"الكتب المضروبة" صناعة "القراءة الحرام"
"الكتب المضروبة" صناعة "القراءة الحرام"
فى عالم قاسٍ لا يتوقف عن اللهاث خلف كل جديد، تبدو صفحات الكتب ملاذاً آمناً يستريح فى حضنه المواطن العادى لبضع ساعات محصناً من شرور التفكير والقلق، منطلقاً فى عوالم رحبة من العلوم والثقافة والتاريخ، لكن حتى هذه المتعة صارت صعبة المنال، بعد الارتفاع الذى شهدته أسعار الكتب وموجة الغلاء التى أصابت مفردات عملية الطباعة من أحبار وأوراق، فكان الحل إما هجر الكتب وتوديع عالم القراءة إلى غير رجعة، أو اللجوء إلى الحل البديل وهو الاعتماد على «الكتب المزورة» أو ما يعرف بـ«المضروب» لتتناسب أسعارها مع ميزانياتهم المحدودة، حتى وإن أطلق عليها البعض «القراءة الحرام».
دور النشر تنزف.. و"الأزبكية" يحقق أرباحاً.. والبعض يرحّب من أجل الانتشار
أمام هذا المشهد الذى يثير التعاطف تجاه سلوك المواطن اللاجئ لـ«المضروب» من الكتب، يبدو مشهد آخر غير مرئى بالنسبة للجمهور المتعاطف، وهو مشهد ملىء بشكاوى العاملين فى مجال صناعة ونشر الكتب من عملية التزوير، التى لم تدمر الصناعة فحسب، بل إنها تسعى إلى إفلاس العاملين فيها وإغلاق مؤسساتهم، فالمزور لا يفعل شيئاً سوى الاستيلاء على جهودهم المضنية فى صناعة الكتاب بدءاً من البحث عن موهبة أدبية، مروراً بعمليات التصحيح والمراجعة اللغوية ثم تصميم الغلاف والتصحيح مرة أخرى، ثم التوزيع، فهو يستولى على كل تلك الجهود، وفى النهاية يحقق أرباحاً طائلة من ورائهم، دون أن يفعل شيئاً أو يبذل ربع مجهودهم. فى خضم هذا الصراع، حاولت «الوطن» رصد وجهات نظر كل طرف؛ القارئ، دور النشر، الكتّاب، الجهات الرقابية، وعلى الهامش كانت هناك مفارقات مثل هؤلاء الكتّاب الذين اعتبروا أن شراء الكتب المزورة ليس أمراً معيباً، ولم يمانعوا فى عملية التزوير لكتبهم، وفئة ثالثة حاولت رد الجميل للقارئ «الغلبان» الذى رأوا أنه لا يستحق أبداً وصفه بـ«السارق» من خلال مبادرة «فى محبة القراء».