نشرة أخبار تركيا.. المجلس الأطلسي يتخوف من استغلال روسيا وإيران الفراغ الأمريكي في سوريا
أحداث العدوان التركى على سوريا
قال الدكتور سي انتوني بلايف الباحث غير المقيم في المجلس الأطلسي، في تحليل بعنوان "التكاليف الحقيقية لسحب القوات من سوريا"، إن قرار الرئيس دونالد ترامب بسحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، أثار عاصفة من الاحتجاجات بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي بسبب مخاوفها من عودة تنظيم "داعش" إلى الساحة، وخيانة شريك يمكن الاعتماد عليه (الأكراد)، وتمكين الخصوم مثل روسيا وإيران من الاستفادة من الفراغ الناتج عن هذه الخطوة.
إطلاق سراح الإرهابيين هدف مباشر لـ"داعش" بعد الانسحاب الأمريكي
ويرى الباحث أن هذه المخاوف مشروعة، ولكنه من المهم عدم المبالغة في تقديرها، مضيفا: "تنظيم داعش سوف يستفيد من هذه الخطوة، فهذه التطورات سوف تمنحهم فرصة من أجل إطلاق سراح بعض المقاتلين الأسرى في السجون التابعة للقوات الديمقراطية السورية، بالإضافة إلى أفراد عائلات الإرهابيين المحتجزين".
الفوضى تمنح "داعش" فرصة لإعادة تقديم أنفسهم للعرب مجددا
وتابع: "ربما الأهم من ذلك، أن أي فوضى تالية قد تسمح لهم (داعش) بتقديم أنفسهم مرة أخرى إلى السكان العرب باعتبارهم بديل أفضل، ومع ذلك يمثل هذا الوضع مشكلة للجيش التركي وكذلك للجيش السوري الذي ينتشر على الحدود لدعم قوات سوريا الديمقراطية، ورغم أن الولايات المتحدة فقدت قدرتها على مواجهة داعش في سوريا، إلا أنه سيكون من المبالغة القول بأن هذه الخطوة ستعيد تأسيس بما يسمى الخلافة".
وأكمل: "على الرغم من ذلك، لا تزال الولايات المتحدة تفشل في الوفاء بالتزاماتها تجاه قوات سوريا الديمقراطية، وفي هذه الحالة، لا يتعلق الأمر بأسباب انسحاب الولايات المتحدة ولكن الكيفية التي جرت بها عملية الانسحاب، وعلى الرغم من صغر عدد القوات الأمريكية، إلا أن رحيلها أعطى تركيا الضوء الأخضر لعملية تؤدي إلى موت وتشريد الأشخاص الذين قاتلوا نيابة عنها، في حين أن دعمهم في الحرب ضد داعش لا يعطي قوات سوريا الديمقراطية شيكا على بياض للحصول على دعم الولايات المتحدة، فإنه يتطلب من الأخيرة أن تأخذ مصالحهم في الاعتبار ومنحهم الوقت والدعم لإيجاد حل سياسي مع الأتراك أو اتخاذ الخطوات اللازمة من أجل إبعاد المدنيين بعيدا عن القتال".
وأشار الباحث في معرض تفسيره إلى أن انسحاب الولايات المتحدة المفاجئ من الساحة، سيدفع بعض الكيانات إلى الاعتماد على بدائل أخرى وإقامة تحالفات معهم مثل روسيا والصين، متابعا: "عدم الوفاء بالالتزامات سيجعل من الصعب بناء شراكات مستقبلية، فهذه النقطة لا تعني أن الجهات الحكومية وغير الحكومية لن ترغب في إقامة شراكة مع الولايات المتحدة في المستقبل، ولكن هذا يعني أنهم سيكونون أقل استعدادا لقبول المخاطر وأكثر استعدادا لقبول بدائل للولايات المتحدة، مثل روسيا أو الصين".
الخروج "من حرب بلا نهاية" لإطلاق حرب أقوى شراسة ليس منطقيا
ويرى بلايف أنه ليس من المنطق أن يتخذ رئيس الولايات المتحدة قرار الانسحاب بدعوى إنهاء تورط الولايات المتحدة في "حروب لا نهاية لها"، لكي يتم إشعال حرب أخرى بدلا منها، وقد تكون حربا أكبر، منوها بأنه في أثناء كتابة هذا التقرير، كانت القوات السورية وربما القوات الروسية تنتقل إلى مناطق قوات سوريا الديمقراطية لمحاربة داعش ووقف التقدم التركي، ما يزيد من فرص التصعيد.
واستطرد: "من الخطأ خلط الوجود العسكري، حتى في المناطق التي يدور فيها القتال، غالبا ما تؤدي المشاركة المحدودة للمستشارين وموظفي الدعم إلى الحد من النزاع، إن لم يكن تجنبه، هذا هو الحال بالتأكيد مع دعم الولايات المتحدة لوحدات حماية الشعب".
ولفت إلى أن الولايات المتحدة استغلت تدهور قوات داعش، بفرض تواجد عسكري صغير في سوريا، لقد أعطى ذلك صوتا لها في المعادلة السورية، ولكن على ما يبدو فإن واشنطن خسرت هذا الصوت في الوقت الحالي.
وأضاف: "هذه النقطة تقودنا إلى التكلفة الأخيرة التي تتحملها الولايات المتحدة الأمريكية، فإن فقدان هذا الصوت يتبعه فقدان القيادة الأمريكية، لن يستغرق الأمر وقتا طويلا قبل أن تتدخل إيران وروسيا لملء أي فراغ تركته أمريكا وشركاؤها في مناطق قوات سوريا الديمقراطية، إن إزالة الوجود الأمريكي يمنح إيران قدرة أكبر على الوصول إلى حقول النفط السورية، وأكبر جسر بري إلى البحر المتوسط".
ولمح إلى أن هناك احتمال صغير لإمكانية منع الروس من دعم القوات السورية لاستعادة سوريا بأكملها، مضيفا أنه على الرغم من أن الروس لن يواجهوا القوات التركية على الأرجح، إلا أنهم سيكونون في وضع يسمح لهم بالتوسط في أي تسوية واستبعاد المصالح الأمريكية أثناء القيام بذلك.
وبحسب بلايف، فإن إخراج الولايات المتحدة من "الحروب التي لا تنتهي" هدف مثير للإعجاب، لكن التحرك العسكري وإيجاد الثقة بين الشركاء والوقوف بحزم في مواجهة الخصوم، تلعب أدوارا حاسمة في بلوغ هذا الهدف، وسيكون من الضروري استعادة هذه الوظائف مرة أخرى.