بين المحاكمة والاستعادة.. أوروبا "في ورطة" لتحديد مصير الدواعش الأجانب
عناصر من تنظيم داعش - أرشيفية
لا يزال الجدل والغموض يسيطر على مصير الدواعش الأوروبيين، الذين تحتجزهم السلطات العراقية والسورية وسلطات شمال سوريا، وسط رفض وتنصل من جانب الدول الأوروبية لاستلام المواطنين من حملة جنسياتها أو إنشاء محاكمة لهم على الأراضي التي ارتكبت الجرائم فيها.
وخلافا للقرارات الرسمية من قبل الحكام، قالت وكالة "أي.إن.إف" الهولندية، إن الحكومة الألمانية لا تزال لا تجد حلا لقضية المواطنين الألمان الذين أسرتهم قوات حماية الشعب الكردية، ففي فبراير الماضي، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحكومات الغربية إلى استعادة مواطنيها وتقديمهم للمحاكمة، لكن الحكومة الألمانية لم "تحرك عضلة" إذا جاز التعبير، من أجل مواطنيها الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية.
وبالمثل، لم تقبل ألمانيا عائلات أعضاء "داعش" الموجودين حاليًا في معسكرات شمال سوريا، لكن في سابقة للعديد من الحالات، أصدرت محكمة محلية حكما بإعادة زوجة أحد أعضاء "داعش" وأطفالها الثلاثة إلى ألمانيا. وقال مسؤولو وزارة الخارجية إن حكم المحكمة ليس نهائيا ولا يوجد أي تغيير في وضع الأسرة.
وفي حالة الانتهاء من الحكم، فسيكون على الوزارة التواصل مع قوات سوريا الديمقارطية وإعادة الأسرة إلى ألمانيا، في سابقة هي الأولى من نوعها.
وبحسب المعلومات الرسمية، هناك حوالي 200 مواطن ألماني محتجزين من قبل قوات سوريا الديمقراطية في شمال سوريا، معظمهم من النساء والأطفال.
وذكرت "أي.أن.أف" أنه قبض على أكثر من 2800 عنصر من "داعش" من قبل القوات الكردية بشمال سوريا، من بينهم 800 مواطن من 46 دولة مختلفة، معظمهم من الغرب.
وتابعت، "حتي الآن طلبت فرنسا وإندونسيا وروسيا والمغرب والسودان استعادة مواطنيها من إدارة الشمال السوري، بينما قامت ثلاثة دول في آسيا الوسطي وهم كازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان بإعادة 756 مواطناً حتى الآن، معظمهم من النساء والأطفال. أما بلدان أوروبا الغربية، فكانت عمليات إعادة مواطنيها مجزأة على الرغم من كثر مواردها، وفي كثير من الحالات كان تركيز الدول على الأطفال".
وعلى الرغم من كثرة عدد الدواعش الأجانب في سوريا، فإن الدول الأوروبية لم تتحرك إلا ببطئ في هذا الملف وسط محاولات للتنصل من المسؤولية وترك مصيرهم معلقا في سجون قوات سوريا الديمقراطية في شمال سوريا.
وفي أوائل يونيو الماضي، أعادت النرويج 5 أطفال أيتام من شمال شرق سوريا، لكنها تركت 35 طفلا آخرين، بينما نقلت فرنسا 17 طفلا محتجزا بشمال شرق سوريا وواحد من العراق في مارس الماضي.
وبالنسبة للوضع في فرنسا، فإن 400 مواطن فرنسي لا يزالون محتجزين، نصفهم على الأقل من الأطفال، وفقا لما ذكرته شبكة "روداو" الإعلامية الكردية.
من جانبه، قال الدبلوماسي الفرنسي ميشيل دوكلوس، الذي عمل في "دمشق" منذ عام 2006 إلى عام 2009، إن هناك ثلاث نتائج سيئة لقضية الدواعش الأجانب.
وحذر "دوكلوس" من أنه في حالة عدم إعادة المواطنين الفرنسيين أو حتى نقلهم إلى دولة طرف ثالث قريبًا، فمن المحتمل أن يقعوا في أيدي الحكومة السورية ويتم استخدامهم كوسيلة للضغط على "باريس"، فيما أبرمت فرنسا صفقة مع بغداد للسماح لمواطنيها المثول أمام المحاكم العراقية.
وأثارت الاتفاقية جدلا كبيرا بعد الحكم على 11 مواطنا فرنسيا سلمتهم قوات سوريا الديمقراطية إلى بغداد في أوائل يونيو.
ووفقا لصحيفة "الباييس" الإسبانية، فإن إسبانيا مثلها مثل بقية الدول تشعر بالقلق نحو إعادة المتطرفين وذويهم الذين يمكن إطلاق سراحهم، بسبب عدم وجود الأدلة الكافية للحكم عليهم، فإن الاتحاد الأوروبي لا يملك إطار عمل مشترك لمعالجة مثل هذه القضية، لذا اختارت بعض الدول إعادة رعاياها "الأكثر ضعفا"، أي الأيتام القُصر.
وفي أبريل الماضي، ألقي القبض على 3 سيدات إسبانيات ينتمين إلى "داعش" بعدما تقطعت بهم السبل هم و15 قاصرا في رعايتهم.
وحينها قال مسؤول العلاقات الخارجية للإدارة الذاتية في شمال سوريا عبدالكريم عمر، إن "الحكومة الإسبانية لم تتصل بنا لتتطالب بمواطنيها". وعلى الرغم من ذلك، اتخذت عملية إعادة الدواعش الإسبان منعطفا غير متوقع، ففي 22 مايو، كان هناك عدد من الرسائل الموجهة إلى العائلات في "مدريد" عبر "واتس آب" جعلتهم يعتقدون أن عودة أحبائهم إلى إسبانيا وشيكة.
وقالت ثلاث سيدات إنهن وقّعن وثيقة، يوافقن على العودة الطوعية إلى إسبانيا في غضون سبعة أيام. ومن غير المعروف من الذي أعطاهم الأوراق، ولكن بحلول 24 مايو، لم يعودوا موجودين في معسكر "الهول" في سوريا.
وقال متحدث باسم المعسكر، للصحيفة الإسبانية، "لم يعد هناك أسبان هنا، لقد أخذوهم".
ويقع معسكر "الهول" بالقرب من الحدود السورية التركية، حيث قالت صحيفة "آسيا تايمز" إنه من بين 1000 متطرف أجنبي، لا يزال أكثر من 200 امرأة وطفل إندونيسي في مخيم الهول المزدحم، بعد أن جاءوا من مدينة "الباغوز" بشرق سوريا، حيث كانت المعركة الأخيرة ضد "داعش" من خلال قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي للقضاء على "داعش" في مارس الماضي.
وأنشأت الحكومة الإندونيسية مكاتب اتصال للشرطة في "أنقرة" و"دمشق"، وطلبت من السلطات التركية وضع الإندونيسيين على متن رحلات مباشرة إلى "جاكرتا"، حتى لا يتمكنوا من النزول في نقاط عبور مختلفة وإعادة دخول وطنهم دون أن يتم اكتشافهم.
وذكرت صحيفة "آسيا تايمز" أن تقارير الاستخبارات تشير إلى أن 500 إندونيسي قد يظلون في سوريا، لكن يُعتقد أن عددا غير معروف من المسلحين الذين لا يرغبون في العودة إلى ديارهم قد عبروا من تركيا والعراق إلى إيران، في طريقهم إلى أفغانستان للانضمام إلى تنظيم "داعش" في "خراسان".