فات الميعاد
هو: زوجتي تصر على أن تعيش في الحلم الوردي الذي يلازمها منذ الخطوبة، وهو أن أعاملها بمنتهى الرومانسية رغم أي شيء وكل شيء بالحياة، رغم إنجابنا أكثر من مرة لكني أشعر أنها لم تنضج بعد، مازالت تفكر بعقلية البنت المراهقة التي تفرح لوردة أو تبتهج لعطر جديد، ويا سلام لو قمت من حين لأخر بعمل مفاجأة لها بدعوتها على سهرة خارج البيت أو إهدائها هدية، حتى لو كان مجرد خاتم "سوليتير" ربع قيراط، فالعبرة بالرمز والهدف النبيل من وراء الهدية.
تراني في دوامة العمل ومكافحة الضغوط اليومية التي لا تنتهي، ورغم كل هذا تتهمني أنني لا أحبها كما ينبغي، وتذكرني بأيام الخطوبة البائدة، حينما كنت أتحسس طريقي للرومانسية وكسب حبها، حاولت إفهامها أننا قفزنا على تلك المرحلة قفزا، وصار علينا أن نكبر وننضج لتربية أولادنا، والعمل هو أهم ما يجب أن نحافظ عليه حتى تستقيم الحياة، وإلا أصبحنا مشردين مطرودين من الشقة التي تحتاج إلى إيجار بـ"الشيء الفلاني".
هي: زوجي لا يلتفت إلى مشاعري وطبعي الرومانسي، الذي يلازمني ويميز شخصيتي المرفهة، هو ما يجعلني أتذوق الحياة، غير أنه لا يحبني كما ينبغي، ينسى التفاصيل الصغيرة التي كانت بيننا، لا يحتفل معي بعيد الحب مثلا ويعتبره "ترفا"، عيد ميلادي لا يتذكره أبدا ولا عيد زواجنا، فقط يذكرني أن ورائنا أقساط و التزامات مادية كبيرة.
يتهمني بعدم النضج، وأن الرومانسية لا مكان لها الآن في ظل تلك المرحلة العصيبة التي تمر بها البلاد والأسرة أيضا ، تخيلت أنه بحاجة إلى تعاطى تلك الرومانسية مثلي، ليستطيع مواجهة قسوة الحياة، قلت له ذات مرة أنني أحب أغنية "فات الميعاد" لأم كلثوم، فهي تجسد الكثير من مراحل حياتي، يومأ برأسه متمما على كلامي ويشيد باللحن والكلمات وكل شيء، ولا ينتبه إلى أني أخبره أن تجاهله لي سيجعلني بائسة، وعندها سيكون قد فات الميعاد لإصلاح ما يمكن إصلاحه.