الدولة تعبر "اختبارات 2019" بنجاح.. و2020 "عام القطاع الخاص"
الاقتصاد
تباينت آراء الخبراء حول وصف عام 2019 على الصعيد الاقتصادى، وذلك نظراً لزخمه وتكدسه بالأحداث والقرارات المحورية التى أثرت على خطوات الاقتصاد المصرى نحو التنمية، ومن هذا المنطلق قام «الوطن الاقتصادى» بإجراء استطلاع رأى ضم 100 شخصية من مجتمع المال والأعمال عن الأداء الاقتصادى خلال 2019، ومستقبل الاقتصاد فى العام الجديد.
ضم الاستطلاع مصرفيين ومحللى بنوك استثمار ورجال صناعة ومطورين عقاريين وغيرهم من رجال الاقتصاد.
ذهبت توقعات المشاركين إلى استمرار الأداء المتطور للاقتصاد فى 2020، وتحسن فى قيمة العملة المحلية أمام الدولار، مع استمرار البنك المركزى فى سياسته التوسعية بتخفيض أسعار الفائدة فى أكثر من مناسبة، بالإضافة إلى توقع تأثير سلبى للمتغيرات الخارجية الحالية على أداء الاقتصاد فى 2020، مؤكدين أن الفرص ما زالت قائمة أمام الدولة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، واستثمار الأزمات الخارجية الحالية من خلال ترويج الإصلاحات الاقتصادية والمالية فى مصر والوضع الأمنى المستقر فيها.
أكد المشاركون أثناء إجاباتهم عن تساؤلات الاستطلاع أن الإصلاحات الأخيرة تدعم بقوة دور القطاع الخاص فى الاقتصاد وتمهد لقيامه بدور أكبر فى ظل الفرص الاستثمارية المربحة وتراجع التضخم واستمرار الرواج الاقتصادى مع التراجع المستمر فى تكلفة التمويل، فضلاً عن الانسحاب المتوقع فى دور الدولة الاستثمارى بعد الانتهاء من أغلب مشروعات البنية التحتية التى تطلبت تدخلها خلال الفترة الماضية.
أداء الاقتصاد المصرى خلال 2019
على صعيد أداء الاقتصاد المصرى خلال 2019، فقد حصل على تقييم 69.8% وفقاً لمتوسطات تقييم المشاركين فى الاستطلاع من 1 إلى 10، حيث يرى المشاركون أن الاقتصاد يسير فى الطريق الصحيح، وذلك فى ظل وصول معدل النمو الاقتصادى إلى 5.6% بنهاية يونيو 2019، ونمو الاحتياطى النقدى إلى 45.11 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2019، وانخفاض معدلات البطالة إلى 7.5%، وتراجع معدلات التضخم لمستويات قياسية، وتحقيق فائض بـ12.78 مليار دولار فى ميزان المدفوعات خلال العام الماضى، وغيرها من المؤشرات الإيجابية التى تثبت مدى قوة وصلابة الاقتصاد المصرى واستعداده للانطلاق خلال المرحلة المقبلة.
أداء الاقتصاد فى 2020
وعن توقعاتهم لأداء الاقتصاد خلال عام 2020، يرى 46% من المشاركين فى الاستطلاع أن الاقتصاد المصرى سيستمر فى تحقيق أداء متطور خلال العام القادم، خاصة بعد انتهاء الدولة من اتخاذ خطوات هى الأصعب والأجرأ فى تاريخ الاقتصاد المصرى، ومن المفترض أن يشهد عام 2020 انطلاقة كبيرة بدعم من مبادرات المركزى الذى أطلقها نهاية العام الجارى، والتى تستهدف تنشيط القطاعات الأكثر حيوية فى الاقتصاد مثل الصناعة والسياحة والعقارات.
64% من المشاركين يتوقعون تعافى الاستثمار.. و68% يتوقعون استمرار تراجع الدولار ويؤيدون كسره حاجز الـ15 جنيهاً فى العام الجديد
ويتماشى ذلك مع توقعات البنك الدولى بمواصلة معدلات النمو ارتفاعها التدريجى إلى 6% بحلول 2021، فضلاً عن استمرار الاستثمارات الخاصة والعامة فى الارتفاع بدعم من الإصلاحات المتعلقة بمناخ الأعمال ومشروعات البنية التحتية، كما توقع نمو الصادرات تدريجياً، واستمرار الانتعاش فى عائدات السياحة وقناة السويس، إلى جانب الزيادة الكبيرة فى الصادرات النفطية.
فيما أوضح 32% من العينة المشاركة أن الاقتصاد المصرى سيشهد استقراراً فى أدائه الاقتصادى خلال العام الجديد، مفسرين ذلك بأن المرحلة القادمة ستكون بمثابة الوقوف على أرض صلبة ومواجهة بعض التحديات التى أثرت بالسلب على أداء عدد من القطاعات المحورية فى الاقتصاد المصرى خلال العام الماضى مثل الصناعة والعقارات والمقاولات، فضلاً عن وضع رؤية لهيكلة الدين الذى وصل لمعدلات قياسية وتستحوذ فوائده على مخصصات ضخمة، وهو ما أكده صندوق النقد الدولى فى أحدث تقرير له أكتوبر الماضى بإبقائه على توقعات النمو الاقتصادى عند 5.9% دون تغيير عن المراجعة الرابعة له، فضلاً عن توقعه بارتفاع الدين الخارجى ليصل إلى 109.7 فى العام المالى المقبل.
بينما يرى 4% فقط أن الأداء الاقتصادى سيشهد تراجعاً خلال 2020 بفعل التوترات التى تجوب الاقتصاد العالمى وحالة التباطؤ التى تشهدها الأسواق.
أبرز الملفات على أجندة الدولة فى العام الجديد
وبسؤالهم عن أبرز الملفات التى لا بد أن تكون على أجندة الدولة فى العام الجديد، فقد جاء ملف الاستثمار فى المقدمة باختيار 45% من العينة المشاركة، مشيرين إلى أنه على الرغم من تصدر مصر الدول الأكثر جذباً للاستثمار الأجنبى فى أفريقيا، فإن هذا الملف لم يصل إلى المستوى المأمول حتى الآن، والذى بإمكانه أن يحدث نقلات نوعية فى الاقتصاد المصرى، مشددين على ضرورة تشجيع القطاع الخاص المحلى والأجنبى لضخ مزيد من الاستثمارات، وإحداث حالة التكامل بين الدولة والقطاع الخاص، موضحين أن مسئولية هذا الملف لا تتوقف على أداء وزارة الاستثمار فقط، ولكن لا بد أن تتكاتف الوزارات المختلفة لتهيئة بيئة استثمارية مواتية فى القطاعات الاقتصادية المختلفة.
الاستثمار والصادرات يستحوذان على إجابات 71% من المشاركين حول الملف الأبرز على أجندة الحكومة
ويأتى فى المرتبة الثانية ملف الصادرات باختيار 26% من المشاركين، وذلك فى ضوء ضعف أداء الصادرات المصرية خلال السنوات الأخيرة والتى قُدرت بـ21.32 مليار دولار فقط خلال الـ10 أشهر الأولى من 2019، وهو رقم لا يليق بحجم الاقتصاد المصرى، لذا يجب على الدولة التركيز عليه خلال العام الجديد، فيما يرى 11% من المشاركين ضرورة متابعة سوق الصرف لضمان استقرار الجنيه أمام الدولار عند المستويات القياسية التى حققها مؤخراً، وذلك فى ظل حالة الترقب التى انتابت مجتمع الأعمال لأسعار الصرف منتظرين التأكد إذا ما كانت المستويات الحالية ستستمر أو أنها حالة مؤقتة.
بينما رشحت النسبة المتبقية (18%) ملفات أخرى كان أهمها التمويل والتضخم والعلاقات الدولية.
اتجاه سعر الدولار فى 2020
وفيما يخص توقعاتهم باتجاه سعر الدولار خلال 2020، قال 68% من المشاركين فى الاستطلاع إن الدولار سيشهد تراجعاً أمام الجنيه المصرى، حيث يرجع بعضهم كسر الدولار حاجز الـ15 جنيهاً خلال تعاملات 2020، مرجعين ذلك إلى زيادة النمو الاقتصادى المتوقع، واستناداً على قاعدة الاحتياطى النقدى الضخمة التى وصلت إلى 45.35 مليار دولار فى نهاية نوفمبر 2019، بجانب تحسن التصنيفات الائتمانية التى أصدرتها وكالتا موديز وستاندرد آند بورز ومؤسسة فيتش مؤخراً، ووصول الاقتصاد لحالة من الصلابة استعداداً لانطلاقه، وذلك فى ظل التوترات التى يشهدها الاقتصاد الأمريكى، وقيام بعض الدول باستخدام عملات أخرى فى التجارة البينية مثل روسيا والصين وفقاً لتصريحات سابقة لرؤساء حكومات هذه الدول.
بينما توقع 22% من المشاركين أن يشهد سعر صرف الدولار استقراراً خلال العام الجديد بعدما حقق الجنيه مستويات قياسية فى ختام العام الجارى، موضحين أن المستوى الحالى يمثل السعر العادل للجنيه أمام الدولار، فيما يرى 10% أن الدولار سيحقق اتجاهاً صاعداً أمام الجنيه المصرى، مبررين ذلك بأن التراجعات الأخيرة هى تراجعات عارضة وستعود لمستويات 17 جنيهاً للدولار مرة أخرى.
تأثير التغيرات الدولية على الاقتصاد المصرى
أوضح 48% من المشاركين أن المتغيرات الاقتصادية الخارجية مثل الحروب التجارية وتباطؤ النمو وزيادة الدين العالمى وسيادة حالة عدم اليقين حول مستقبل الأسواق الناشئة، قد تؤثر سلباً على أداء الاقتصاد المصرى، مشيرين إلى أن حالة التباطؤ التى شهدتها بعض القطاعات وتراجع القوى الشرائية للمستهلكين ما هى إلا جزء من الأوضاع العالمية المتراجعة، موضحين أن توابع وصدمات قرارات الإصلاح الاقتصادى مكنت السوق من امتصاصها خلال العامين الماضيين.
فيما يرى 34% من المشاركين أن هذه الأوضاع تأتى داعمة للاقتصاد المصرى، مبررين اختيارهم بظهور مصر كوجهة استثمارية واعدة أمام المستثمرين الأجانب سواء فى الاستثمار المباشر أو الاستثمار فى الأموال الساخنة، وذلك فى ظل تدنى الأوضاع الاقتصادية فى العديد من الدول المنافسة لمصر، فضلاً عن إمكانية استغلال مصر للصراعات التجارية التى انتشرت بين الدول لزيادة حجم صادراتها لبعض السلع التى تستوردها هذه الدول.
ويرجح 18% من العينة المشاركة فى الاستطلاع أن هذه الأحداث لن تكون مؤثرة على الاقتصاد المصرى.
أداء المجموعة الوزارية الاقتصادية فى 2019
وقيّم المشاركون أداء المجموعة الوزارية الاقتصادية فى 2019 بـ66% وفقاً لمتوسطات تقييم المشاركين فى الاستطلاع من 1 إلى 10، مشيرين إلى نجاح الحكومة فى العديد من الملفات المهمة مثل استقرار السياسة النقدية وانتهاج سياسة توسعية بالتزامن مع تراجع معدلات التضخم لأدنى مستوياته منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادى عند 2.1% فى نوفمبر، بجانب تمكنهم من السيطرة على معدلات البطالة والوصول بها إلى 7.5%، وإطلاق العديد من المبادرات الداعمة للقطاعات الاقتصادية، وتحقيق تقدم ملحوظ فى ملف السياحة الذى شهد اضطرابات كبيرة خلال السنوات الماضية، فيما أوضحوا أن هناك بعض الملفات التى تعثرت أمام الحكومة خلال الفترة الماضية أبرزها تأثر المواطن بشكل كبير من القرارات الإصلاحية وتزايد معدلات الفقر إلى 32.5%، بجانب إدارة ملف الدين العام الشائك، فضلاً عن ملف تنمية الصادرات وتعميق الصناعة التى لم تنفذ بالشكل الذى يتلاءم مع الاقتصاد المصرى بعد.
66% تقييم الخبراء لأداء المجموعة الوزارية الاقتصادية فى 2019.. و40% من المشاركين: التعديل الوزارى الأخير يدعم أداء اقتصاد 2020
التعديلات الوزارية الأخيرة وتطور الأداء الحكومى
أكد 40% من المشاركين أن التعديلات الوزارية الأخيرة ستعزز بقوة من الأداء الحكومى بشكل كبير وتمكنها من استكمال خطة التنمية بنجاح، مشيرين إلى أن دمج بعض الوزارات مثل السياحة والآثار سيمنع حدوث تشابكات بين وظائف الوزارات ويحسن من أداء القطاع، فضلاً عن التغيرات التى طالت بعض الوزارات التى كانت تحتاج لمزيد من التنشيط لتتماشى مع تطلعات وطموحات الدولة.
فيما يرى 58% أن هذه التعديلات تؤثر تأثيراً محدوداً بإجابته بـ«إلى حد ما»، متوقعين أن تستكمل الحكومة الإصلاحات الاقتصادية بنفس الوتيرة تقريباً، خاصة أن التغيير اقتصر على عدد 10 وزراء فقط منهم نحو 5 وزارات متعلقة بالأوضاع الاقتصادية بشكل مباشر، بينما قال 2% فقط إن التعديلات الوزارية لن تعزز من الأداء الاقتصادى بالشكل الذى تطمح إليه الدولة.
اتجاه أسعار الفائدة فى 2020
وعلى صعيد اتجاه أسعار الفائدة فى 2020، توقع 70% من المشاركين من مجتمع المال والأعمال أن تشهد معدلات الفائدة تراجعاً بين 400:200 نقطة أساس (2%: 4%) خلال العام الجديد، وذلك بدعم من المعدلات القياسية التى وصل إليها التضخم، وفى محاولة لدعم حركة الاستثمارات وتنشيط السوق المحلى بعد فترة من السياسة الانكماشية التى اتبعتها الدولة منذ 2016، بينما رجح 22% من المشاركين استقرار معدلات الفائدة عند مستوياتها الحالية التى وصفوها بالقياسية تجنباً للدخول فى موجة تضخمية إذا ما توجه «المركزى» لمزيد من التخفيض، وكان هناك نحو 8% من المتفائلين بحدوث تراجع فى أسعار الفائدة يتعدى الـ4% خلال 2020.
أداء الاستثمار الأجنبى خلال العام الجديد
وفيما يخص أداء الاستثمار الأجنبى خلال 2020، فقد أبدى 64% توقعاتهم بحدوث مزيد من التحسن فى هذا الملف، استناداً إلى ظهور مصر كوجهة استثمارية حازت ثقة الصناديق والمؤسسات العالمية خلال الفترة الماضية، مشيرين إلى إشادة «الأونكتاد» بتجربة مصر فى الحفاظ على مكانتها كأكثر مستقبل للاستثمارات فى أفريقيا للعام الثالث على التوالى، ودراسة نحو 17 صندوقاً سيادياً للفرص الاستثمارية فى مصر، وقيام بعض المؤسسات مثل البنك الأوروبى بزيادة استثماراتها فى مصر، ويأتى تقرير وكالة بلومبرج موالياً لهذا الرأى، حيث أوضح التقرير أن الاقتصاد المصرى هو الأسرع نمواً فى منطقة الشرق الأوسط، والوجهة التى يفضلها مستثمرو الأسواق الناشئة، وتوقع البنك الدولى ارتفاع الاستثمار الأجنبى المباشر ووصول التدفقات إلى 3% من إجمالى الناتج المحلى بحلول 2021.
بينما توقع 26% من المشاركين أن يحقق الاستثمار الأجنبى أداءً مستقراً خلال العام القادم، وذلك فى ظل الأوضاع غير المستقرة التى يشهدها الاقتصاد العالمى، فيما يرجح 10% إمكانية تراجع أداء الاستثمار فى ظل استمرار بعض العوائق التى تدفع المستثمرين للتخارج من السوق المصرية أبرزها البيروقراطية وتضارب آليات تخصيص الأراضى وارتفاع أسعارها.
أبرز المشروعات القومية على مائدة الدولة خلال 2020
وعلى مستوى المشروعات القومية، يرى 64% من المشاركين فى الاستطلاع أن العاصمة الإدارية الجديدة سوف تعتلى قائمة المشروعات على مائدة الدولة فى 2020، وذلك بالتزامن مع انتقال الوزارات والمصالح الحكومية للعاصمة خلال العام الجديد، وبالتالى بدء تعمير المدينة من خلال انتقال المواطنين إلى هناك وتسليم الشركات المشروعات التى انتهت من تنفيذها، بينما يتوقع 22% أن تركز الدولة على المدن العمرانية الجديدة بشكل عام خلال العام الجديد، وذلك لتخفيف التكدس السكانى الموجود فى بعض المحافظات مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية، فى ظل النمو المتسارع لأعداد السكان وهو ما يحتم العمل على هذا الملف بشكل مركز فى الوقت الجارى.
"العاصمة الإدارية" أهم المشروعات
ورجح 14% من المشاركين أن تركز الدولة خلال العام الجديد على مشروعات أخرى منها المثلث الذهبى ومحور قناة السويس.
أجرى الاستطلاع: فريق «الوطن الاقتصادى»
أعده للنشر: عبدالرحمن فرحات