عميد «العلوم السياسية بالقاهرة»: خروج مصر من التصنيف العالمى للتعليم شائعة
الدكتور محمود السعيد، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة
قال الدكتور محمود السعيد، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الكليات المناظرة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لم تكن خطوة إيجابية، لأن السوق تتطلب عدداً معيناً من الخريجين، ونحن نتجاوز هذا العدد بكثير، وبالتالى زيادة الأعداد تقلل من مستوى الكلية، مشيراً إلى أنهم قدموا، خلال 2018، 15 بحثاً لجهات مختلفة فى الدولة، مؤكداً أن الحصول على الاعتماد الدولى إحدى أولوياته.. وإلى نص الحوار:
نشرت إحدى المجلات الأمريكية صورتك على غلاف مجلة متخصصة فى الإحصاء ضمن أفضل الخريجين.. حدِّثنا عنها.
- تخرجت فى جامعة فريجينيا تك بالولايات المتحدة الأمريكية، من قسم الإحصاء، والقسم يُصدر مجلة دورية فى نهاية كل فصل دراسى، وفى أول عدد منها اختاروا اثنين من خريجى القسم المتميزين، لإجراء حوارات معهما، ووقع علىَّ الاختيار، من ضمن الخريجين المتميزين فى تاريخه.
د. محمود السعيد لـ"الوطن": "الكليات المناظرة" لم تكن خطوة إيجابية.. وحمَّلنا "سوق العمل" بأعداد لا تحتاجها
وماذا عن كليات سياسة واقتصاد المناظرة لـ«الاقتصاد والعلوم السياسية» بجامعة القاهرة؟
- الكليات المناظرة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لم تكن خطوة إيجابية، لأن السوق تتطلب عدداً معيناً من الخريجين، ونحن نتجاوز هذا العدد بكثير، وبالتالى زيادة الأعداد تقلل من مستوى الكلية، والكليات المناظرة اسمها «سياسة واقتصاد»، ونحن محتفظون باقتصاد وعلوم سياسية بجامعة القاهرة فقط، ورأيى أنه كان يجب أن تتم دراسة جدوى قبل إنشاء الكليات المناظرة ليتناسب عدد خريجيها مع احتياجات السوق، لأن هذه الكليات تخرج باحثين للدولة فى مجال الاقتصاد والسياسة والإحصاء، وليس هناك داعٍ لتخريج أكثر من 2000 باحث سنوياً، والعدد الذى كنا نخرجه سنوياً فى حدود 500 كان كافياً.
هل استفادت الدولة من الباحثين بمراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية الموجودة؟
- مؤسسات الدولة تطلب أبحاثاً فى مجالات معينة، وهناك مراكز متخصصة، سواء فى السياسة أو الاقتصاد أو الإحصاء أو الإدارة، ولدينا أساتذة على مستوى عالٍ من الخبرة، ويتم الاعتماد عليهم، وخلال 2018 قدمنا أكثر من 15 بحثاً لجهات متخصصة، كما أن هناك مشروع «الحوكمة الأفريقية»، وهو عبارة عن مشروع تقوم به مجموعة من الدول الأفريقية، ومصر ضمنها، ونراجع على تطبيق معايير الديمقراطية فى الدول المختلفة، ورئاسة الوزراء كلفت كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بإجراء مراجعة آلياتها المطبقة بمصر، وما زال العمل فى البحث مستمراً، وقدمنا تقريراً أولياً سيرفع إلى رئيس الجمهورية أولاً بهدف مراجعة النظراء الأفريقيين لآليات الحوكمة.
ماذا عن الشهادات المزدوجة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية؟
- لدينا عدد من الشهادات المزدوجة مع جامعتى «السوربون» و«هامبورج» بألمانيا، وهى فى مرحلة البكالوريوس لطلاب قسمى «الاقتصاد، والعلوم السياسية»، فالطالب يدرس فى الكلية 4 سنوات، وفى السنة الثالثة يحصل على «ليسانس» من «السوربون»، ويكمل السنة الرابعة، ويحصل على شهادة من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبالتالى يحصل على شهادتين، وهذا على مستوى البكالوريوس.
تأخرنا 40 عاماً فى تطبيق إجراءات برنامج الإصلاح.. والمؤشرات الاقتصادية تحسنت رغم إنفاق الكثير على المشروعات القومية والبنية الأساسية
ذكرت فى أحد مقالاتك أن الكثيرين من خريجى كبريات الجامعات العالمية لم يحظوا بفرص عمل مرتبطة بمجالات تخصصهم.. فما نسبتهم بمصر؟
- ليس هناك إحصائية بعدد الخريجين العاملين فى مجالات تخصصهم، وبالنسبة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية تتعدى الـ50%، والطالب قد يمكث فترة حتى يجد فرصة عمل تتناسب مع مجال تخصصه، وعلى الطالب عدم الانتظار لإيجاد فرصة عمل مرتبطة بطبيعة تخصصه الدراسى، وعليه البحث عن العمل فى مجالات أخرى إذا أُتيحت له الفرصة، والأهم الاجتهاد. والإحصائيات الدولية تشير إلى أن عدد العاملين بتخصصاتهم ليس مرتفعاً، ولدينا فى الكلية وحدة حاضنة الأعمال تدرب الطالب على الفكر الريادى، وإنشاء مشروع بنفسه، ولا ينتظر «توظيف الحكومة»، والاعتماد على الابتكارية، وخلق فرص عمل لنفسه، وجامعة القاهرة قررت تدريس مقرر «ريادة الأعمال» لهذا الهدف.
ما ردك على تراجع مستوى مصر فى التعليم بالتصنيفات العالمية؟
- الحديث على أن مصر احتلت الدولة الأخيرة فى التصنيف الدولى، وخروجها منه «مبالغ به» وغير صحيح، وكلام غير منطقى، فهناك تقرير التنافسية الدولى الذى يصنف الدول بناء على مؤشر عام يطلق عليه «مؤشر التنافسية» به 120 من المؤشرات الفرعية، والتعليم أحدها، ويتم قياسه من خلال سؤال مجموعة من رجال الأعمال «عينة» من كل دولة، عن رؤيتهم لمستوى التعليم، وإعطاء درجة من 1 إلى 7، فالعينة تعطى درجة منخفضة 1 مثلاً، فبالتالى يكون المؤشر ضعيفاً، وليس معنى ذلك أنه «سيئ»، ولا ينبغى البناء عليه بترتيب التنافسية، وأعلم أن التعليم فى مؤشر التنافسية يصل إلى 139 من 145، وآخر تقرير كان 129 من أصل 145، وهذا لا يعكس أبداً مستوى التعليم فى مصر، مقارنة بالدول، ولكنه غير واقعى، ولا يليق بحجم دولة كمصر لأسباب عديدة، أهمها المنهجية الخاطئة فى ترتيب الدول.
ما مقاييس التعليم الحقيقية التى يستوجب الالتزام بها فى التصنيفات؟
- لا بد من الرجوع إلى مقاييس التعليم المتمثلة فى نسبة الخريجين الذين أسهموا فى مجالات معينة، وعدد الذين تم توظيفهم، وعمل اختبار عام لكل الدول فى الفيزياء والكيمياء والرياضيات وغيرها، وقياس مستوى الطلاب، وجميعها مؤشرات منطقية، وليس بسؤال الناس. وأشيع أن مصر خرجت نهائياً من التصنيف الدولى، وهذا غير صحيح، بدليل وجودها فى التصنيف سنوياً رغم تأخر ترتيبها، والترتيب المتأخر جاء بناء على نتيجة عينة رجال الأعمال تحديداً لأن التقرير اقتصادى، وإحصائياً هذه التقارير غير صحيحة وبها مبالغة.
هل ستؤثر تلك التقارير على الاستثمار فى مصر؟
- بالطبع، خاصة الترويج لتراجع مصر فى مؤشر التنافسية، وبالرغم من ذلك تقدمنا فى آخر تقرير واحتلت مصر المرتبة 92، بالنسبة للمؤشر العام، وجامعتنا لها ترتيب متميز فى تصنيفات «qs» و«شنغهاى»، ورغم أن ترتيب مصر متأخر لأسباب تتعلق بمنهجية إجراء التقارير، فإنه إذا تمت مقارنة الطلاب المصريين بالأفارقة الذين احتلت دولهم مرتبة أعلى سنلاحظ عدم واقعية التصنيف، خاصة عند قياس قدراتهم فى الرياضة والكيمياء، ولو أن هناك معايير موضوعية فمصر لن تحصل على هذا الترتيب السيئ، والمعتمد على منهجية غير حيادية.
من وجهة نظرك هل مصر نفَّذت سياسات الإصلاح الاقتصادى بنجاح؟
- الرئيس السيسى يبذل جهوداً كبيرة فى عملية الإصلاح الاقتصادى الذى تأخرنا فى تطبيقه أكثر من 40 عاماً، وبدأنا عام 2016، وإجراءاته كانت شديدة على الشعب المصرى، مثل «التعويم ورفع الدعم»، لأننا كنا على حافة الإفلاس، والآن النتائج فى 2018 مبشِّرة، ومعدل النمو ارتفع ووصل إلى 5.6% بعدما كان 2.1% عام 2013، وهذه النسبة «هائلة»، وسيرتفع إلى 6 أو 7% خلال عامين، والمؤشرات الاقتصادية تحسنت رغم الإنفاق الكثير على المشروعات.