"دي مارك".. أمريكي وهب حياته لتوثيق الحرب العالمية على فيس بوك
مايك فان دى مارك
تحولت دراسته للتاريخ إلى عشق أبحر به فى عالم خاص، وتعامل مع الحرب العالمية الثانية كمجموعة من القصص المترابطة، هو الأمريكى مايك فان دى مارك، مؤسس مجموعة «الحرب العالمية الثانية والتاريخ العسكرى»، التى أصبحت من أكبر المجموعات على «فيس بوك» من حيث عدد الأعضاء، والأفضل لدى مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى بسبب مصداقية المعلومات عن المعارك والشخصيات المؤثرة فى الحرب.
«الحرب العالمية الثانية ليست مجرد أسلحة استخدمتها جيوش الحلفاء والمحور فى المعارك، وليست خططاً عسكرية للتوسع أو الانسحاب فحسب، بل لها أبعاد أعمق بكثير، فقد انتهت بالفعل منذ 7 عقود لكن القصص والروايات عنها لا تزال خالدة بين جميع الأطراف المتناحرة أو التى كانت على الحياد، محفورة فى ذاكرة المقاتلين والأبناء والأحفاد والدول التى تغيرت مصائرها»، حسب حديث الأمريكى مايك فان دى مارك، مؤسس مجموعة تاريخ الحرب العالمية الثانية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، لـ«الوطن».
مؤسس مجموعة "التاريخ العسكرى" لـ"الوطن": "الجروب" ساحة للتعارف بين أبناء وأحفاد الجنود والضباط القدامى
يشعر «مارك» بسعاد غامرة حينما تتحول المجموعة إلى ساحة للتعارف بين أبناء وأحفاد الجنود والضباط الذين شاركوا فى الحرب العالمية الثانية، وفى كثير من الأحيان يكتشف عضو فى المجموعة من خلال الصور التى يتشاركها الأعضاء فيما بينهم أن جده الذى مات فى الحرب أو بعدها كان يخدم فى الوحدة ذاتها مع جد عضو آخر، وتصبح فرصة لاسترجاع الذكريات، ويتم إجراء الاتصالات بينهما ليتكرر مشهد الاجتماع ذاته بين الأجداد فى أربعينات القرن الماضى مرة أخرى لكن فى الألفية الجديدة مع الأحفاد.
انتهاء الحرب العالمية الثانية منذ 74 عاماً أدى إلى قلة الباحثين عن تاريخها، فالأجيال الجديدة أصبحت تكتفى بالأفلام الحربية التى تلقى الضوء على بعض المعارك، القصة لم تعد سبب الجذب لكن هناك عوامل أخرى، مثل تصميم المعارك والتصوير والإخراج.
المجموعة التى أسسها «مارك» كانت سبباً فى اكتشافه أمراً خطيراً، يتمثل فى أن العالم يشهد عودة النازية مرة أخرى لكن على استحياء، لا سيما فى بعض دول العالم التى لم تعان من فكر أدولف هتلر خلال الحرب العالمية الثانية، فالأجيال الجديدة تقرأ عنه وتتأثر به، لذا فإنه يرى أن على الدول تعليم التاريخ للطلاب فى المدارس بطريقة مبتكرة وشيقة وتطعيم المناهج بقصص بطولات حقيقية لأبناء تلك الشعوب وتعليمهم معنى الإنسانية.
«مارك» وضع قواعد للمجموعة الخاصة بتاريخ الحرب العالمية الثانية، حتى يستطيع السيطرة على منشورات الأعضاء الذين يخرجون عن النص وتعد أبرز هذه القواعد أن تكون جميع المشاركات للأعضاء باللغة الإنجليزية كونها اللغة العالمية الأولى، احترام جميع الأعضاء وتجنب الحديث فى السياسة والدين، لا يوجد مجال للتنمر أو التعصب لصالح عرق أو دولة بعينها وتتم إزالة جميع التعليقات العنصرية التى لا تمت بصلة للموضوعات المشاركة.
التحقق من المادة المنشورة سواء كانت فيديو أو صورة من أولويات «مايك» الذى دائماً ما يؤكد لأعضاء المجموعة أهمية توفير المصادر العلمية والمراجع ومساعدة الأعضاء لبعضهم، إضافة إلى احترام المناقشة وتقبل الرأى الآخر حال وجود حالة جدل بسبب مقطع مصور أثناء الحرب أو صورة لم يتم التأكد من تاريخها أو اسم المصور، حيث أوجد حلولاً لجميع هذه الإشكاليات تجعل التعامل مع مثل هذه الحالات سلسة وأكثر مرونة، فالتواصل مع مديرى المجموعة مباشرة عبر الرسائل يمكنهم من التواصل مع متخصصين تطوعوا دون مقابل لتوضيح حقيقة المادة المنشورة تاريخياً، ولا يوجد مانع لديهم لشرح أى معلومة عن الحرب العالمية الثانية إذا طلب أحد الأعضاء ذلك بعد تضمين سبب الاستفسار فى الرسالة.
لا يعطى دى مارك فرصة لمن يحاول استغلال المجموعة فى تحويلها لساحة استطلاعات رأى أو جمع التبرعات أو الترويج لمنتجات وخدمات، ليقوم مديرو المجموعة بإزالة جميع الروابط غير المتعلقة بتاريخ الحرب العالمية الثانية.
يخصص «مارك» 18 ساعة من يومه لمتابعة مجموعته «الحرب العالمية الثانية والتاريخ العسكرى»، لأنه يؤمن بأن الشخص الدارس للتاريخ عليه أن يساعد الآخرين فى جعله ممتعاً بالنسبة لهم، ويثقف نفسه دوماً حتى يستطيع الرد على جميع الاستفسارات الخاصة بالمعارك، فالعضو الذى يسأل مرة واحدة ويجد فى الإجابة شرحاً وافياً يتشجع للسؤال مرات عديدة.
تخطت المجموعة مفهوم مشاركة المعلومات التاريخية لدى الأعضاء الذين يخلدون ذكرى المعارك، وتحديد مواعيد ثابتة لعقد ندوات وحلقات نقاشية عبر منشور للعضو المقترح لفكرة الموضوع، فعلى سبيل المثال الموضوع الأكثر مناقشة بين الأعضاء حتى الآن منذ تأسيس المجموعة هو استخدام القنبلة الذرية على اليابان.