أهالي بدر بالبحيرة يستغيثون.. "عاوزين المستشفى يا حكومة"
ومسؤول: استئناف عمل "بدر المركزي الجديد" أوائل يوليو المقبل
الدكتور يسري بيومي
لم تدم فرحة أهالي مركز بدر، بمحافظة البحيرة، ببناء المستشفى المركزي الجديد طويلًا، بعد أن توقفت أعمال التشييد بمبنى المستشفى منذ أكثر من 8 سنوات، وتحولها إلى خراب مهجور ينعق فيه البوم والغربان، في الوقت الذي أصبح فيه مرضى مركز بدر، فريسة للمراكز الطبية الخاصة، التي لا بديل لها لتلقي الرعاية الطبية وإسعاف الحالات الحرجة.
وبات أهالي المركز و40 قرية تابعين له يندبون حظهم العثر، الذي جعلهم يوافقون على هدم المبنى القديم، أملًا في إنشاء صرح طبي متكامل يخدم أكثر من 500 ألف نسمة، ولم تفلح الاستغاثات التي أطلقها الأهالي طوال الفترة الماضية، إلى أن فاض بهم الكيل وشرعوا في مقاضاة المسؤولين المتقاعسين عن استكمال الأعمال بالمستشفى، معلنين عن غضبهم الشديد لحالة الأهمال والتهميش.
"الوطن" انتقلت إلى مركز بدر أهم مراكز الظهير الصحراوي بمحافظة البحيرة، ورصدت مدى الإهمال الذي تعرض له المستشفى المركزي الجديد، الذي تم بنائه بديلًا للمستشفى القديم الذي كان يعمل بكامل طاقته، على مساحة تجاوزت 5 آلاف متر مربع، وكان يضم بدروم وخمسة طوابق علوية، وبه مدرسة للتمريض قائمة، بتكلفة إجمالية بلغت نحو 109 ملايين جنيه، وكان يستوعب 100 سرير للمرضى، و4 غرف لإجراء العمليات، وطابق كامل للعلاج الاقتصادي.
فيما شملت أعمال التجديد بالمستشفى هدم وإزالة ونقل ناتج الهدم لعدة مبان قائمة وإنشاء وتشطيب مبنى مستشفى جديد مكون من بدروم وأرضي وأربعة أدوار بمسطح 2500 متر للدور الواحد، وكذا أعمال الإلكتروميكانيكال للمبان القائمة التي لم يتم هدمها وإنشاء شبكات للصرف والتغذية والغازات الطبية وإطفاء للحرائق بالإضافة إلى المصاعد ومرافق الموقع العام.
عزة طه عبدالرحيم، المقيمة بمركز بدر، تقول لـ"الوطن"، مركز بدر من أكبر المراكز الصحراوية بالبحيرة، تابع لها 40 قرية تضم عشرات الآلاف من الأفدنة الزراعية، التي حولها شباب الخريجين من صحراء إلى بساتين، كنا نتمتع بالخدمة الطبية بالمستشفى العام القديمة، ولم نعرب يومًا عن عدم رضانا بحالتها، ولن نطلب من المسئولين تجديدها أو إزالتها، وكانت هذه المستشفى ملاذ البسطاء حينما يحتاجون للرعاية الطبية، فعندما تقع الحوادث أو تظهر الحالات المرضية الحرجة، تجد طاقم المستشفى يقومون بالمطلوب منهم دون تأخر وبحسب الإمكانيات المتاحة، وإن كان مستوى الخدمة لا يرتقى إلى ما يطلبه المرضى، إلا كان كل الرضى تعكسه وجوه المترددين على المستشفى، إلى أن صرح المسؤولين في عام 2011 أنهم سيقومون بهدم المستشفى، وتحويله إلى مستشفى مركزي كبير، وتضمنت التصريحات رفع كفاءة الأقسام بالمستشفى وإنشاء وحدات جديدة تلبي جميع الاحتياجات، على أن تخدم جميع الفئات بالمركز والقرى التابعة له، الأمر الذي أسعد الأهالي غنيًا وفقيرًا، خاصة وأم الوحدات الصحية لا تصلح لتقديم الخدمة الطبية كما ينبغي.
وأضافت، ظل الأهالي يحلمون باليوم الذي تنتهي فيه أعمال البناء والتجديد للمستشفى الجديد، إلا أن هذه الأحلام تحولت إلى كوابيس تطارد سكان المركز في اليقظة قبل النوم، بعد أن توقفت أعمال التجديدات دون مبرر من المسؤولين، في الوقت الذي أغلقت فيه الوحدات الصحية أبوابها أمام الحالات الحرجة ومتضرري حوادث الطرق والحرائق، وزادت فيه معاناة الأهالي مع مرضاهم خاصة الأطفال، علمًا بأن أقرب مستشفى عام تبعد أكثر من 25 كيلو مترا عن المركز، وفي ظل الطرق غير الممهدة المؤدية إلى المركز، يجدون صعوبة في الوصول إلى المستشفى، ولا يجدون سوى المراكز الطبية الخاصة لإنقاذ الحالات الحرجة، وهناك ينفقون أموالًا باهظة مقابل الخدمة الطبية.
أما وليد القاضي، مزارع، فيقول، إذا كانت الدولة تهتم بإنشاء المدن الجديدة، وتسعى لتطبيق التوسع الأفقي والابتعاد عن المركزية، فلماذا لا تنظر للمواطنين الذين تركوا محافظاتهم وعكفوا على تحويل المناطق الصحراوية إلى مزارع خضراء، فوجب توفير أبسط أنواع الرعاية لهم وهي الرعاية الطبية، فكيف يعقل ونحن في عام 2019 وتشهد الدولة تطورًا في العديد من المحافظات، ولا يوجد مستشفى بمركز كبير مثل بدر، وإذا كنا نفتقد العديد من الخدمات بالمركز، فإننا لا نقوى على فقدان الخدمة الطبية، والمرور بجانب مبنى المستشفى كل يوم والحصرة تملأ أعيننا على ما فقدناه من خدمة طبية.
عاطف عبدالتواب، صاحب محل قطع غيار تروسيكلات، قال: لم يتبق سوى التشطيبات النهائية في المستشفى الجديد، فلم التأخير الذي يعرض حياة المواطنين للخطر، علمًا بأن الدستور يلزم الحكومة بوجود مراكز طبية حكومية لخدمة المواطنين في أقرب نطاق، وهو ما يفتقده مركز بدر، وتصبح الأزمة الكبرى، حينما يتعرض أحد الأهالي لحالة تسمم أو حادث على الطريق، فلا يجد أي من ينقذه أو يجري له الإسعافات اللازمة، وكثيرًا ما تعرض الأهالي لحالات مماثلة أودت بحياتهم بلعدم وجود الرعاية الطبية اللازمة، الأمر الذي دفعنا إلى تقديم شكاوى لجميع الجهات المختصة، وتفعيل هاشتاج "عاوزين مستشفى يا حكومة" على جميع شبكات التواصل الاجتماعي، والصفحات الخاصة بالوحدات المحلية ومحافظة البحيرة.
الدكتور يسري بيومي، وكيل وزارة الصحة بالبحيرة، أكد أنه نظرًا لتأخر مشروع إنشاء مستشفى بدر المركزي فقد تم سحب المشروع من المقاول الحالي، وجارٍ طرحه بمعرفة وزارة الصحة لسرعة الانتهاء منه، في الوقت الذي قام فيه رئيس المركز برفقته استشاري وزارة الصحة، بحصر ما تم من أعمال بمستشفى بدر تمهيدًا لإعادة الإسناد لاستئناف الأعمال بشكل عاجل، على أن يتم عمل خطة قوافل بالوحدات الصحية داخل نطاق مركز بدر من فريق الأطباء بمستشفى بدر المركزي لتغطية جميع أنحاء المركز، وجرى تفعيل أولى القوافل الطبية بقرية عمر مكرم وتحديد جدول بمواعيد القوافل القادمة.
وقالت مصادر بديوان عام محافظة البحيرة، إنه سيتم استئناف الأعمال بمستشفى بدر المركزي الجديد، في أوائل يوليو المقبل، تزامنًا مع بداية العام المالي الجديد 2019/2020 بعد إدراج المستشفى في موازنته.