"حواديت على الجبهة".. صورة على دبابة تخلد لحظة دخول سيناء
صورة المحارب عاطف رشاد
تحت حرارة الشمس الساطعة وسط صحراء منطقة "عجرود" القريبة من محافظة السويس، استرق مجموعة جنود دقائق قليلة من الزمن التقطوا فيها أنفاسهم لنفض غبار الحرب عن أرواحهم قليلا، عقارب الساعة كانت قد تخطت الثانية عشرة ظهرا، جلسوا على متن دبابة في وضع الاستعداد لالتقاط صورة خلدت لحظة دخولهم إلى أرض سيناء خلال مشاركتهم في نصر أكتوبر 1973 العظيم.
لم يعلم قائدهم أنها ستكون الصورة الوحيدة الباقية معهم بعد مرور ما يقرب من نصف قرن على حرب العزة والكرامة، حيث لا يزال محتفظا بها في أرشيف الذكريات الخاص به ينظر إليها كل حين وآخر يلتقط أنفاسه فخرا واعتزازاً متبسما يروي كواليسها لأبنائه وأحفاده الصغار.
ضمن آلاف الجنود المشاركين في حرب أكتوبر المجيدة، كان المحارب عاطف رشاد، ابن قرية شبرازنجي إحدى قرى مركز الباجور التابع لمحافظة المنوفية، أحد المكلفين بمهمة الاستطلاع في الحرب، وهي مهمة يتولى المسؤول عنها متابعة قوات وأسلحة العدو في كل مكان وتتبعها، وإبلاغ القوات المصرية عنها. وحسب روايته، كان مسؤولا عن فرقة هو الرقيب على أفرادها يوجههم من خلال التعليمات التي يتلقاها من القيادات.
سكنت أصوات المدافع قليلا، بعد أن بدأت الحرب تضع أوزارها وبدأ الجنود يلتقطون أنفاسهم، وفي ظهر أحد الأيام دعاهم أحد الضباط للتجمع لالتقاط صور تذكارية احتفالا بالنصر، صورة قد تبدو للناظر إليها بسيطة إلا أنها تحمل كواليس عدة رواها البطل عاطف رشاد في حديثه لـ"الوطن" قائلا: "الصورة كانت بعد العبور 6 أكتوبر بأيام قليلة بعدما تمكنا من دخول سيناء وتم فصل القوات عن بعضها البعض، اجتمعنا أمام وفوق ظهر الدبابة لنستريح قليلا ونوثق انتصارنا بعدسة كاميرا أحد الجنود اصطحبها معه في حقيبته استعدادا لمثل هذه اللحظة".
الدبابة التي التف حولها الجنود كما تظهر الصورة التي يتجاوز عمرها الـ40 عاما، كانت دبابة برمائية تعبر في الماء وعليها مدفع ورشاش مضاد للطائرات وآخر مضاد للدبابات، وفقا لابن محافظة المنوفية.
لا تزال الصورة محفوظة في ركن الذكريات الخاصة بالحرب لدى المحارب عاطف، الذي كان يعمل موظفاً بإحدى الشركات، وحسب روايته، يتصل كل مناسبة وعلى فترات متفاوتة بالأشخاص الذين كانوا معه بالصورة وبخاصة في كل ذكرى للحرب المجيدة.
يتذكر المحارب عاطف لحظات عودته في الإجازة التي سُمح لهم بها لمدة 24 ساعة قائلا: "جابولنا قطر عليه ورد من فوق والأهالي وقفوا القطر في منطقة عين شمس وبدأت الناس تحتفل بينا وصوت الزغاريد كان من كل البلكونات، وأول ما وصلنا محطة مصر السواقين كانوا بيركبونا ببلاش للمحافظات".