"سجناء لكن منتجون".. شعار "الداخلية" لتأهيل النزلاء نفسياً واجتماعياً
نزلاء السجن أثناء العمل
من أسوار عالية تضم زنازين يقضى فيها السجناء فترة العقوبة، إلى قلاع صناعية وزراعية، وصلت منتجات بعضها إلى الأسواق العالمية، هكذا تحولت السجون المصرية إلى ساحة للعمل والنشاط، وذلك تنفيذاً لاستراتيجية وزارة الداخلية فى تغيير الصورة النمطية للسجون باعتبارها مكاناً لتقييد الحرية، واتباع سياسة عقابية حديثة تضمن تفعيل أحكام القانون وتحقيق غاياته وحفظ كرامة المسجون، وإعادة تأهيله من خلال عمله فى مشروعات إنتاجية، وهو ما يتماشى أيضاً مع رؤية الدولة بتقديم خدمات متميزة للمواطنين من خلال زيادة الإنتاج وخفض الأسعار.
بداية من استصلاح الأراضى الزراعية وصولاً إلى مشروعات صناعية تقدم منتجات بأسعار تقل عن مثيلاتها بالأسواق، يتنوع إنتاج نزلاء السجون، من خلال عملهم بالمصانع الموجودة داخل نطاق مصلحة السجون، وهو ما يعود عليهم أيضاً بالنفع من خلال حصولهم على مرتبات وعائد مادى ينفقون منه على أسرهم، كما يُمنح النزلاء من الحرفيين شهادات بإتقانهم مهناً متعددة من بينها السباكة والكهرباء، ضمن برنامج تشغيل السجناء الذى يهدف بالأساس إلى إعادة تأهيلهم نفسياً واجتماعياً وترسيخ قيمة العمل لدى السجين وتعليمه حرفة نافعة، فضلاً عن استغلال طاقات أصحاب المهن والحرف المختلفة من النزلاء.
ولا تتوقف مصلحة السجون عند مرحلة الإنتاج، بل تواصل كل المراحل حتى تصل منتجات النزلاء إلى الأسواق، من «أثاث خشبى ومعدنى، وإنتاج داجنى وحيوانى وزراعى»، فضلاً عن مساهمتهم فى الاستصلاح الزراعى، وتعمير الأراضى ومشروعات الثروة الحيوانية والسمكية.
«صنع فى السجن» شعار بات له صداه الإنتاجى فى مجالات مختلفة، ونحاول هنا إلقاء الضوء على ذلك النشاط المتنوع الذى يخدم كافة الأطراف المشاركة فيه، ويمتد نفعه إلى المجتمع.
التصنيع يشمل "خبز وحلاوة وموبيليا وملابس ومفروشات هاند ميد"
«صنع فى السجن» شعار رفعه السجناء، خلف القضبان، للتأكيد على أن المسجون لم يعد مجرد شخص يقضى عقوبة داخل محبسه، بل تحول إلى عنصر فاعل فى المجتمع ينتج ويمتهن حرفاً وصناعات وصلت إلى العالمية، حيث تتنوع الصناعات بين الأثاث والنسيج وورش حدادة وتصنيع الأحذية والجلود.
مصلحة السجون تحولت إلى خلية نحل تتعدد فيها المهن والحرف وتعمل على مدار الساعة، وتبيع بأسعار تنافسية مخفضة تقل عن مثيلاتها بالأسواق، الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تم إنشاء بعض مراكز التشييد والبناء داخل السجون، بالتنسيق مع جهاز التشييد والبناء التابع لوزارة الإسكان، لتدريب نزلاء السجون على الحرف اليدوية كـ«النجارة والسباكة وأعمال النقاشة والكهرباء».
وتحول قطاع السجون إلى صرح إنتاجى لديه العديد من المشروعات الصناعية منها مصانع الأثاث الخشبى بأبوزعبل والقناطر وبرج العرب، ومصنعان للكونتر والأثاث المعدنى بطرة ومصنع للحلاوة الطحينية بالمرج، ومصنعان للملابس الجاهزة بالقناطر، ومصنع للأعلاف بمنطقة وادى النطرون، بالإضافة إلى ورش تأهيلية على مختلف الحرف، تستهدف تأهيل نزلاء السجون على جميع الحرف بما يوفر لهم فرص عمل شريفة عقب الإفراج عنهم.
وتمتلك مصلحة السجون واحداً من أكبر مصانع الخبز فى مصر يقوم بإنتاج كل احتياجات السجون المصرية والباقى يتم بيعه للجمهور بأسعار أقل من السوق 50%، إضافة إلى الصناعات الصغيرة مثل سجن القناطر للنساء وسجن المنيا اللذين يوجد بهما وحدة إنتاج لمفروشات المنزل و«الهاند ميد» والملابس الحريمى، بجانب صنع وإنتاج بعض الإكسسوارات والحقائب الحريمى بأشكال مختلفة؛ لعرضها فى المعارض التابعة لقطاع السجون.
إنتاج مصانع الأثاث التابعة لمصلحة السجون ينافس منتجات دمياط.. وإقبال كبير على شرائها من المواطنين لتميزها بجودة عالية وسعر أقل
وتنتج السجون «الموبيليا» التى باتت تنافس منتجات دمياط، حيث توجد ورش للنجارة ومعارض الموبيليا يصنعها المساجين بعد تأهيلهم للإنتاج الصناعى، حيث يتم إنتاج صالونات وغرف نوم وسفرة، بجودة عالية، ولترويج هذه المنتجات افتتحت مصلحة السجون معارض تضم ثلاثة أقسام «صناعى وإنتاج حيوانى وزراعى»، من إنتاج السجناء، أبرزها معرض «سجناء لكن منتجون»، حيث يتم بيع هذه المنتجات فى منافذ البيع المخصصة لها سواء فى مؤسسة الشرطة بالعباسية، أو مبنى ديوان السجون، ودار ضيافة ضباط الشرطة.
وطرح قطاع مصلحة السجون منتجاته من الأثاث الخشبى والمعدنى، والمنتجات الزراعية والغذائية، والمنتجات الحيوانية والداجنة بأرض المعارض بمدينة نصر للمرة الثانية خلال الفترة من 31 يناير الماضى إلى 9 فبراير الماضى، وشهد المعرض إقبالاً كبيراً من المواطنين لشراء منتجات السجناء بأسعار مخفضة، رغم جودتها وتقديم خدمات متميزة للمواطنين من خلال زيادة الإنتاج.
2 مليون جنيه حصيلة المبيعات فى معرض القاهرة.. وأغلب المنتجات تُباع بنصف الثمن
وسجّلت منتجات قطاع السجون أعلى مبيعات خلال معرض وسوق القاهرة الدولى الذى أقيم العام الماضى، حيث اقتربت حصيلة مبيعات معرض الأثاث والموبيليا من مصنوعات وابتكارات نزلاء السجون من 2 مليون جنيه، ولعب النزلاء دوراً محورياً فى إنعاش ودعم الاقتصاد المصرى، بعد تصدير هذه المنتجات للخارج مقابل نسبة من الأرباح للسجين بخلاف الراتب الشهرى الذى يحصل عليه.