أصحاب مقاهى وأكشاك وبائعو أعلام: خروج مصر من البطولة مش معناه إن رزقنا اتقطع
بائعو الأعلام حزينون بعد خروج المنتخب من دور الـ16
لم يقتصر خروج منتخب مصر أمس الأول مبكراً من دور الـ16 لبطولة أمم أفريقيا المقامة على أرضه، بخسارته بهدف مقابل لا شىء أمام منتخب جنوب أفريقيا فى المباراة التى استضافها استاد القاهرة فى تمام التاسعة مساءً، على حزن واستياء المشجعين فقط، ولكن امتد ليصل إلى أصحاب المقاهى، ومالكى الأكشاك الصغيرة بجوار استاد القاهرة، وبائعى القمصان الخاصة بالمنتخب، والأعلام والصافرات وخسارتهم ووقف سوقهم، فأصبح الحزن حزنين.
فى منطقة وسط البلد وعلى بعد خطوات من محطة مترو العتبة وتحديداً منطقة التوفيقية الشهيرة بالمقاهى وشاشات العرض الكبيرة التى يتهافت عليها المواطنون لمشاهدة مباريات المنتخب، خيّم الحزن على مالكى الأكشاك المخصصة لبيع تيشيرتات وأعلام المنتخب، حيث كان من المقرر أن يباشر أصحابها عملهم فى الـ12 ظهراً كما هو المعتاد منذ انطلاق البطولة فى الـ21 من الشهر الماضى، إلاّ أنه بعد يوم من توديع المنتخب للبطولة أسدلت الأكشاك الستار ومن خلفها علقت التيشيرتات والأعلام والقبعات التى لا تقل حزناً عن بائعيها.
أحد بائعى الأعلام بمنطقة شبرا الخيمة رفض ذكر اسمه، عبّر عن حزنه الشديد بعد الخسارة، حيث اضطر الرجل الأربعينى الذى يقول إنه ترك مجال تصميم الأزياء بعد قلة العائد المادى الذى يلبى به متطلبات زوجته وأبنائه الأربعة، إلى صناعة الأعلام وانتظار البطولة بفارغ الصبر لبيع أعلامه التى كان يرجو أن يجد منها مراده المادى: «أول ماتشين بِعت كويس وقبل ماتش جنوب أفريقيا بِعت أعلام كتير وكنت مستنى مصر تفوز وتصعد عشان الولاد يفرحوا وأنا أبيع الكمية اللى عندى». ويرى الرجل أنّ خسارة المنتخب زرعت الحزن فى قلوب عشاق الساحرة المستديرة وحتى من لم يهتم سوى بلقمة عيشه التى تأثرت بالخسارة معلقاً: «كده البطولة بالنسبة لنا خلصت».
وبالقرب من استاد القاهرة خيمت حالة من الركود على المحال والأكشاك، أنس أسامة، 23 عاماً، صاحب أحد الأكشاك فى الجهة المقابلة للاستاد، والذى يعتمد دخله على بيع البقالة لجمهور البطولة فى المقام الأول، يتحدث بانكسار قائلاً: «الدنيا اتأثرت أكيد بعد خسارة مصر وخروجها من البطولة»، افتتح «أسامة» الكشك الخاص به تزامناً مع إعلان مصر تنظيم البطولة للمرة الأولى: «بس إحنا مكملين بعد البطولة، وان شاء الله ربنا يعوض فى الماتشات الجاية»، يعبر عن تأثر حركة البيع لكنها رغم ذلك لا تنقطع قائلاً: «مصر خرجت إمبارح والنهارده حد وقف بالعربية ونزل اشترى علمين، اللى بيشتريهم مش بس عشان البطولة، أى حد جاى جنب الاستاد طبيعى يلاقى ناس بتبيع أعلام حتى لو مصر مش بتلعب»، يختتم حديثه بتعبيره عن صدمته لخروج مصر المبكر من البطولة: «التجهيزات والتنظيمات والافتتاح وكل ده خلانا نتوقع أن مصر هتلعب شوية كمان، مش هتخرج بدرى أوى كدا».
بائع أعلام: كنت مستنى مصر تفوز عشان أبيع الكمية اللى عندى.. وصاحب مقهى: كنا فاكرين إننا هنكمل للآخر
على بعد عدة أمتار، فى مجمع محال، تبرز «مقلى» يبيع صاحبها مختلف أنواع البقالة بالإضافة إلى ذلك، يقول صاحبها «سامح منصور»: «البطولة كانت مصدر رزق كبير لينا، جِبت إمبارح على حس الماتش عربية ميّه، اتصرفت كلها، و300 باكيتة حاجة ساقعة، معادش هيحصل ده تانى خلاص»، يضيف أنه كان يبيع خمسة أضعاف ما كان يبيعه فى الظروف العادية بعيداً عن البطولة: «موجودين هنا من سنتين، شغلى ليه نظام معروف، وبجيب بضاعتى بأعداد معينة، لكن البطولة كانت لقمة عيش طيبة خدوها من بقنا بدرى بدرى بطلوعهم من البطولة».
فى الجوار يوجد محل عصير لصاحبه «أحمد محمد خليل» 27 سنة، والذى كان يعتمد على دخله من المشجعين المصريين فى المباريات التى كانت مصر طرفاً بها، يعبر عن أساه لخروج مصر من البطولة: «كنت عامل يافطة خشب لصلاح وحاططها قدام المحل، اضطريت أشيلها خلاص، الناس كلها زعلانة ومحبطين»، ويؤكد تأثر حركة البيع عنده بعد خروج مصر: «المصريين هم اللى كانوا بييجوا المحل قبل الماتش أو بعد ما يخرجوا منه وهم كسبانين، يعدوا ياخدوا اتنين عصير، الجنسيات التانية مالهاش فى كدا أوى».
وأمام أحد المقاهى بمنطقة وسط البلد، وقف «مصطفى سيد»، 25 سنة، عامل، يحاول جذب الزبائن للجلوس بالمقهى، يقول إن خسارة المنتخب أمس الأول ستؤثر على إقبال الزبائن التى تأتى خصيصاً للمقهى لمشاهدة مباريات مصر، فقبل بداية أى مباراة للمنتخب بنحو 3 ساعات كانت الأسر والشباب يتوافدون على المقهى لحجز الكراسى وبعض المشروبات حتى يكتمل العدد مع بدء المباراة، وفقاً لكلامه: «ماكنش بيبقى فيه قهوة أو كافيه فى وسط البلد فيهم مكان فاضى وقت الماتش، ده كان موسم رزق بالنسبة لنا مستنيينه من أول ما عرفنا أن البطولة هتكون فى بلدنا، بس للأسف فرحتنا ماكملتش بسبب خروجنا من البطولة».
وداخل أحد المقاهى الشهيرة بالمنطقة، جلس «كريم محمد»، 29 عاماً، ومن حوله مجموعة من العمال يتسامرون معاً حول أداء المنتخب خلال المباراة الماضية، يقول إن خسارة المنتخب لها تأثير سلبى على المقهى الذى كان يكتمل فيه عدد الكراسى مع كل مباراة للمنتخب: «مش هنلاقى زبون بعد كده فى الشارع هنا، ماحدش كان بيهتم غير بمباريات مصر».
تجهيزات عديدة قام بها صاحب المقهى قبل بدء بطولة الأمم الأفريقية، إذ قام بشراء عدد أكبر من الكراسى والطاولات للمقهى، بجانب شاشتين لعرض المباراة، فهى كانت بالنسبة له فرصة لتحقيق مكسب أكبر وخصوصاً أن أغلب مشجعى كرة القدم يفضلون الذهاب لمنطقة وسط البلد بسبب أجوائها المختلفة، وفقاً لكلام «كريم»: «إحنا اشترينا حوالى 100 كرسى زيادة، ووفرنا 3 شاشات عرض، طبعاً كنا فاكرين إننا هنكمل للآخر وهنحقق ربح كبير يعوضنا عن كل المبالغ اللى صرفناها لكن للأسف الخسارة كانت على الكل».