أهالى المتهم فى قضية التخابر مع إسرائيل يتبرأون منه: «ياريت تعدموه ومش هندفنه فى مقابرنا»
بين عشية وضحاها، تحولت قرية البتانون بمحافظة المنوفية، التى أخرجت عدداً من رموز مصر، أبرزهم المشير عبدالغنى الجمسى، أحد أهم قيادات حرب أكتوبر التى كسرت أنف العدو الصهيونى، إلى مادة إخبارية لوسائل الإعلام بعد تورط أحد أبنائها فى قضية تخابر مع إسرائيل، ضمن خلية تم الكشف عنها، وإحالة أفرادها الأربعة، (مصرييْن وإسرائيلييْن»، إلى محكمة جنايات القاهرة.
حب المال، جمع بين رمزى الشبينى وسحر سلامة، على مدار السنوات السبع الماضية، ورغبة المتهم الأول بالزواج منها إلا أن حالته المادية حالت دون ذلك ليسافر إلى إيطاليا وتبدأ قصتهما مع الخيانة والتخابر لصالح الموساد الإسرائيلى.
على مقربة من مدينة شبين الكوم بالمنوفية، تقع قرية البتانون، أكبر قرى الجمهورية من حيث عدد السكان، والتى أخرجت المشير عبدالغنى الجمسى مهندس حرب أكتوبر ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة فى أكتوبر 1973، وأحد 50 قائداً عسكرياً فى العالم ذكرتهم أشهر الموسوعات العسكرية العالمية، ولكن دوام الحال من المحال، بعد أن ارتبط اسم القرية بقصة الخيانة والتآمر على الوطن منذ الكشف عن قضية التخابر مع الموساد الإسرائيلى وبطلها عبدالله الشبينى.
«الوطن» حاولت التحدث مع أهل المتهم فى منزلهم بشارع قهوة على شعبان، المتفرع من شارع المدارس، لكن شقيقه أحمد أغلق الأبواب والنوافذ ورفض الحديث، مكتفياً بقوله: «معندناش حاجة نقولها ومش هنتكلم مع حد وياريت تعدموه ومش هندفنه فى مقابرنا».
«الشبينى».. المتهم الأول فى القضية، يعرفه الكثير من أهالى قريته باسم آخر غير رمزى، ويعيش باسم عبدالله، ينتمى إلى أسرة متوسطة الحال وطيبة السمعة تعمل بالتجارة، لكن حبه للمال والمتعة دفعه للسقوط فى بئر الخيانة والتخابر مع إسرائيل ضد مصر.
رمزى الشبينى، البالغ من العمر 48 عاماً، أبصر النور فى قرية البتانون، ويشتهر باسم «عبدالله أبوالفتوح الشبينى»، حاصل على دبلوم صناعى من المدرسة الثانوية الصناعية بشبين، عمل بتجارة الخردوات، ثم اتجه إلى أكثر من مهنة حتى استقر لاحقاً على مهنة «النقاشة»، والده ووالدته متوفيان وهو الأخ الأوسط لـ 6 أشقاء، 4 أولاد وبنتين، سافر إلى إيطاليا بهجرة غير شرعية، عبر ليبيا، فى 2008 ثم هاجر بشكل شرعى بعد أن حاز الأموال التى يسافر بها، كان يحلم بالثراء، يراه جيرانه أنه «كان سيئ السلوك، ويتطلع للثراء بشكل سريع، وكانت له علاقة بالمتهمة الثانية معه فى القضية وأنها حضرت حفل زفاف ابنته من زوجته الأولى التى لم ينفصل عنها».
عائلة المتهم أعلنت أنها تتبرأ منه، حيث قال رضا، شقيق المتهم، لـ«الوطن» إن رمزى متغيب عن المنزل منذ 4 أشهر ولا يعلمون عنه شيئاً؛ وعلموا بواقعة اتهامه بالتخابر من وسائل الإعلام، قائلاً «نحن متبرئون منه لأنه خائن لوطنه وأهله ودينه، ولن ندفنه فى مقابرنا».
أما فريال محمد، زوجة المتهم، الموظفة بالجمعية الزراعية بالقرية، فأغلقت شقتها وتوجهت إلى منزل والدها، فور الكشف عن القضية، حيث كشفت لـ«الوطن» أنها تزوجته منذ 25 عاماً وأنجبت منه 3 أبناء، (بنتين وولداً)، مشيرة إلى أن الخلافات نشبت بينهما منذ سنوات طويلة، وكان معروفاً عنه سوء سلوكه وسمعته غير الطيبة وبحثه عن المتعة ولهثه وراء السيدات، مضيفة أنه تزوج عليها وأنجب من زوجته الثانية طفلاً فى الصف الأول الإعدادى، كما أشارت زوجة المتهم إلى أنه لم يكن يعمل قبل السفر كثيراً، وكان يستولى على مرتبها، وبعد سفره لم ينفق على أسرته، وأوضحت أنه كان على علاقة بسيدة من مدينة شبين الكوم، منذ 7 سنوات؛ وكان دائم التردد عليها، وفى الفترة الأخيرة، أخذ كل متعلقاته ومنذ ذلك الوقت لم تعلم عنه شيئاً.
وأضاف سيد الجعارة، شقيق زوجة المتهم، أنهم كانوا يتوقعون تورطه فى أى قضية، بسبب سوء سلوكه؛ مؤكداً أنهم نادمون على عدم انفصال شقيقته عنه منذ سنوات، لكنها عادت إلى منزلها لتربية أبنائها.
وعلى مقربة من استراحة مدير أمن المنوفية، كانت تقطن المتهمة الثانية سحر إبراهيم سلامة، المعروفة بين جيرانها بـ«المحامية»، حيث قال عدد منهم إنها ورثت عن والدها المسجل خطر، سلوكه، ومطالبين بإعدامها، وأضاف الجيران أن المتهمة، تبلغ من العمر 40 عاماً، ولم تتزوج وتعيش فى منزل آخر ووالدها صاحب كشك سجائر، ومسجل خطر سرقات وضرب، وشقيقها علاء، 35 سنة، مسجل خطر، وشقيقتها سلوى، 35 سنة، مسجلة آداب.
وروى الأهالى واقعة ضبطها منذ شهر، عندما حضر عدد من المدرعات والسيارات الخاصة، خرج منها أفراد بزى مدنى، ومدججون بالسلاح، وأغلقوا شارع «خلف» بالحى القبلى بمدينة شبين الكوم، واتجهوا إلى منزل المتهمة، واصطحبوها، ولم يتم الإعلان عن تفاصيل ما جرى، حتى أعلنت النيابة العامة عن الكشف عن خلية تجسس من أربعة أفراد، كان من ضمنهم: سحر سلامة، وصديقها رمزى الشبينى، و2 من ضباط الموساد، تهدف إلى جمع معلومات تضر بالأمن القومى المصرى.
فى منزل مكون من 3 طوابق، التقينا والدة سحر وشقيقتها، حيث أكدت الأولى، أنها لا تعلم شيئاً عن ابنتها، التى تعيش بعيداً عنها فى منزل آخر، وقالت: «معرفش الكلام اللى بيتقال عليها إنها بتتعامل مع إسرائيل، وبتخون بلدها حقيقى أم لا.. الله أعلم»، فيما قاطعتها شقيقتها بقولها: «إحنا منعرفش حاجة، ومش هنتكلم مع حد».
من جانبه.. كشف مصدر أمنى، عن أن المتهمة، نشأت فى أسرة مسجلة فى العديد من الجرائم. حيث إن والدها إبراهيم سلامة 60 عاماً، صاحب كشك سجائر، ومسجل خطر سرقات وضرب، ولديها شقيق يدعى علاء 35 عاماً، مسجل خطر، وسلوى، مسجلة آداب، فيما قالت إحدى جارات المتهمة إن «سحر» كانت تعمل سكرتيرة بمكتب أحد المحامين، والتحقت بكلية الحقوق التعليم المفتوح مؤخراً، وحصلت على ليسانس حقوق ولم تتزوج، وأضافت أن أسرة سلوى بدا عليها الثراء مؤخراً»، ونفى إبراهيم، أحد الجيران، ما تداولته المواقع الإخبارية والفضائيات، عن أن سحر كانت تعمل محررة بجريدة أخبار المنوفية، ولكنها كانت تعمل لدى محام يدعى «باسم النعمانى».
كان النائب العام المستشار هشام بركات، أمر بإحالة كل من: رمزى محمد أحمد الشبينى وسحر إبراهيم محمد سلامة وصموئيل بن زائيف ودافيد وايزمان الضابطين بجهاز الموساد الإسرائيلى، إلى محكمة جنايات القاهرة، لارتكاب المتهمين الأول والثانى جرائم السعى والتخابر لمصلحة دولة إسرائيل وإمداد المتهمين الثالث والرابع بالمعلومات الداخلية للبلاد، بقصد الإضرار بالمصلحة القومية مقابل الأموال والهدايا العينية التى حصلا عليها، ومعاشرة المتهم الأول لسيدات من عناصر الاستخبارات الإسرائيلية جنسياً.
وكشفت التحقيقات التى أجرتها النيابة العامة عن أن المتهم الأول توجه إلى إيطاليا بحثاً عن عمل، وفى غضون عام 2009، سعى من تلقاء نفسه للتخابر مع إسرائيل، أملاً فى الحصول على أموال باهظة، وأرسل عدة رسائل عن طريق الفاكس إلى رئيس جهاز الموساد عبر السفارة الإسرائيلية، كتب بها بياناته التفصيلية، وأعرب فيها عن رغبته فى التعامل مع المخابرات الإسرائيلية وحبه لدولة إسرائيل واستعداده التام لإمداد جهاز الموساد بما يتوافر لديه من معلومات عن المجتمع المصرى ومؤسساته.