الحبة الفسفورية "سلاح ذو حدين".. تحفظ الغلال وتحصد الأرواح
مستشفى كفر الدوار العام
على مدار السنوات السابقة لم يكف الأطباء عن التحذير من خطر تناول الحبة الفسفورية، التى تسببت فى قتل العشرات بمراكز وقرى البحيرة، بعد أن أقدموا على تناولها إما بغرض الانتحار أو عن طريق الخطأ، ولم يستطع أى مركز سموم على مستوى المحافظة أو خارجها، فك شفرة هذا السم القاتل، حيث يلفظ من يتناوله أنفاسه الأخيرة قبل الوصول إلى المستشفى، وأمام ذلك لم يجد الأطباء وسيلة للوقاية منه سوى إطلاق التحذيرات من الاقتراب منه.
وشهدت محافظة البحيرة أكثر من 60 حالة انتحار هذا العام فقط، آخرها 3 حالات فى الأسبوع الماضى فقط، وحسب التقارير الرسمية الصادرة من الصحة، لم ينجوا من الحبة الفسفورية سوى 0.5% فقط من الذين تناولوها، من بينهم 10% تناولوا الحبة الفسفورية عن طريق الخطأ، والباقين أقدموا على الانتحار باستخدامها.
الدكتور السيد غازى، نائب مدير مستشفى كفر الدوار العام، والمسئول المباشر عن مركز السموم، يقول لـ"الوطن"، نستقبل العديد من حالات التسمم بمختلف أنواعه، ونتعامل مع جميع الحالات حسب الإمكانيات المتاحة لدينا، ونستطيع بفضل الله أن نسيطر على المواد السامة داخل جسم المصاب، عن طريق إعطائه جرعات مناسبة من المصل الخاص بكل حالة.
وأضاف أن هناك نوعا واحدا من السموم يعجز الأطباء عن السيطرة عليها، خاصة فى حالة تأخر المصاب فى الذهاب إلى المستشفى، وهى سموم الحبة الفسفورية لحفظ الغلال، والتى انتشر استخدامها فى الفترة الأخيرة من قبل المقدمين على الانتحار، خاصة أنها تحت أيدى الفلاحين بالقرى، ولا توجد رقابة من قبل المسئولين على بيعها، متابعاً، تكمن خطورة الحبة الفسفورية عند ابتلاعها، فى تأثيرها على المعدة بصورة سريعة جداً، ويليها الكبد والكلى والجهاز العصبى، وتصبح الوفاة سريعة حال وصول المبيد إلى المعدة مباشرةً، بسبب تأثيرها على الجهاز التنفسى والقلب والمخ، ويقف الأطباء عاجزين أمام هذه النوعية من الحالات، خاصة إذا تأخر المصاب فى الذهاب إلى المستشفى.
صبحى الفران، نقيب الفلاحين بكفر الدوار، يقول: لا غنى عن الحبة الفسفورية لدى الفلاحين، ولا نطالب بمنعها من الأسواق، حفاظاً على المحصول الاستراتيجى، بل نطالب بتقنين بيعها لدى الموزعين، ونحذر الفلاحين من التهاون فى استخدامها، ونشدد على حفظها بعيداً عن متناول الأطفال، نظراً لخطورتها التى ذكرها الأطباء والمتخصصين.
وأضاف: كنا نستخدم بودرة حفظ الغلال قديماً، وكانت مخاطرها جسيمة على المدى البعيد، حيث أنها كانت تظل عالقة بحبة الغلة حتى بعد غسيلها، إلى أن ظهرت بالأسواق تلك الحبوب، وسهولة استخدامها وفاعليتها فى القضاء على السوس والفطريات، شجعت الفلاحين فى الاعتماد عليها.
وأردف "الفران" قائلاً: "إذا كان المواطنون يحملون الحكومة مسئولية المنتحرين، فأنا أؤكد أن مسئوليتهم تنحصر فى جانب صغير جداً، وهو فرض الرقابة على المحلات التى تبيعها للأطفال والمراهقين، وأحمل باقى المسئولية على كل من يُهمل فى استخدامها، ويتركها أمام أبنائه لتناولها بعد أن يوسوس لهم شيطانهم بالانتحار، فليس من المعقول أننا فى عصر التكنولوجيا والزراعة بالكمبيوتر، ومازلنا نعانى من عدم معرفة كيفية الحفاظ على أبنائنا من المواد السامة".