تواصل مصر العظيمة الملهمة، أدهاشنا بشكل مستمر، بما تقدمه لنا من أبناء يقهرون المستحيل ذاته، مواصلين التحديات دون كلل، محاربين القهر والجهل والمرض، ليبرز كل فترة، نموذجًا فريدًا في الإرادة والتحدي، يحول المحنة إلى منحة، مستخرجًا الأمل من رحم الألم، وهاهي إسراء فتحي، تواصل الإبداع.
خرجت إسراء فتحي إلى الحياة، تصاحبها معاناة مستمرة، جراء مرض العظام الزجاجية، لتلزم كرسي متحرك، يعينها فى تحركات محدودة، اقتصرت على الذهاب إلى الطبيب المعالج، ودراستها التى اضطرت أن تتركها إجباريًا وتكتفي بحصولها على الشهادة الإعداية، لعدم قدرتها على الحركة دون مساعدة والدتها.
كتبت إسراء، قصة إنسانية تروى فيها كواليس مرضها، وتدعو من خلالها للتفاؤل والأمل، لتمثل أعظم درجات الرضا بالقدر.
معاناة امتدت لما يزيد عن 17 عامًا، مع مرض أجهدها وأنهك أسرتها، وكلفهم مالا يطيقون من أموال، أنفقوها بلا أمل فى علاجها هى وشقيقتها الصغرى المصابة بنفس المرض، فضلاً عن أنه كان سبب فى حرمانها من أبسط حقوقها فى الحياة، وهو التعليم، والحصول على شهادة جامعية تتمناها مثل أبناء جيلها.
لكن حياتها لم تتوقف عند خروجها من التعليم، وحصول على الشهادة الإعدادية، فتمارس حياتها بشكل طبيعي، "راضية بقضاء الله وقدره"، وتقضى وقتها فى الكتابة والقراءة.
اعتادت إسراء، أن تكتب مقتطفات من حياتها، وتنشرها عبر صفحتها الشخصية على فيس بوك، إلى أن جمعتها فى كتاب، يحمل عنوان "راضيين بقاء الله".
وتعرفت بالصدفة على صاحبة دار "الزيات" للنشر، وطبعته ونشرته، موضحة أن الكتاب مكون من 5 أجزاء، تدعو الناس للتحلي بالصبر ونشر التفاؤل والأمل رغم الألم، إلى جانب المشاعر التى تسيطر عليها جراء الوحدة، التى فرضها عليها المرض، وجزء خاص بالأصدقاء، والحنين إلى الدراسة، "أنا بحب اكتب وعايزة أقدم للناس التفاؤل والأمل وماما شجعتنى ووقفت جنبى كتير، لولا صبرها علينا ماكناش اتعلمنا أصلاً".
إصابة إسراء بمرض العظام الزجاجية الذى ولدت به، وسبب لها أعوجاج فى العمود الفقري، كان من الصعب معه الخروج من المنزل والتعلم، لكن والداتها أصرت على أن تؤدي واجبها على أكمل وجه وتعلمها.
وتقول إسراء لـ"الوطن": "ماما كان بتشيلنى تودينى المدرسة كل يوم، ولما كبرت كان صعب عليها تعمل كده، خصوصا الثانوية، لأنها بتحتاج دورس كتير طول اليوم، فكنت مضطرة اقعد من الدراسة، والحمد لله أنا راضية بقضاء ربنا".
تنوى إسراء، اقتحام مجال التأليف والكتابة بقوة، خلال الفترة المقبلة من حياتها، لتعوض ما فاتها من التعليم: "أنا هاعمل مفاجأة المعرض اللى جاى وهاكتب رواية".
أما والدتها، فلم تقصر يوما مع ابنتيها، اللواتى أصبن بهذا المرض، وحرصت على علاجهن، لكنها لم تجد دواء لهذا المرض اللعين، "روحنا لدكاترة كتير ومفيش فايدة، وكنا بنروح مركز البحوث بتاخد الحقنة بألف جنيه، ومش بتجيب نتيجة، والعملية غالية جدًا، أنا نفسى أشوف بناتى بيتحركوا قدام عنيا، عملنا المستحيل وعمرى ما فقدت الأمل فى ربنا".
تعليقات الفيسبوك