بمجرد أن تعلمت المشي وهي لا تزال صغيرة، كان والدها يصحبها إلى مقر عمله، حيث يمتلك مكتبة في سور الأزبكية، فتصفه بمحل ميلادها، الذي قرأت فيه مجلات الأطفال، ومع كل يوم يزداد عمرها كان الأب يختار لها ما يناسب السن الجديد، حتى كان عام 2008، وهي لا تزال في بدايات شبابها، فرحل الأب عن الدنيا، لتجد نفسها مكانه، تحمل كراتين الكتب، تنظم الرفوف، تتخذ قرارات مصيرية، ومنها رفضها العام الماضي أن تشارك في معرض الكتاب، لكنها حرصت على المشاركة هذا العام.
قبل بضعة شهور، بدأت هبة كرم، تقتني مزيدا من الكتب، تتواصل مع دار النشر التي تفخر بكونها موزعا معتمدا لديها وتضع عنوان المكتبة بالسور كأحد عناوين الحصول على كتبها، لكن وتيرة تلك الأعمال تزايدت استعدادًا لمشاركتها في مهرجان سور الأزبكية الثالث للكتاب والمستمر من 15 يناير الجاري وحتى 15 فبراير المقبل، كما تشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب في الفترة من 22 يناير الجاري وحتى 4 فبراير المقبل.
"هبة" هي الابنة البكر لأبيها، لذلك دون غيرها اهتم بتعليمها شؤون المهنة، وقبل وفاته بأيام استخرج لها كارنيه المعرض كي تساعده، وبعد أن نظم جناحه توفي يوم الافتتاح، فما كان منها إلا أن تحاول ملأ الفراغ الذي تركه، تحمل على عاتقها مسؤولية 3 شقيقات بين استكمال الدراسة كما يحبون، حتى لو تفوقوا عليها، أو تقتني متطلبات زواجهم: "قبل ما يموت قال لي المعرض والمكتبة بتوعك، وحسيت وقتها إن لازم أكون أجدع من أي راجل، وعلمت اخواتي البنات، جهزت واحدة اتجوزت، والتانية هتتجوز خلال شهر، وأخويا اتعلم واختار إنه يشق طريقه في مجال تاني لأنه مش لاقي نفسه في الكتب".
هبة: وقت نقل المعرض إلى مدينة نصر الناس كانت خايفة.. وفي الآخر الدنيا مشيت
"حضرت فلوس الاشتراك في معرض الكتاب وقدمت في القرعة وقولت هي مخاطرة يا صابت يا خابت بس علشان ماحسش إني ضيعت فرصة على إخواتي الأربعة وقصرت في حقهم"، كان ذلك ما دعا "هبة" إلى المشاركة في معرض الكتاب هذا العام بعد أن لمست تفككا بين بائعي السور، فلم يكن الرأي واحد كما حدث في العام الماضي بعدم المشاركة، وطالما هناك اختلاف في الرأي فلم تملك سوى أن تشارك في هذا وذاك، وقالت لـ"الوطن": "الحمد لله طلبي للمشاركة في المعرض اتقبل، ورغم إنها تكلفة عالية بس لو كسبت نص المهرجان هيبقى كويس.. السعر هيختلف ويمكن يوصل للضعف علشان أجمع فلوسي والصرف الزيادة".
التنقل بين مهرجان السور ومعرض الكتاب وخصوصا في الفترة المشتركة بينهما، يبدو مرهقًا في نظر الكثيرين، لكن "هبة" ترى أن أوقات المعارض بما تصاحبه من زيادة في المجهود هي أسعد أيام حياتها، يعوض رتابة معظم العام، كما أنها ستستعين بمندوبين عنها بالمعرض: "مقدرش استغني عن مهرجان السور، وخصوصا إنه نجح جدا السنة اللي فاتت، وهو مكاني الأصلي"، متذكرة ما حكاه والدها أمامها عن الخوف الذي أصابه وأصاب زملاءه مع بداية تنظيم المعرض في مدينة نصر، إلا أنه مع الوقت نجحت التجربة.
تعليقات الفيسبوك