بريد الوطن.. بين الإحسان والتدبير
بين الإحسان والتدبير
تخيل معى شخصاً ما من أحد أصدقائك أو معارفك قد تعرض لأزمة مالية فلجأ إليك لكى تساعده، وأنت تعلم تماماً أنه فى احتياج فعلى للمال، وتعلم أيضاً أنه سيسدد ذلك المبلغ قريباً، فبماذا ستصف موقفك النبيل هذا؟! هل كان هذا إحساناً له أم تدبيراً لاحتياجه؟!
هناك فهم مغلوط يخلط بين الإحسان والتدبير، فأحد المعانى الأساسية لكلمة إحسان فى اللغة تعنى منح الشىء لشخص آخر كنوع من أنواع الهبة أو المنحة، أى العطاء بحب وبدون انتظار المقابل، أما التدبير فيمكننا أن نطلق عليه «الدين القائم»، فأنت هنا قد قمت بتدبير أمور شخص ما فى انتظار مقابل آخر أو سداد نفس الشىء لاحقاً، فالتدبير هو العطاء بانتظار الرد، ولذلك ميزت كلمات الحكمة بينهما حين قالت أحسنوا وأقرضوا وأنتم لا ترجون شيئاً، فيكون أجركم عظيماً، ففاعل الإحسان يقوم بذلك مع الجميع، مع من يستحقونه ومن لا يستحقونه أيضاً، والتدبير يمنح لمن يستحق فقط، فإن كان التدبر فى ظاهره أنه فعل الخير فقد يحمل فى دواخله شكلاً من أشكال تبادل المنفعة أو الاستثمار، أما الإحسان فهو نتاج لعدة فضائل أخرى كالكرم والرحمة والإحساس بالآخرين، وهو يحتاج من الإنسان جهداً ووعياً للترفع عن العالم والأحداث، للنظر إلى ما هو أبعد من ذلك.
د. ريمون ميشيل
استشارى الصحة النفسية وكاتب فى مجال العلوم الإنسانية
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي
bareed.elwatan@elwatannews.com