خبراء تخطيط طرق: مبادرة "دراجة لكل مواطن" جيدة.. لكن جربوها أولاً
رحلات جماعية لقيادة الدراجات
أكد خبراء طرق وسلامة مرورية تشجيعهم للحكومة على إطلاق مبادرة «دراجة لكل مواطن»، لأنها تسهم فى تقليل الزحام المرورى، ولها فوائد بيئية واقتصادية وصحية كثيرة، موضحين حجم التحديات التى تقابل تنفيذ المبادرة على أرض الواقع، خاصة أنها ثقافة جديدة على الشعب المصرى.
وأشاروا إلى أن بعض المناطق والمدن القديمة لا يمكن تخطيط مسارات للدراجات فيها، وأنه لضمان نجاح المشروع لا بد من تطبيقه فى كل محافظات الجمهورية وليس بعضها.
يقول الدكتور حسن مهدى، أستاذ الطرق والنقل بكلية الهندسة جامعة عين شمس، إن مبادرة «دراجة لكل مواطن» لا يمكن أن تطبق فى مصر بشكل مفاجئ فى الوقت الحالى، وأنه لا بد من وضع دراسة واضحة لها، لأنه ليس من المنطق أن نعمم استخدام الدراجات وإنتاج أعداد كبيرة منها دون تنفيذ مشروع تجريبى أولاً، وليكن فى منطقة جديدة كمدينة 6 أكتوبر، بحيث نشجع سكانها على استخدام الدراجات داخلها، ونخطط فى الشوارع مسارات خاصة بها.
ويضيف: ستكون هذه المرحلة التجريبية مفيدة، وتساعدنا على تعظيم الإيجابيات وتلافى السلبيات عند تنفيذ التجربة فى بقية المناطق، سواء مشابهة لأكتوبر، أو مناطق شعبية، حيث كل منطقة ولها خصائصها وثقافاتها، مشيراً إلى أن الدول الأجنبية التى ينتشر فيها استخدام الدراجات ظروفها البيئية والثقافية تسمح بها، على عكس مصر، التى لا يحترم ناسها من يركبون الدراجة أو «الموتوسيكل»، فالثقافة لدينا مختلفة ولا بد من علاجها وتغييرها عن طريق تنظيم مسابقات ركوب الدراجات، ومنح جوائز للفائزين لتشجيع الآخرين.
ويؤكد أن «كل بلد لها ثقافتها وظروفها، يعنى فى الخليج مفيش دراجات علشان درجة الحرارة، إحنا عندنا نشوف إيه المعوقات ونعالجها وتكون تدريجياً، لكن من الصعب تطبيقها مرة واحدة، لذلك عندنا من الصعب إن حد يروح مشوار الضهر فى درجة حرارة 40 مثلاً»، مضيفاً أن الطرق فى القاهرة غير مؤهلة بمسارات للدراجات بسبب الزحام الشديد، وكذلك إشغالات الأرصفة، التى تجعل المواطنين ينزلون إلى الطريق، ويسيرون بجوار السيارات فيكون من الصعب أن أضيف إلى الطريق عنصراً آخر وهو الدراجات.
"مهدى": أقترح تطبيقها فى "6 أكتوبر" ثم تعميمها تدريجياً.. ولا بد من اختبار الدراجات قبل تصنيع الـ100 ألف
ويرى «مهدى» أن هذه الفكرة تناسب المدن الجديدة ذات الشوارع المتسعة، كالعاصمة الإدارية الجديدة، والمنصورة الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة، خاصة المدن الساحلية، مضيفاً أن إنتاج نحو 100 ألف دراجة جيد، لكن يحتاج إلى دراسة مبدئية ومشروع تجريبى. ويؤكد: «من الطبيعى لما بنزل صنف جديد فى السوق أو سلعة جديدة بتتجرب الأول، علشان ما نصنعش 100 ألف دراجة، وفجأة نبيع 10 آلاف بس، ونكتشف إن الفكرة مش مقبولة عند المواطنين».
"مختار": مدن ومناطق كثيرة لا تصلح لتطبيق التجربة لصعوبة تخصيص مسارات بها.. ونحتاج قوانين وضوابط جديدة
ويقول المستشار سامى مختار، خبير السلامة على الطرق، رئيس الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق وأسرهم، إن المبادرة جيدة وتخفف الزحام المرورى ولها فوائد كثيرة، وبعض المدن الجديدة فى مصر يمكن تخطيط المسارات الخاصة بالدراجات فيها، وستكون هذه البداية الأفضل، حيث إن بعض المدن والمناطق لا تصلح لتخطيط مسارات بها، وفى هذه الحالة سيتم الاستغناء عن تخطيطها بقوة الأمر واقع.
ويشير إلى أهمية نشر هذه الثقافة بين أفراد المجتمع، كبقية الدول التى تنتشر فيها ثقافة ركوب الدراجات، مشدداً على ضرورة تخطيط المسارات لتكون الدراجات بعيدة عن السيارات والنقل الثقيل حفاظاً على حياة المواطنين.
ويطالب «مختار» بوضع ضوابط الأمان والسلامة لقائدى الدراجات الهوائية، وجعلها ضمن قوانين الإدارة العامة للمرور بارتداء الخوذات، وكذلك سلامة الدراجة نفسها، وأن يكون من ضمن مخططات الدولة فى إنشاء المدن الجديدة تخصيص حارات كاملة للدراجات، ما يساعد المواطنين على ركوب الدراجات، ونشرها كثقافة، وألا ينظر إليها الناس على أنها تقليل من قيمة الشخص أو المواطن.
"الكاشف": تحتاج إلى تكاتف جهات كثيرة
ويقول المهندس عادل الكاشف، خبير الطرق، رئيس الجمعية المصرية لسلامة المرور، إن المبادرة جيدة لكنها تحتاج إلى تثقيف الشعب وترسيخها لدى الأطفال والتلاميذ فى المدارس من الناحية البشرية، ومن الناحية الإنشائية لا بد من جعلها ملائمة لأرض الواقع من تخطيط الطرق والإشارات المرورية حتى لا يشكل وجودها خطراً.
ويضيف أن التحديات أمام المبادرة كثيرة، خاصة فى ظل ثقافة القيادة فى مصر، حيث لا يحترم الكثيرون قواعد السير أساساً، وأن نحو 80% من حائزى رخص القيادة لا يستحقونها، مطالباً بأن تكون آليات تنفيذ المبادرة وتخطيط مسارات الدراجات على مستوى الجمهورية بشكل كامل وليست فى بعض المحافظات الكبيرة كالقاهرة والإسكندرية فقط، معلقاً: «لو واحد جاى من منطقة ريفية ما عندوش التخطيط ولا الإشارات دى، ومشى فى شوارع القاهرة والإسكندرية هيبقى متلخبط ويعمل مصايب، يا إما أطبقها فى كل المحافظات يا بلاش».
ويضيف «الكاشف» أن الاستشاريين الهندسيين الذين يشاركون فى تخطيط المدن الجديدة تحت إشراف وزارة الإسكان لم يخططوا ويصمموا حارات الدراجات فى طرق المدن الجديدة فى «Cairo vision 2050» و«Egypt vision 2030»، حسب قوله، قائلاً: «أنا حضرت لجنة معاهم وما لاقتش تخطيط لمسارات الدراجات، والمفروض أصلاً الاستشاريين دول يخططوا لـ100 سنة قدام، والرئيس ظهر أكتر من مرة بالدراجة يعنى بيشجع الناس على ركوبها وعايز شعبه رياضى وبصحة كويسة، بس هو مش هيعمل كل حاجة بنفسه»، لافتاً إلى أن المبادرة جيدة وتحتاج فى تنفيذها لتكاتف جهات كثيرة من هندسيين لتخطيط الطرق وقوانين بالمرور وكذلك التعليم فى المدارس لنشر ثقافتها.