لم يعد الانتحار أمراً شخصياً بحتاً، يتم بعيداً عن أعين الناس، بل صار حدثاً يختار البعض تسجيله وبثه عبر قنوات التواصل الاجتماعى، كما حدث مؤخراً، مع طبيب الأقصر مايكل هلال، الذى لم يكن الأول فى التجربة، إذ فعلها مراهق فى محافظة المنوفية يُدعى إسلام صابر، عندما بث انتحاره «لايف».
يتزامن الأمر مع عدة دراسات أطلقتها مجلة «science» مؤخراً عن الانتحار، منها دراسة عن صعوبة توقُّع إقبال الشباب والمراهقين على الانتحار، وأن التكنولوجيا الحديثة -ممثلةً فى الهواتف المحمولة والتطبيقات الإلكترونية- التى يمكن استخدامها فى نشر مفهوم الانتحار، يمكن تطويرها فى التعرف على ما يدفع الشباب والمراهقين إلى الانتحار، وبالتالى إنقاذهم قبل الإقدام على أى محاولة للتخلص من حياتهم.
وقال «إلين نيكولاس»، عالم نفس سريرى فى جامعة «أوريجون»، شارك فى الدراسة التى حملت عنوان «دور الهواتف المحمولة فى التنبؤ بحالات الانتحار»: «ترتبط الحياة الاجتماعية والعاطفية للمراهقين والشباب الحالى، بهواتفهم المحمولة، وحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعى، ونحن نحاول إنشاء خوارزمية تكتشف الطفرات التى قد تؤدى إلى سلوك انتحارى، مثل قياس اختيارات الموسيقى، واستخدام اللغة والصور، ونبرة صوت الشخص إذا ما كان يشعر بالضيق أو السعادة».
الدراسة اعتبرت الاهتمام بالمراهقين والشباب، فيما يخص الانتحار، يرجع إلى ارتفاع معدلات الانتحار فى الولايات المتحدة على مدار العقد الماضى، ولكنه كان بشكل حاد ومخيف بين الشباب والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10 و24 عاماً، حيث أصبح هو السبب الثانى للوفاة بعد انتحار 6700 شخص عام 2017.
«التكنولوجيا سلاح ذو حدين»، بهذه الكلمات حذر الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى، من استخدام الهواتف المحمولة ومواقع التواصل الاجتماعى، لنشر فكرة الانتحار: «الأشخاص الذين يلجأون إلى الانتحار عبر الإنترنت، هم أشخاص تعرضوا لضغوط شديدة يُطلق عليهم العصابين، وبعد الكتابة والتعبير عن قلقهم الشديد مرة واثنتين وثلاثاً على حساباتهم الشخصية، دون أن يكون هناك استجابة من أصدقائهم أو أقاربهم، يلجأون إلى الخطوة الأخيرة وهى نشر انتحارهم على الفيس بوك، من أجل إشعار مَن حولهم بالذنب لعدم الاهتمام بهم أو بمشاعرهم». وعبَّر «فرويز» عن ترحيبه الشديد بالدراسة التى نشرتها مجلة «science»: «الدراسة تلفت الانتباه إلى عدم إهمال كتابات ومشاعر هؤلاء العصابيين، عبر مواقع التواصل الاجتماعى، فدراستها وتحليلها يساهم فى التعرف على المقبلين على الانتحار، وبالتالى الحد منه، خصوصاً أن ظهور تجارب الانتحار عبر فيس بوك قد يؤدى إلى انتشارها فى المجتمع، مع اقتراب عدد العصابيين فى المجتمع من 5 ملايين شخص».
تعليقات الفيسبوك