مستكملة: "الناس بتتبسط بيا وبيشجعوني دايما وبيشتروا مني الكتب وبيطلبوا يتصوروا معايا بس أنا بستأذن ماما الأول".