علماء ومفتون من 85 دولة: الجماعات الدينية نبتة خبيثة أوقدت الفتن وأضرت بالأمة.. والأولوية لمكافحتها
إحدى فعاليات المؤتمر العالمى السنوى الخامس للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم
أكد علماء ومفتون من 85 دولة، خلال مشاركتهم اليوم فى فعاليات المؤتمر العالمى السنوى الخامس للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، بعنوان: «الإدارة الحضارية للخلاف الفقهى»، أن الجماعات الدينية نبتة خبيثة أوقدت نار الفتن والاحتراب وأضرت بالأمة، بمفاهيمها الغريبة وآرائها الشاذة العجيبة، حتى بات العالم يعيش حالة من الصراع انعكست آثاره المدمرة على الأفراد والمجتمعات وامتدت لتطال الحضارة الإنسانية فى كل مكان.
وقال الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور الإفتاء، إن موضوع مؤتمر هذا العام ينبع من إرادة حقيقية لا تقف عند معالجة المشكلات الفكرية والأخلاقية فى تناول الخلاف الفقهى، وإنما تمتد إلى نية صادقة لاستثمار هذا الخلاف وإدارته بأسلوب رشيد ليكون أداة فاعلة فى دعم منظومة المشاركة الفقهية والإفتائية فى الحضارة المعاصرة، مثمناً مشاركة العلماء المعنيين بشئون الأمة الإسلامية -وخاصة المشتغلين بمجال الإفتاء- فى هذا المؤتمر وغيره من المؤتمرات الجادة التى تُعنى ببحث النوازل التى تشتد إليها حاجة الأمة الإسلامية وتشغل بال المسلمين، داعياً المولى عز وجل أن يكلل جهودهم بالتوفيق والنجاح، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.
"المفتى": أخطار كبيرة تحيق بديننا وشعوبنا.. ولا بد من بعث الروح الحضارية فى قضية الخلاف الفقهى
وأوضح أن هناك أخطاراً كبيرة تحيق بديننا وبشعوبنا.. ومؤتمرنا يهدف إلى بعث الروح الحضارية فى قضية الخلاف الفقهى من جديد، وأن مكانة مصر التاريخية والدينية تجعلها تضطلع بالجسيم من المسئوليات التى لن تتخلى عنها يوماً ما، وأن الخلاف الفقهى، أنتج ثروة فقهية عظيمة لا مثيل لها فى تاريخ البشرية، وأثمر رحمة بين العباد وتعايشاً بينهم فى جو آمن يسوده الحب والرحمة والسلام، وما زلنا نرث هذا الرقى الحضارى جيلاً بعد جيل، حتى نبتت فى أمتنا نبتة سوء انتهجت منهج الخوارج، وجعلوا من الفروع الفقهية أصولاً عقيدية، كفروا بها كل من خالفهم، وأن الأمة تضررت كثيراً من ممارسات هذه التيارات على اختلاف مشاربها وكثرة أهوائها، وأن واجب العلماء والفقهاء والمجتهدين، التصدى لهذه الأفكار الهدامة.
وأثنى الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، فى كلمته التى ألقاها الدكتور نظير محمد عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، نيابة عنه على رؤية المؤتمر المتمثلة فى «الخروج بمبادرات إفتائية تدعم التعايش والاستقرار والحوار الإنسانى»، مؤكداً أنها تسير وفق منهج الأزهر، منارة الوسطية والتسامح والتعددية.
شيخ الأزهر: المتطرفون استحبوا العمى على الهدى.. ولم نرَ التعصب المقيت والخلاف المذموم إلا بعد ظهورهم
وأضاف أنه لا شك أن هذه الجماعات قد أوقدت نار الفتن والاحتراب بين المسلمين بعضهم وبعض بمفاهيمها الغريبة وآرائها الشاذة العجيبة، حتى بات العالم يعيش حالة من الصراع اللا مبرر انعكست آثاره المدمرة على الأفراد والمجتمعات، بل وامتدت آثاره لتطال الحضارة الإنسانية فى كل مكان، ولم يفهموا أن الله سبحانه وتعالى أراد بهذه النصوص التى تحتمل أكثر من معنى التوسعة على عباده المؤمنين والتيسير عليهم والرحمة بهم، ما دامت هذه المفاهيم تستظل بظل مقاصد الشريعة وتسير وفق أقنيتها المعتبرة. وأعرب الشيخ عبداللطيف الهميم -رئيس الوقف السنى العراقى- عن شكره لمصر قيادة وشعباً وحكومة على تنظيم المؤتمر، مضيفاً أن جميع الحضارات الخالدة الفرعونية والقبطية والإسلامية مرت عبر مصر التى تحفظ ذاكرة الأمة وتاريخ الأوطان، وأن قراءة الكلمات فى مصر لها مذاق مختلف ونكهة أخرى، فمصر خارطة معرفية استثنائية وظاهرة غير طبيعية هى الأنقى والأصفى والأطهر.
وأكد أنه لا يتحقق أى منجز حضارى إلا بالثنائيات: سالب وموجب، ذكر وأنثى، خير وشر، والإشكالية ليست فى التعددية، لأن التعددية حاكمة للمجتمع والتاريخ إنما الإشكالية فى إدارة التعدد والتنوع. شكراً لك مصر فمن جذورك تأسس الأزهر ومنك انطلقت ثورة العقل فى التحرير والتنوير.
وقال الدكتور محمد الخلايلة، مفتى الأردن، إن التعامل مع الخلاف بأسلوب حضارى أصل عتيد فى الإسلام، خاصة أن النبى «صل الله عليه وسلم» استمع لقراءتين مختلفتين وعلق على صاحبيهما بقوله: «كلاكما محسن». وأشار إلى أن النبى رسخ للإدارة الحضارية للخلاف الفقهى، ولم يقصد السلف الصالح الخلاف لذاته بل قصد موافقة الشارع فيما قصد، واتسعت صدورهم لهذا الخلاف وقبلوه، وكان الخلاف سبباً لعزتهم ونماء فكرهم، وقدموا ثروة تزخر بها المكتبات الإسلامية اليوم.
واستكمل مفتى الأردن: «لم نسمع فوضى الخلاف فى زمن السلف الصالح، ولا نعتقد أن هناك فوضى فى الفتوى بقدر ما هناك فوضى فى الفكر، نتج عن ذلك فوضى أخلاقية، ودعا مفتى الأردن إلى الاجتهاد الجماعى فى قضايا الأمة، لترشيد الأحكام الشرعية».
وقال الدكتور بوعبدالله غلام الله، رئيس المجلس الإسلامى الأعلى بالجمهورية الجزائرية، إن «مهام العلماء لا تقتصر على مجال العبادات التى مآلها الآخرة وإنما تبدأ مهامهم بإرشاد الأمة وتربيتها وتوجيهها إلى القيم والمبادئ التى شرعها الله للأمة فى حياتها الدنيا حتى تكون هذه الحياة جديرة بأن تضمن للمسلمين رضوان الله والسعادة فى الآخرة». وقال الداعية الحبيب على الجفرى، رئيس مؤسسة طابة، إن الوضع الحالى للأمة يفرض علينا مجموعة من الإشكاليات الهامة، أبرزها سرعة المتغيرات فى زماننا واختلاف منظور الجيل الصاعد للحياة بشكل عام.
وأضاف «الجفرى» أننا سنُسأل أمام الله عز وجل عما نقدمه إلى الجيل الجديد من معلومات وصحيح الدين، وهل نحن بالفعل نقدم لهم الاجتهادات فى المسائل الشرعية التى تعينهم على فهم صحيح الدين، موضحاً أنه نبه قبل ذلك بأننا فى حال عدم الخروج من حالة الغيبوبة التى يعيشها الخطاب الدينى، فستنظر الأجيال المقبلة إلى رجال الدين على أنهم مجرد متاحف.
وختم «الجفرى» بقوله: إن لب المشكلة هى أن النفوس أعيت أصحابها أن تتزكى، وإن إشكالية تجاوز إيثار الحق على النفس إلى إيثار النفس على الحق هى أساس المشاكل التى نعانى منها فى الفترة الأخيرة.