"ماسحو الأحذية": "بشرة خير ونتمنى تسهيل الإجراءات"
رجب إبراهيم
«بشرة خير»، بهذا الوصف رحب عدد من ماسحى الأحذية بقانون «التأمينات والمعاشات الاجتماعية» الجديد، الذى التفت للمرة الأولى فى التاريخ المصرى إلى حق العمالة غير المنتظمة فى حياة كريمة بعد التقاعد سواء بكبر السن أو بالتعرض لما يجبره على التقاعد، إلا أنهم طالبوا الحكومة بحملة توعية لتعريفهم بكل تفاصيل القانون، بالإضافة إلى تسهيل إجراءات التسجيل، لضعف قدرتهم على الحركة بسبب كبر السن.
إبراهيم رجب، ٥٠ عاماً، يجلس أمام أحد المحلات التجارية، فى محيط محطة مترو رمسيس، وأمامه صندوق خشبى، مقسم إلى رفين، أولهما يحوى بداخله ثلاث علب ورنيش مصنوعة من الصفيح، والآخر به فرشتان وقطعة من القماش، يستخدمها «رجب» فى تلميع الأحذية، ويقول إنه يعمل بهذه المهنة منذ ٢٧ عاماً، ولجأ لها بعد ترك العمل بإحدى المدابغ، مضيفاً «عمرى كله راح فى الشغلانة دى، من أيام ما كانت بربع جنيه، وسنى ما يسمحش بشغل تانى».
يعتبر مكان عمل «رجب»، بمثابة منزله أيضاً، إذ إنه يبدأ عمله فى السابعة صباحاً حتى الحادية عشرة مساء، ثم يضع «عدة الشغل» داخل الصندوق، ويذهب للنوم خلف أحد المحلات، ليستيقظ مبكراً ويبدأ رحلة عمله التى اعتاد عليها: «هنا حياتى كلها، ولادى ومراتى عايشين فى الإسكندرية، وبنزلّهم أجازة كل أسبوعين، أقضى معاهم يومين وأرجع تانى».
١٥٠ جنيهاً، هى حصيلة «رجب» فى اليوم الواحد «الجزمة تتلمع بـ3 جنيهات، فى زبون ممكن يدفع 5 جنيهات وناس على قد حالها ما بتدفعش إلا الـ3».
رحب «رجب» بقانون المعاشات الجديد، مؤكداً أنه يطمئن العامل على أبنائه، لأنهم سيجدون دخلاً بعد وفاته، مضيفاً: «كنا بنتمنى إن يكون لينا نقابة، أو جهة تأمن علينا، لأن مهنتنا مش مضمونة، ومش هنسيب حاجة أولادنا»، وأوضح أنه لا يمانع فى دفع أقساط التأمينات للحصول على المعاش «الواحد مش ضامن عمره، المهم أسيب مصدر دخل لولادى بعد عمر طويل».
وبجوار «محطة مصر» أيضاً، يجلس متولى محمد، ٦٠ عاماً، تحت إحدى العمارات القديمة، وأمامه «عدته»، التى يستخدمها فى عمله، وإلى جواره حقيبة كبيرة من القماش، يضع فيها متعلقاته وملابس تكفيه لمدة أسبوع، يقضيه فى العمل والنوم بجوار المحطة، قبل أن يعود إلى منزله ليقضى مع أسرته يومين، ثم يعود.
يقول محمد: «بقالى ٣٥ سنة فى الشغلانة دى، من ساعة ما تعبت وعملت عملية فى رجلى، وأنا مش قادر على الحركة وتركت عملى بمصنع غزل ونسيج»، مؤكداً أنه لم يسمع بقانون المعاشات الجديد، لكنه سمع عن «معاش تكافل وكرامة»، وسعى فى إجراءات الحصول عليه، إلا أن الروتين جعله يتوقف عن السعى، لأن حالته الصحية لا تساعده على الحركة كثيراً.
وأضاف: «أنا ببات هنا فى الشارع عشان ما بقدرش أروح وأرجع كل يوم، ومش حمل جرى ورا الموظفين»، مشيراً إلى ترحيبه بالقانون، ولكنه يتمنى أن يكون التأمين الذى سيقوم بدفعه مناسباً لحالته المادية، بجانب وجود تسهيلات فى الإجراءات لكبار السن والمرضى، الذين ليس بمقدورهم التنقل من مكان لآخر، واختتم «متولى» حديثه، قائلاً: «مفيش مشكلة أدفع تأمين بس أكون عارف إنى لما أتعب وما أقدرش أشتغل هيكون فيه قرش جايلى كل شهر».