الكهرباء: نستكمل البرنامج النووي السلمي لتلبية احتياجات التنمية
وزارة الكهرباء
ألقى الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة ورئيس وفد مصر، كلمة جمهورية مصر العربية خلال مشاركته في أعمال الدورة (63) للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية المنعقد في فيينا ـ النمسا.
وأعرب وزير الكهرباء في بداية كلمته عن خالص العزاء والمواساة في وفاة يوكيا أمانو المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي أثرى العمل في الوكالة بالعديد من الإسهامات والإنجازات التي ستظل شاهدة على مدى حرفيته وإخلاصه نحو تسخير الطاقة الذرية للاستخدامات السلمية.
وهنأ الوزير السفيرة رئيس المؤتمر وأعضاء المكتب الموقر على انتخابها رئيسا للدورة الثالثة والستين للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، متمنيا التوفيق والسداد في إدارة أعمال هذه الدورة، ومؤكدا دعم وفد مصر الكامل لإنجاح المؤتمر.
وأوضح أنّه في إطار الاستراتيجية الوطنية الشاملة التي أقرّتها مصر لتنويع مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، تواصل مصر استكمال برنامجها النووي السلمي الذي يستهدف بالأساس إنتاج الطاقة الكهربائية لتلبية احتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، وذلك من خلال بناء 4 وحدات للطاقة النووية بقدرة 1200 ميجاوات لكل وحدة، ووفقا للمعايير الدولية التي أقرتها الوكالة في مجال الأمن والأمان النوويين.
وأكد حرص مصر على الاستفادة من الخدمات الاستشارية التي تقدمها الوكالة الدولية للطاقة الذرية للدول الأعضاء في هذا الشأن، إذ تم تقديم تقرير التقييم الذاتي للوكالة في يناير 2019، واستقبال وفدين فنيين حتى الآن في إطار الإعداد لزيارة الـINIR في أكتوبر 2019، ما يعكس سياسة الشفافية الكاملة التي تلتزم بها مصر في الخطوات ذات الصلة بمراحل البرنامج النووي، خاصة فيما يتعلق بالتأكد من سلامة التقييم المتكامل للبنية التحتية، وإعداد الكوادر البشرية ودراسة الاتفاقات والمعاهدات التي يمكن الانضمام لها خلال الفترة المقبلة، وهو ما كان ولا يزال محل ثناء وتقدير من قبل مسئولي الوكالة، الذين نكن لهم أيضاً من جانبنا ذات التقدير.
كما أكد أنّ مصر تدعم الركائز الأساسية الثلاث لعمل الوكالة، الضمانات والأمن والأمان النووي والتعاون الفني، كما تؤكد دائما أنّ نجاح الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تنفيذ مهامها وولايتها يستند بالأساس على مدى قدرتها على تحقيق التوازن المطلوب بين الركائز الثلاث.
وفي هذا الصدد، أشار الوزير إلى ما توليه مصر من أهمية خاصة لمفهوم الاستخدام السلمي للطاقة النووية، باعتبار أنّ ذلك يمثل أساس إنشاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 1957، فضلا عن كونه حق أصيل غير قابل للتصرف، نصت عليه معاهدة عدم الانتشار النووي للدول أعضاء المعاهدة وفقا للمادة الرابعة من المعاهدة.
وأضاف أنّ الاهتمام بموضوعات وبرامج التعاون الفني ينعكس في أوجه عدة تتمثل في سداد الالتزامات المالية لصندوق التعاون الفني، حيث تقدر مصر أهمية توفير الموارد المالية الكافية للصندوق حتى يمكن تنفيذ برامج التعاون الفني، فلا جدوى من برامج التعاون الفني دون توفير الموارد المالية اللازمة، كما يتم بلورة وإعداد مشروعات التعاون الفني بما يحقق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر، خاصة في مجالات الصحة والغذاء والزراعة والصناعة والموارد المائية والثروات المعدنية، فضلا عن إيلاء ما يلزم من اهتمام ورعاية للبعد الإقليمي لتعزيز مجالات التعاون الفني بين الدول العربية، وذلك عبر الهيئة العربية للطاقة الذرية، وأيضا مع الدول الأفريقية من خلال مجموعة "أفرا".
واتصالا بما تقدم، حرصت مصر على توظيف رئاستها الحالية لكل من مجموعة الـ77 والصين والمجموعة العربية للتأكيد على أهمية الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وربط ذلك بتحقيق الأهداف التنموية وخاصة في الدول النامية، فضلا عن تقديم الخبرة والمشورة للدول العربية والأفريقية، واستضافة العديد من برامج التدريب والتأهيل وبناء الكوادر الوطنية.
وأعرب شاكر عن تقدير مصر وترحيبها بالفوز بثقة الوكالة مجددا بإسناد حق استضافة الاجتماع الوزاري الثاني للسياسات العليا لاتفاق التعاون الإقليمي (AFRA) إلى مصر، وهو الاجتماع الذي سيعقد في أسوان في الأسبوع الأول من نوفمبر 2019، ويناقش العديد من القضايا ذات الصلة بمجال تنمية الموارد البشرية وسبل تطوير مركز أفرا للعلوم والتكنولوجيا النووية وغيرها من الموضوعات الخاصة بالاستخدام السلمي للعلوم والتكنولوجيا النووية في أفريقيا، ما يسهم في البناء على ما تحقق من نتائج إيجابية في اجتماع أسوان الأول الذي عقد عام 2017.
كما أعرب عن ترحيب مصر وسعادتها بنجاح مؤتمر الوكالة الوزاري للعلوم والتكنولوجيا النووية الذي عقد في نوفمبر 2018، وصدور بيان وزاري عكس التزام الدول بدعم برامج التعاون الفني، وهو المؤتمر الذي حرصنا فيه على منح الفرصة لأحد شباب الجامعات المصرية المتخصصين في مجال العلوم النووية للمشاركة والتحدث فيه، بما أكد الأهمية التي نوليها لتطوير أجيال جديدة في هذا المجال.
واستكمالا لجهود مصر في هذا المجال، أوضح شاكر أنّ مصر تقدمت منذ عام 2017 بطلب الحصول على حق استضافة مؤتمر الوكالة للطاقة النووية لعام 2021، ما يمثل رسالة إيجابية تعكس دعم المجتمع الدولي لأفريقيا في مجال الاستخدامات السلمية، أخذا في الاعتبار أنّه لم يسبق لأي دولة أفريقية استضافة المؤتمر من قبل، كما أود تأكيد جاهزية مصر واستعدادها الكامل لاستضافة المؤتمر في مدينة شرم الشيخ، مدينة السلام، والتي تعد مركزا عالميا لاستضافة المؤتمرات الدولية.
وأكد أهمية أنشطة التحقق والتفتيش التي تضطلع بها الوكالة للتأكيد من عدم تحريف أي من المواد النووية لغير الأغراض السلمية، ويعد نظام الضمانات الشاملة، الأساس القانوني لنظام ضمانات الوكالة بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي وهو ما يستلزم العمل تحقيق عالمية نظام الضمانات الشاملة والتأكيد على أن عملية تطوير نظام الضمانات لا يجب أن ترتب أية التزامات إضافية على الدول بما يتجاوز التزاماتها التعاقدية الحالية فضلا عن أهمية تفادي تسييس المعايير التي يتم على أساسها تنفيذ أنشطة التحقق.
كما أكد أيضاً على أن تحقيق عالمية نظام الضمانات الشاملة يمثل خطوة أساسية لإنشاء المنطقة الخالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط وتأمين حق شعوب المنقطة في أن تعيش في أمن وسلام ودون أن يهدد أمنها السلاح النووي.
وأضاف أن مصر تواصل جهودها الجادة لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وإخضاع المنشآت النووية لدى جميع دول المنطقة لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتدعو المدير العام مجددا لبذل أقصى جهد ممكن لتنفيذ القرار الذي تقدمه مصر سنويا للمؤتمر العام، والذي يطالب بتطبيق ضمانات الوكالة في الشرق الأوسط وإخضاع المنشآت النووية لنظام الضمانات، وهو القرار الذي لم يشهد أي جهد حقيقي لتنفيذه رغم إقراره سنويا بأغلبية كبيرة بسبب رفض دولة وحيدة في الشرق الأوسط لإخضاع منشأتها النووية، لنظام الضمانات الشامل وتتقدم مصر بذات مشروع القرار إلى الدورة الحالية للمؤتمر العام اقتناعا منها بأهمية اتخاذ خطوات عملية جادة لإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، وتتطلع إلى تأييد كافة الدول للقرار.
كما أضاف أنّ مصر تعرب عن ترحيبها بانعقاد الدورة الأولى من المؤتمر الخاص بإنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط في نيويورك في نوفمبر المقبل، تمهيدا للمقرر الذي اعتمدته الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 2018، ويمثل المؤتمر خطوة عملية جادة جاءت بمبادرة عربية، لكسر حالة الجمود التي تعتري تنفيذ قرار 1995 الخاص بإنشاء المنطقة الخالية في الشرق الأوسط، وتأمل مصر في أن يمثل انعقاد المؤتمر خطوة أساسية لإطلاق عملية ممتدة تسهم في صياغة اتفاقية لإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى.
وتحث مصر الأطراف المعنية على المشاركة في المؤتمر الذي يتيح الفرصة لإجراء حوار مباشر بين دول المنطقة حول الشواغل ذات الصلة بالموضوعات التي يتناولها المؤتمر، كما نطالب سكرتارية الوكالة بالانتهاء من إعداد الوثائق اللازمة للمؤتمر والمشاركة فيه، وفقا للولاية الممنوحة لها بموجب المقرر الذي تم اعتماده في ديسمبر الماضي.
وأكد أنّ موضوعات الأمن النووي تحظى باهتمام كبير من جانبنا، وينعكس هذا الاهتمام بنجاح المرحلة الأولي لمشروع تحديث منظومة الحماية المادية لمفاعلي مصر البحثي الأول والثاني، وجار بدء تنفيذ المرحلة الثانية كما تم مراجعة وتحديث خطة دعم الأمن النووي المتكاملة، ما يسهم في تعزيز ثقافة الأمن النووي والارتقاء بأنظمة الحماية المادية بالمنشآت النووية والإشعاعية وتأمين المصادر المشعة من الفئتين الأولى والثانية.
وفي هذا الصدد، أكد مجددا محددات موقف مصر من الأمن النووي خاصة فيما يتعلق بأنّ أنشطة الأمن النووي تظل مسؤولة خالصة للدول الأعضاء سواء في تحديد احتياجاتها أو تنفيذ أنشطة الأمن النووي، ما يدعونا إلى التأكيد مجددا على أهمية عدم ربط أنشطة الأمن النووي بأي اعتبارات أخرى، خاصة حق الدول في الاستفادة من التطبيقات السلمية للطاقة الذرية واقتصار تمويل أنشطة الأمن النووي على التمويل الطوعي وعدم تمويل أنشطته من الميزانية العادية.
وأشار إلى أنّ مصر ترأست بالاشتراك مع بلغاريا أعمال اللجنة المعنية بوضع البرنامج العلمي والفني لمؤتمر الوكالة الوزاري للأمن النووي الذي يعقد في فيينا في فبراير 2020، إيمانا منها بأهمية موضوعات الأمن النووي، وتتطلع مصر إلى نجاح المؤتمر والخروج بنتائج متوافق عليها تعكس وجهات النظر المختلفة حول موضوعات الأمن النووي.