"مؤسسات التمويل متناهي الصغر" تنجح في الوصول إلى 3 ملايين عميل
الشمول المالي
فى ظل اهتمام الدولة بنشر ثقافة الشمول المالى من خلال العديد من الآليات والمبادرات التى تستهدف إتاحة الحصول على الخدمات المصرفية للفئات المهمشة والفقيرة وضم أكبر شريحة ممكنة من العملاء للقطاع المالى الرسمى، برز دور مؤسسات التمويل متناهى الصغر لتصبح لاعباً رئيسياً ضمن منظومة الشمول المالى، وتكمُن أهمية التمويل متناهى الصغر فى خلق العديد من فرص العمل وتوفير مزيد من السلع والخدمات التى تحتاجها المجتمعات، حيث إنه يعمل فى جميع القطاعات «الصناعية، التجارية، الزراعية، والخدمية»، ما يساهم فى جذب كثير من الفئات التى تعمل خارج المنظومة الرسمية للدولة، وهو ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد القومى وزيادة الناتج المحلى الإجمالى للدولة.
وأصدر البنك المركزى المصرى القواعد المنظمة لخدمات الدفع باستخدام البطاقات المدفوعة مقدماً فى يونيو 2019، التى سمحت للبنوك بالاستعانة بالشركات المرخص لها بممارسة التمويل متناهى الصغر «كمقدم خدمة للتعرف على هوية العملاء KYC» والتحقق منها واعتبارها وكلاء للبنوك فى استخراج تلك البطاقات للعملاء، بما يسهم فى زيادة استخدام وسائل الدفع غير النقدى فى إتمام المعاملات المالية بشركات وجمعيات التمويل متناهى الصغر.
مطالب بتوسيع دور "مؤسسات التمويل" لدعم الشمول المالى وجذب شريحة كبيرة للتعامل مع القطاع المالى
وعلى الرغم من معدلات النمو القوية التى حققتها جهات التمويل متناهى الصغر فى مصر خلال السنوات الماضية، والتى كشفت عنها الهيئة العامة للرقابة المالية فى أحدث تقرير لها، حيث بلغت أرصدة التمويل متناهى الصغر للشركات والجمعيات 14.8 مليار جنيه لأكثر من 3 ملايين مستفيد بنهاية الربع الثالث من 2019، مقابل 10.6 مليار جنيه لنحو 2.6 مليون مستفيد بنهاية الربع الثالث من 2018، وبنسبة نمو 40.1%، إلا أن السوق المحلية ما زالت تحتاج إلى المزيد من التمويلات، حيث إن التمويل متناهى الصغر لم يغط سوى 30% فقط من احتياجات نحو 11 مليون عميل. وكشفت دراسة صادرة عن البنك الدولى عن وصول حجم تمويلات مؤسسات التمويل المتناهى الصغر إلى 87.4 مليار دولار عالمياً، تخدم أكثر من 105 ملايين مقترض، حصلت أسواق أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى وشرق آسيا والمحيط الهادئ على النصيب الأكبر منها، بينما لم توجد منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ضمن التقرير.
البنك الدولى: 87.4 مليار دولار حجم التمويلات متناهية الصغر عالمياً تخدم 105 ملايين مستفيد.. والشرق الأوسط وأفريقيا خارج المنافسة
ومن هذا المنطلق يبرز الدور الهام لمؤسسات التمويل متناهى الصغر فى تنشيط هذا القطاع والوصول لأكبر عدد من مستحقى هذه التمويلات، حتى يصبح لدينا نماذج قوية مثل بنك بنجلاديش الذى تأسس عام 1983 ويتعامل مع أكثر من 10 ملايين مقترض، يمثل 97% منهم من النساء، وتبلغ محفظة قروضه متناهية الصغر أكثر من 20 مليار دولار.
ويأتى هذا الاحتياج الكبير للتوسع فى منح التمويلات للمشروعات متناهية الصغر فى ظل اعتماد الدولة على هذا القطاع فى تحقيق مستهدفات خطة التنمية الاقتصادية والشمول المالى، ويرجع ذلك للدور الكبير الذى يمكن أن تلعبه هذه المشروعات فى امتصاص معدلات البطالة مع الزيادة المستمرة للتعداد السكانى، وذلك من خلال بدء هذه الشريحة الكبيرة من الشباب لمشروعاتهم الخاصة، الأمر الذى ينعكس بالتبعية على زيادة معدلات الناتج المحلى الإجمالى، ودعم وانتشار الصناعات المحلية الصغيرة وإحلال هذه المنتجات محل الواردات، وبالتالى تراجع نسب العجز فى الميزان التجارى.
وفى إطار الحملة الإعلامية التى دشنها «الوطن الاقتصادى» حول تعزيز الشمول المالى فى مصر، والتى يأتى ضمن أهدافها إشراك جميع المؤسسات المصرية فى تحقيق أقصى استفادة ممكنة للدولة من تطبيق آليات الشمول المالى، يستعرض «الوطن الاقتصادى» آراء قيادات مؤسسات التمويل متناهى الصغر حول مقترحاتهم فى هذا الصدد.
وقالت الدكتورة منى ذو الفقار، رئيس الاتحاد المصرى للتمويل متناهى الصغر، إن النمو المتسارع لصناعة التمويل متناهى الصغر يعكس دعم مؤسسات الدولة، خاصةً البنك المركزى، والهيئة العامة للرقابة المالية، فى الوصول لأكبر عدد من المواطنين، ومشاركتها فى محاربة الفقر وتوفير مزيد من فرص العمل، بجانب تحقيق الشمول المالى، وأضافت أن أرصدة التمويل متناهى الصغر قفزت إلى 23.17 مليار جنيه بنهاية الربع الثالث من 2019 بنمو 42.7% عن الفترة نفسها من عام 2018، كما نما عدد المستفيدين بواقع 12.5%، مسجلاً 3.4 مليون عميل خلال الفترة نفسها، وأشارت إلى أن الجمعيات والمؤسسات الأهلية واصلت السيطرة على أكبر قاعدة من المستفيدين بواقع 1.916 مليون عميل نهاية الربع الثالث من عام 2019 بنمو 2.2% عن الفترة نفسها من عام 2018، فيما استحوذت شركات التمويل متناهى الصغر على المرتبة الثانية من حيث قاعدة المستفيدين، التى سجلت 1.097 مليون عميل نهاية الربع الثالث من عام 2019، بنمو 35.8% عن الفترة نفسها من عام 2018.
أحمد الخطيب: "مرونة الإجراءات" ساهمت فى وصول التمويل لشريحة كبيرة
من جانبه قال أحمد الخطيب، رئيس شركة أمان للتمويل متناهى الصغر، إن المؤسسات المالية العاملة فى السوق المصرية تركز بشكل أساسى على توصيل الخدمات المالية إلى نحو 10 أو 15% فقط من أفراد المجتمع، ما جعل هناك فجوة فى وصول الخدمات المالية إلى نحو 85% من المصريين، وهو ما دفع الدولة إلى العمل على تعزيز الشمول المالى من خلال كافة الأجهزة والمؤسسات العاملة فى الدولة، وأشار إلى أن شركات التمويل متناهى الصغر لعبت دوراً كبيراً فى الوصول إلى قطاع عريض من غير المتعاملين مع القطاع المصرفى، حيث إن البنوك تطلب العديد من المستندات التى قد لا يملكها الكثير من الأفراد مثل شهادة إثبات الدخل، وتوقع الخطيب أن يلجأ البنك المركزى خلال الفترة القادمة إلى منح شركات التمويل متناهى الصغر جزءاً من تمويلات المشروعات الصغيرة والمتوسطة بفائدة ميسرة، ضمن مبادرة البنك المركزى لتعيد إقراضها للعملاء، خاصة بعد النجاح الذى حققته هذه الشركات فى الوصول إلى قطاع عريض من عملاء المشروعات متناهية الصغر، وأوضح أن «أمان» للتمويل متناهى الصغر تقدم التمويل لعملائها بشروط ميسرة ولا تشترط على العميل أى ضمانات تقليدية، كما أن مدة الحصول على التمويل لا تتخطى الـ72 ساعة للعميل الجديد، وذلك لجذب أكبر شريحة من المواطنين للتعامل مع المؤسسات المالية وتعزيز الشمول المالى، وذكر أن الشركة تقوم بتمويل شراء ماكينات «أمان» للدفع الإلكترونى لنشر وتعزيز فرص الشمول المالى بين أفراد المجتمع، خاصة بعد إتاحة سداد أقساط التمويل متناهى الصغر من خلالها وسداد فواتير الغاز والكهرباء والمياه وشحن الرصيد من خلالها.
عمرو أبوالعزم: "المركزى" و"الرقابة المالية" نجحا فى توفير بيئة جيدة
من جانبه قال عمرو أبوالعزم، رئيس مجلس إدارة شركة تمويلى للمشروعات متناهية الصغر، إن مؤسسات التمويل متناهى الصغر تدعم الشمول المالى من خلال العديد من الآليات، التى يأتى على رأسها جذب شريحة كبيرة من غير المتعاملين مع القطاع المصرفى للحصول على تمويلات من خلال هذه المؤسسات، وأشار إلى أن شركات التمويل متناهى الصغر تعمل بجانب القطاع المصرفى على زيادة الوعى بالخدمات المالية، من خلال الانتشار الكبير لهذه المؤسسات فى المحافظات، خاصة أن نحو 15% فقط ممن يمتلكون حسابات بنكية يتحصلون على منتجات تمويلية، ما يستلزم ضرورة توسيع هذه القاعدة من خلال الشركات، وأوضح «أبوالعزم» أن البنك المركزى المصرى والهيئة العامة للرقابة المالية يلعبان دوراً كبيراً فى توفير البيئة المواتية لعمل شركات التمويل متناهى الصغر، فضلاً عن توفير بيئة تكنولوجية جيدة لإيصال هذه الخدمات للعملاء بشكل أسهل وأكثر مرونة.
"الرقابة المالية": ارتفاع أرصدة التمويل متناهى الصغر للشركات والجمعيات إلى 14.8 مليار جنيه بنهاية سبتمبر 2019
وأشاد بمبادرات البنك المركزى للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وإتاحته للبنوك العاملة فى السوق المحلية إمكانية تقديم تمويلات لمؤسسات التمويل متناهى الصغر لإعادة منحها للعملاء، ما ساهم فى خلق طفرة تمويلية لهذا القطاع خلال آخر عامين، كما ساعد على الوصول إلى شريحة أكبر من العملاء، ولفت إلى أن شركة «تمويلى» تمكنت من الوصول إلى نحو 60 ألف عميل منذ بداية عملها فى أغسطس 2018، مشيراً إلى أن معدلات نمو الشركة تصل إلى 10% شهرياً، وهى الأكبر نمواً فى سوق التمويل متناهى الصغر.
من جانبه قال حسام هيبة، العضو المنتدب لشركة «فيتاس - مصر» للتمويل متناهى الصغر، إن قطاع المشروعات متناهية الصغر إحدى آليات تعزيز الشمول المالى فى مصر، خاصة أن المؤسسات العاملة فى هذا القطاع تستهدف جذب فئات جديدة لا تتعامل مع القطاع المصرفى، وأشار إلى أن التكنولوجيا المالية ساهمت فى عملية الوصول لأكبر عدد من العملاء، حيث وفرت المرونة اللازمة للتعاملات المالية وتسريع الإجراءات، مشدداً على ضرورة زيادة الأدوات الرقمية فى القطاع، حيث إنها تمثل فرصة لمؤسسات التمويل متناهى الصغر للوصول إلى المزيد من العملاء وتعزيز إدماجهم المالى، وتوقع «هيبة» نمو مؤشرات صناعة التمويل متناهى الصغر خلال السنوات المقبلة، بالتزامن مع تحركات الدولة لدعم القطاع، بجانب دخول كيانات جديدة ترغب فى الاستحواذ على حصص كبيرة من السوق، ما يعزز فاعلية الشمول المالى بشكل أكبر.