صناع السينما العالمية: صعوبات "المستقلة" أكبر من "التجارية".. والشباب يحتاج إلى مساعدة
خبراء السينما الأمريكية بورشة عمل فى «الجونة»
مصاعب عدة تقابل صناع السينما المستقلة من الشباب تبدأ بكتابة الفكرة مروراً برحلة البحث عن تمويل وانتهاءً بإيجاد منصات تستوعب أفلامهم وتتحمس لعرضها حتى ترى أفلامهم النور ولإيجاد الحل المناسب اجتمع على مدار أربعة أيام مجموعة من اثنى عشر شاباً وفتاة من السينمائيين الشباب مع نخبة من صناع السينما المستقلة الأمريكية فى ورش التطوير، التى أقامتها مؤسسة «فيلم إندبندنت»، كما شاركوا فى سلسلة من الندوات لمناقشة واقع السينما المستقلة.
وأجمع صناع السينما الأمريكية أن العاملين فى مجال الأفلام القصيرة يواجهون صعوبات أكبر من العاملين فى الروائية الطويلة أو الأفلام التجارية، حيث ينبغى عليهم العمل كثيراً لتوضيح أفكارهم وجعلها قابلة للمشاهدة فى وقت قصير، وهى الدقائق التى تدور فيها أحداث الفيلم، لذا فهم يقومون بتكثيف المشاهد وجعل الجمل الحوارية -إذا كانت موجودة- قصيرة وتُعطى المبنى المطلوب، لذا فإن صُناع الأفلام القصيرة يبذلون جهداً أكبر، خاصة فى ظل الإمكانيات الإنتاجية الأقل ومحدودية فرق العمل فى هذه الأفلام.
وقال مارفن ليموس، كاتب سيناريو ومخرج ومنتج أمريكى حائز على عدة جوائز: بالرغم من محدودية الإمكانيات ونقص الدعم وقلة منصات العرض فى مصر إلا أن هناك مجموعة من المواهب لا نستطيع التغافل عنها هم فقط فى حاجة لأن نريهم الطريق لينطلقوا، وهناك احتفاء كبير من قبَل صُناع السينما الأمريكيين بصُناع الأفلام المصريين الشباب، الذين يحملون أفكاراً عالية الجودة تتجاوز الحاجز الجغرافى أو اختلاف الثقافات.
مارفن ليموس: يُمكن للأصوات الشابة والمميزة أن تجعل لنفسها موطئ قدم فى الصناعة
وتابع: «من الجيد الجلوس مع مجموعة من صناع الأفلام الشباب المتحمسين، الذين شاهدوا أفلاماً من مختلف أنحاء العالم ويسعون لتكوين وجهات نظر فريدة حول صناعة السينما، وهدفنا أن نقوم بتعليم المشاركين الطرق المختلفة لكتابة القصة السينمائية، والتقنيات الذكية والسريعة بعيداً عن القوالب التقليدية، حتى يُمكن لهذه الأصوات الشابة والمميزة أن تجعل لنفسها موطئ قدم فى عالم صناعة السينما».
وقال أمان عباسى، كاتب سيناريو ومخرج ومدرب كتابة: هدفنا مساعدة الشباب على تطوير مشروعات أفلامهم والقصص التى كتبوها بالفعل وليس بداية تعليمهم السيناريو، فأغلبهم قدم فيلمه الأول بالفعل، ومن اختلاطى بالشباب من صناع الفيلم المصريين وجدت مواهب واعدة، لدى كل منهم خطة ورؤية للعمل ويعرف الأماكن التى سيقوم بالتصوير فيها وما ينقصهم فقط تطوير القصة التى يعملون عليها.
وقالت ميسى لينى، مديرة التطوير لدى مؤسسة Adult swim، ومقدمة برامج على قناة «كارتون نيت ورك»: إن التقدم التكنولوجى ساعد كثيراً فى عملية البحث عن المواهب فى أى مكان بالعالم، فلم يعد الأمر كما كان قبل ثلاثين عاماً، حيث كان المنتجون والموزعون يضطرون للسفر لأماكن مختلفة ومتباعدة لاكتشاف مواهب جديدة.
وأضافت: لا بد من البحث المستمر عن المواهب الجديدة من كُتاب السيناريو وصناع الأفلام الجيدين فهى دوماً عملية متبادلة ومربحة للطرفين سواء الموزع أو صانع الفيلم.
وتابعت: «دوماً ما نبحث عن المواهب، والأمر ليس بالمستحيل، والموهوبون فى كل مكان، وأغلب هؤلاء الموهوبين يتم ترشيحهم من أشخاص شاهدوا أعمالهم الأولى بالفعل ورأوا أنها تستحق الانتشار وهناك بعض صُناع الأفلام الذين تعرفنا إليهم عبر صور أو مقاطع سريعة من أفلامهم على موقع إنستجرام، هذا يدعو إلى الالتفات للتأثير الكبير الذى تُحدثه منصات التواصل الاجتماعى والقوة الهائلة الموجودة على شبكة الإنترنت، ونحن جميعاً كبشر قد انكسرت لدينا حواجز الحدود واللغة عبر هذه الشبكة العملاقة، فيُمكن لمقطع قصير لا يتعدى الستين ثانية أو عبارة يكتبها شخص ما أن تجوب العالم كله، لذلك يُمكن لكتاب القصص وصنُاع الأفلام التواصل مع غيرهم فى جميع أنحاء العالم».
وأشارت «ميسى» إلى أن هناك نقطة مهمة فى عملية التسويق للأعمال الفنية يجب أن ينتبه إليها صُناع ومبدعو هذه الأفلام وهى أن التقدم التكنولوجى جعل هناك سهولة ودقة أكثر فى تحديد نوعية الجمهور المستهدف من خلال العمل، هناك الآن الكثير من الدراسات التسويقية للجمهور المتاح على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى يُمكن عبرها تحديد نوع وفئات الجمهور وما إذا كان سيتقبل العمل أم لا، بدلاً من إهدار الوقت والمال فى محاولة لفت نظر فئات غير مهتمة أو مستهدفة، يُمكن لك أن تختار جمهورك وتنتقى من يُمكنك بث دعايتك إليه.
وقالت ربيكا سوسا، المتخصصة فى توزيع الأفلام على المنصات الإلكترونية: «نعمل أكثر الوقت مع صناع الأفلام الوثائقية، لكنى فى الوقت نفسه أفضّل التنوع فى محتوى هذه الأفلام». وأضافت أنها دائماً ما تطلب من صناع الأفلام ألا يعتمدوا على طريق واحد فقط لبحث توزيع وانتشار أفلامهم، فمنصات الإنتاج والتوزيع الإلكترونية صارت مُتعددة وتفى باحتياجات الجميع وتساعدهم. الآن يُمكن لأى من صناع الأفلام أن يجد من يتحمس لتمويل فيلمه أو يقوم بجمع التمويل اللازم عبر المواقع المتخصصة، ونفس الشىء بالنسبة للتوزيع.
وأكد لؤى خاريش، مدير المشروعات بمؤسسة «فيلم إندبندنت»، منذ نحو ثلاثين سنة تقريباً قرر صناع الأفلام المستقلة بالولايات المتحدة دعم بعضهم البعض بعمل كيان موحد يساعد على خروج أعمالهم للنور فمن يكتب يدعم من يُخرج من خلال «فيلم إندبندنت» الذى سرعان ما انتقل عمله فى الولايات المتحدة ثم فى العالم. ومنذ 4 سنوات تقريباً بدأ «فيلم اندبندنت» العمل فى الوطن العربى ووصل عدد الدول العربية لـ7 دول هى مصر ولبنان والأردن والإمارات والمغرب والجزائر وتونس، بالإضافة إلى دول من جنوب آسيا هى الهند ونيبال وبنجلاديش وباكستان، وذلك من خلال برنامج صناع «الأفلام العالميين»، حيث يتم إلحاق شباب المبدعين وصناع السينما المستقلة بورش عمل تستمر لستة أسابيع لتطوير أعمالهم من سيناريو وإنتاج وإخراج، ومن مصر التحق بتلك الورش عمرو الشناوى وكريم الشناوى وهيثم دبور ومن هنا كان العديد من الأفلام منها «الشيخ جاكسون» و«عيار نارى» و«ستموت فى العشرين».
وأضاف: «كان هدفنا حين بدأنا هو أن نبنى جسراً بين صناع الأفلام المستقلين فى مصر وهؤلاء الموجودين فى الولايات المتحدة وأصبحت هناك ثنائيات فنية بين عدة دول ترجمت فى صورة أعمال فنية صناعها من عدة دول».