وقائع استنزاف 189 ألف طن خردة من مخازن "الحديد والصلب"
آلاف الأطنان من الخردة فى المخازن الحكومية
يشكل غياب الحصر الدقيق لمخازن الخردة والكهنة فى مصر أزمات لا تنتهى فى شركات ومخازن الحكومة، وتتجلى الأزمة فى الشركات التابعة لقطاع الأعمال العام، خاصة الشركات المعنية بقطاع الصناعات الثقيلة، ومن بينها شركات الحديد والصلب، والنصر لصناعة الكوك، وشركة النصر لصناعة المواسير الأسمنتية (سيجوارات).
أزمة كبيرة نشبت داخل واحدة من أعرق الشركات المصرية بل أقدمها فى الشرق الأوسط، كان سببها الرئيسى هو الخردة والكهنة، وانتهت الأزمة ببلاغ إلى النائب العام. تفاصيل الأزمة بدأت بعدما أعلنت شركة الحديد والصلب فى سبتمبر من العام الماضى، توقيع عقد مع شركة «حديد المصريين» تحصل بمقتضاه الأخيرة على خردة حديد بكمية تقدر بحوالى 230 ألف طن من مخازن الأولى، وفقاً لمتوسط أسعار البورصة العالمية، وشمل الاتفاق تعاوناً مستقبلياً يتيح لـ«حديد المصريين» شراء الخردة الموجودة بجبل التراب، مكب نفايات الحديد والصلب، المقدرة بنحو 700 ألف طن، إلى جانب خردة الزهر وبعض الخامات الأخرى. ووفقاً لخطاب إفصاح إلى البورصة المصرية موقع من رئيس «الحديد والصلب»، فإن العقد تضمن بيع خردة «الحديد والصلب» لمجموعة حديد المصريين بواقع 20 ألف طن فى الشهر، وفقاً للمتوسط السعرى لأسعار الخردة العالمية، والتى تتراوح حالياً بنحو 320 دولاراً للطن، ويضاف إلى الأسعار 1% رسم دعم صناعة، مضافاً إليه 2% تطوير خدمات، بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة، على أن يتم سداد 50% مقدماً من قيمة الكمية المتفق عليها شهرياً على أساس 5000/ الطن، وتتم التسوية النهائية نهاية كل شهر.
وزير قطاع الأعمال أكد فى تصريحات صحفية عقب التوقيع: «قررنا بيع الخردة المتراكمة لدى شركة الحديد والصلب البالغة 5 مليارات جنيه لسداد مديونيات الشركة»، ولكن بعد شهور من توقيع هذا العقد وفى شهر فبراير الماضى كشفت شركة «الحديد والصلب» أن مخازنها تحوى نحو 41 ألف طن خردة فقط، ما مثل صدمة للمسئولين فى قطاع الأعمال العام. وفى مايو الماضى، تقدمت الشركة القابضة للصناعات المعدنية ببلاغ إلى النائب العام للتحقيق فى احتمال سرقة مخزون الخردة على مدار سنوات سابقة. وقالت شركة الحديد والصلب المصرية، فى إفصاح جديد مرسل إلى البورصة المصرية، إن العقد الموقع مع شركة حديد المصريين نص فى مادته الثانية على أن الكمية الموضحة بالعقد هى كمية تقديرية، وقد ترتب عليه تجهيز وبيع نحو 14772 طناً من الخردة المتنوعة خلال فترة لا تزيد على شهرين. وأوضحت «الشركة» أن الكميات الواردة بالاتفاق لم تختبر بشكل دقيق إلا بعد تجهيزها ونقلها، وهو ما حدا بالشركة القابضة إلى إبلاغ النائب العام للتحقيق فى احتمال تعرضها للسرقة على مدار الأعوام السابقة. من جانبه، كشف مصدر مسئول بشركة الحديد والصلب المصرية، رفض نشر اسمه، أن الادعاءات بوجود سرقة ونهب داخل مخازن الخردة والكهنة بالشركة غير دقيق بالمرة. وأكد المصدر لـ«الوطن» أن الخطأ يرجع فى الأساس إلى التقدير الخاطئ الذى قامت به الشركة القابضة للصناعات المعدنية التى قدرتها بنحو 5 مليارات جنيه على غير الواقع، وأضاف أن آلية التعامل مع الخردة فى مخازن «الحديد والصلب» كانت تتم ببيع كمية من المخزون حسب الحاجة والطلب فى مزادات تقام خصيصاً لذلك الغرض، وجزء من الكميات كان يعاد تصنيعه ويدخل فى أفران ومحولات الصلب.
ولفت المصدر إلى أن التضارب فى القيم والكميات المعلنة قد يكون بسبب أخطاء فى التقييم الفنى لنوعية وجودة الخردة، مؤكداً أن الخردة تصنف إلى نوعين: الأول يسمى «خردة الحديد» ومصنف لها سعر الطن بـ10 آلاف جنيه، وتستخدم فى أفران الكهرباء فى مصانع الصلب مع البيليت، موضحاً أنه يتم استخدامها للصهر أو إضافة مواد أخرى عليها، بينما النوع الثانى وهو «خردة التراب» يدخل من ضمن محتوياتها تراب وكسر طوب وخلافه من الشوائب، وهى ليست خردة حديد صافية وهى أقل سعراً من خردة الحديد، ولا يتخطى سعر الطن منها الـ200 جنيه فقط، مرجعاً سبب التضارب الأساسى إلى غياب الدقة عند التفرقة بين «خردة الحديد» وشبيهتها من «خردة التراب».