بعد تصدرها "تويتر".. كفر الشيخ بلد الوحدة الوطنية "الرسول والمسيح"
آثار كف الرسول بمسجد الدسوقي.. وقدم المسيح مطبوع بكنيسة العذراء مريم
قدم المسيح بكنيسة العذراء مريم فى سخا
تتميز محافظة كفر الشيخ، بالعديد من المميزات لعل أبرزها خوض أبناء البرلس معركة عام 1956 معركة غير متكافئة مع الأسطول الإنجليزى، لكنهم استطاعوا بجدارة هزيمة الأسطول الفرنسي والإنجليزي في الرابع من نوفمبر في هذا العام، حتى أصبح هذا اليوم عيداً قومياً للمحافظة، تحتفل به بمشاركة القوات البحرية التى حققت نجاحاً كبيراً، كما أنها تطل على شاطئ البحر المتوسط بطول 3 آلاف كيلو متر مربعاً، كما تتميز بأنها بلد الأولياء الصالحين، ففيها عاش ودُفن القطب الصوفى العارف بالله سيدى إبراهيم الدسوقى، وبُنى له مسجد كبير بمدينة دسوق، وفيها مكثت العائلة المقدسة خلال رحلتها بكنيسة العذراء مريم بسخا، فيها أثر كف النبى محمد، داخل مسجد الدسوقى، وبها قدم المسيح عليه السلام داخل كنيسة العذراء مريم.
وتصدرت كفر الشيخ، قائمة الأكثر تداولاً على موقع التدوينات الصغيرة "تويتر"، وذلك عقب إطلاق هاشتاج تحت عنوان #كفر _الشيخ ولم يعرف المغردون سبب تصدر المحافظة للموقع.
وتتميز المحافظة التى يقطنها نحو 4 ملايين نسمة، بالوحدة الوطنية، وتنعم بالهدوء والخلو من التعصب الدينى، فلم تشهد منذ عقود طويلة أي نوع من أنواع الفتن الطائفية أو التعصب بل يشارك المسيحيون المسلمين أعيادهم ويبادر المسلمون بتهنئة إخوانهم المسيحيين في كل أعيادهم ومناسباتهم، فالمسلمون يذهبون للكنائس يقدمون التهنئة فى المناسبات وآخرها أمس، حيث قدم العشرات التهنئة للأقباط بمناسبة عيد الميلاد المجيد، والمسيحيون يشاركون المسلمين فى أحزانهم قبل أفراحهم.
من كفر الشيخ، خرج كثير من الأعلام ليرفعوا اسمها فى سجلات التاريخ، ما بين قادة سياسيين ورجال دين وأبطال رياضيين وعلماء، جعلوا اسمها يتردد على كل المسارح والمنصات وكتب التاريخ التى تحكى عما تحويه المحافظة من كنوز أثرية من التاريخ المصرى القديم، وحتى العصر الإسلامى، حيث مدينة "فوه" بمساجدها الأثرية وطُرزها الفريدة وقبابها، لتحصل المحافظة على نصيب واسع من الشهرة والأهمية، بقدر حجمها ومساحتها وتاريخها الذى يعود لآلاف السنين.
سُميت المحافظة نسبة للشيخ طلحة أبوسعيد بن مدين التلمسانى، الذى يمتد نسبه إلى الإمام الحسين بن على، رضى الله عنه، حفيد رسول الله، بعد أن قطع مسافة كبيرة قدم فيها من المغرب حتى وصل إلى الشام ثم استقر بمصر، قبل نحو أكثر من ثمانية عقود، وبعد أن أدى إحدى صلوات العيد فى ذلك الوقت جلس بهدوء على مائدة طعام على شاطئ النيل كان مشغولاً بكتابة آيات قرآنية على قصاصة ورق، بينما كانت تأتى سفينة تابعة للقوات الرومانية من أعلى النيل لتفسد فى الأرض، وكان الجميع خائفاً منها بينما هو التزم الهدوء، ثم أشار بيده وهو ممسك قصاصة الورق ليقلبها فتنقلب السفينة وينكشف السر أمام الجميع، هذا ملخص ما يرويه الناس عن السر أو العلامة التي عُرف بها وفقاً لروايات الكثيرين، حيث إن والده سأله سؤاله الشهير: لمَ فعلت هذا؟ ليرد "طلحة": "إنهم أعداء الله تعالى وأعداء الدين"، ليقول له والده: "ارحل عن هذا البلد واركب جوادك وخذ معك زوجتك وعندما يقف جوادك فانزل واعلم أن هذا مقامك فتمكن منه وانشر العلم والدين"، واستجاب "طلحة" لوالده وركب جواده ومعه زوجته ووقف الخيل عند تبة مرتفعة قليلاً تسمى "دميلقون" -كفر الشيخ حالياً- ليرفض الخيل أن يتحرك من هذا المكان، فنزل والتف حوله الناس لما ظهرت عليه من بركات، وهنا فى كفر الشيخ بُنى له مسجد وبداخله ضريح.
على بعد نحو 3 كيلو مترات تقع كنيسة العذراء مريم بحى سخا، ففيها مكثت العائلة المقدسة اياماً خلال رحلتها، وبداخلها طبع المسيح قدمه، دخلتها العائلة المقدسة أوائل القرن الميلادى الأول، ومكثت فيها قرابة 3 شهور، ومنها استكملت رحلتها فى مصر، وعند انتشار المسيحية، تم بناء كنيسة "العذراء مريم" فى مدينة "سخا" بمحافظة كفر الشيخ، لتحمل أثر "قدم السيد المسيح"، ونظراً لأهميتها التاريخية والأثرية، تحولت إلى "إبراشية"، وأصبحت مزاراً للأقباط فى كل محافظات مصر، ومقصداً سياحياً للمسيحيين من مختلف أنحاء العالم.
وتضم كنيسة "العذراء مريم" بقايا أحد الأعمدة الأثرية، عبارة عن "تاج حجرى"، مكتوب على ظهره كلمة "الله"، ورقم 1، ويُقال إن الحجر كانت مكتوبة عليه كلمة "الله" فقط، إلا أن بعض القائمين على الكنيسة كتبوا تحتها رقم 1، خشية قيام البعض بتحطيمها، وتم إخفاء ذلك الحجر لفترة طويلة، بدفنه تحت الأرض، إلى أن تم اكتشافه مؤخراً، ومرت الكنيسة الأثرية فى مدينة "سخا" بالعديد من المراحل، ما بين الإهمال والتجديد والتطوير، وتعرضت لحريق هائل عام 2008، نتيجة سقوط شمعة مشتعلة بها، ما تسبب فى تدمير معظم محتوياتها، إلى أن أمر محافظ كفر الشيخ الأسبق، اللواء أحمد عابدين، بترميمها وإعادة تجديدها، كما خضعت لعملية ترميم أخرى عام 2012، وأعيد افتتاحها عام 2014، لتصبح مزاراً دينياً للمسيحيين من مختلف المحافظات، الذين يفدون إليها للتبرك بـ"قدم المسيح"، بعد أن تمت إزالة آثار الحريق.
كما تحمل الكنيسة بين جوانبها العديد من الآثار الدينية، منها كأس مخصصة لـ"التناول"، وصينية مصنوعة من الفضة، وكذا "الماستير"، وهو عبارة عن "ملعقة"، ويعتبر تحفة أثرية نادرة، مدون عليه تاريخ سنة 1213، كما تحتوى على "شمعدان" يحتمل أنه مصنوع من الفضة، أهداه الخديوي إسماعيل إلى الكنيسة، كما هو محفور عليه، مما يعنى أن تاريخه يعود إلى سنة 1862، كما تضم الكنيسة عدداً من المقتنيات الأثرية النادرة، التى يُعتقد أنها تلقتها على سبيل الهدايا من بعض أثرياء الأقباط، أو نذور للكنيسة، ومنها درج للبخور، وصليب، وتيجان كتلك التى توضع على رأس العروسين عند عمل "الإكليل"، وجميعها يعود تاريخها إلى القرن الـ19 الميلادى. وكانت تسمى في السابق باسم "خاست"، وتغير اسمها فى العصر اليونانى إلى "أكسويس"، وقبل مجيء السيد المسيح إلى المدينة، كان يُطلق على المنطقة اسم "بلاد السباخ"، وفى القرن الــ10 الميلادى، سمُيت "يخا أيسوس"، أى "القدم"، ثم استقرت على اسم "سخا"، وحتى القرن الــ18 فى بداية الدولة الفاطمية، كان هذا المكان ديراً، ولم يكن قد تحول إلى كنيسة بعد.