صحيفة بريطانية: "أوكرانيا" ساحة حرب جديدة في أوروبا
قالت صحيفة "الإيكونوميست" البريطانية، إن أوكرانيا تحولت من دولة تسعى لعلاقات أقرب مع الاتحاد الأوروبي لتصبح ساحة حرب جديدة في أوروبا، في عنف لم تشهده هذه البلاد منذ إعلان استقلالها.
ففي تقرير لإلقاء الضوء على الأزمة الأوكرانية المتفاقمة وتحولاتها، استهلت الصحيفة وصفها للمشهد بالقول: إن الموقف الأوكراني لا يمكن لأحد التكهن بنتائجه، حيث أنه قبل يوم واحد من تصاعد الأزمة من جديد ومع قرب إصدار الحكومة الأوكرانية لقرارات العفو بحق المتظاهرين وبدء المتظاهرين فك متاريسهم استعدادا لإخلاء المباني التي احتلوها، ظن الجميع أن الأزمة الأوكرانية كانت على وشك النهاية، حتى بعد اتفاق الرئيس الأوكراني مع المعارضة، ما زالت بعض مناطق كييف مشتعلة.
وذكرت صحيفة "الإيكونوميست"، أن العنف في البلاد بين الشرطة والمتظاهرين وعدد القتلى المتزايد بين الطرفين دفع القوات المسلحة لإعلان أنها تستعد للتدخل خشية الانزلاق للحرب الأهلية، مما جعل الكثيرين يخافون متسائلين "كيف لدولة كانت تقترب من الانضمام للاتحاد الأوروبي أن تشهد على أرضها كل هذا العنف؟!".
وأضافت الصحيفة البريطانية، أنه منذ سقوط الاتحاد السوفيتي كان متوقعا لأوكرانيا أن تصبح من أكثر الدول ازدهارا وذلك لامتلاكها كل المقومات اللازمة لذلك، ولكن نخبتها كان لها فهم آخر لهذه العوامل فاستغلوها بفسادهم على جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكي تكون غنيمة لهم دون تقاسم عوائدها مع العامة، بالإضافة إلى التدخل الروسي، مستغلين مشاكل انقسام شعبها ما بين جزء شرقي صناعي يتحدث الروسية وما بين مؤيد للغرب، ولكن الذي منع انقسامها هو أن كلا الطرفين "الشرق والغرب" يتفقان على أن "كييف" هي العاصمة.
وتابعت صحيفة "الإيكونوميست" قائلة: إن بذور الأزمة المشتعلة حاليا بالبلاد هو أنه عندما قرر يانوكوفيتش سرقة الانتخابات الرئاسية-حسب الصحيفة- ولكنه لم يستطع نتيجة طوفان الشارع الذي أتى بألد معارضيه لرأس السلطة فيكتور يوشينكو ويوليا تيموشينكو، الثورة التي وصفت بـ "البرتقالية" عندما رفض سلفه ليونيد كوتشما استخدام القوة كما كان يتمني يانوكوفيتش.
بعدها بـ6 سنوات جاء يانوكوفيتش على رأس السلطة، مستغلا فشل يوشينكو وتخبط نظامه السياسي، بحجة العودة للاستقرار دون أن يعرف الناس حينها أنه مجرد نسخة لنظام حكم الكرملين، ملقيا بخصومه السياسيين في السجون ومرتكبا أبشع الجرائم من المجازر ضد أبناء شعبه المعارضين لسياساته وميوله الروسية التي استغلها لابتزازهم، خاصة بعد قرض الـ15 مليار دولار الذي وعده به نظيره الروسي بوتين وعقود الغاز الرخيصة، ليوزعها على فاشيته وأصدقاؤه، وهو السبب الرئيس في تراجعه بخصوص عقد الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، والذين غضوا النظر عن نظامه كون سياساته مشابهة لسياسات حكم الكرملين منذ البداية وظنوا أنه من الممكن إقناعه بالانضمام إليهم بدلا من اتحاد بوتين الأوراسي.
وفي وصف أدق للمشهد الثوري الأوكراني، ذكرت الصحيفة البريطانية، أن المتظاهرين قد أدركوا أن القضية لم تعد خيارا ما بين قبول الشراكة مع الاتحاد الأوروبي أم لا، بل أصبحت المسألة بين خيارين لا ثالث لها، نظام سلطوي لما بعد الاتحاد السوفيتي أو نظام أوروبي حر، حيث رأوا أن الفرصة قد أتت للتخلص من ميراثهم السوفيتي الظالم، وهو ما يعتبر تهديدا مباشرا للكرملين ولذلك سعوا بكل السبل لتقديم النصيحة لـ"يانوكوفيتش"، بتشديد الخناق على المعارضة كما يفعلون في بلادهم.