منهم الشعراوي وعبدالوهاب.. ماذا قالوا عن "المنشاوي"؟
ناصر وصفه بالعذب والشعراوي مدحه وموسيقار الأجيال حار فيه
الشيخ محمد صديق المنشاوي
عذوبة صوته المميزة، وحُسن قراءته، واتقانه لأحكام التلاوة، وإجادته لمقامات القراءة، وانفعاله العميق بالمعاني والألفاظ القرآنية، كلها عوامل ساعدت تحقيق الشيخ محمد صديق المنشاوي شهرة واسعة، جعلته أول مقرئ تطلب منه الإذاعة أن يحضر اختبار اعتماده قارئًا بها لكنه رفض.
نشأ في قرية المنشاة التابعة لمحافظة سوهاج عام 1920، لأسرة قرآنية عريقة، فوالده الشيخ صديق المنشاوي القارئ صاحب التسجيلات النادرة في سوريا ولندن، وعمه الشيخ أحمد السيد الذي رفض القراءة بالقصر الملكي، حيث أتم حفظ القرآن الكريم وهو في الثامنة من عمره، وانتقل إلى القاهرة مع عمه ليدرس علم القراءات، حتى صار علمًا من أعلام قراءة القرآن، وصاحب تسجيلات قرآنية في المسجد الأقصى وليبيا وسوريا والكويت.
امتلك المنشاوي قاعدة جماهيرية ضخمة في مصر ومختلف أنحاء الوطن العربي، ليس بين العامة فقط، وإنما أيضًا بين الشخصيات البارزة، لدرجة أنه حمل لقب "مقرئ الجمهورية العربية المتحدة"، كما منحه العديد من الملوك والزعماء الأوسمة والهدايا.
أحب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، قراءات المنشاوي، حيث وصفه بصاحب "الصوت العذب"، ورُوي أنه طلبه للقراءة في مأتم والده بالإسكندرية، واستضافه بعدها في منزله ودعاه باليوم التالي لاستكمال القراءة، وأنه دعا الإذاعة لتسجيل القرآن الكريم كاملًا بصوت المنشاوي، بحسب ما نشرته مجلة الإذاعة والتليفزيون في أحد أعدادها عام 1953.
كما امتدح صوته أيضًا إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي، حيث قال عنه مسبقًا: "من أراد أن يستمع إلى القرآن فليستمع لصوت المنشاوي. إنه ورفاقه الأربعة (يقصد الشيوخ محمود البنا، وعبدالباسط عبدالصمد، ومصطفى إسماعيل، ومحمود الحصري)، يركبون مركبًا، ويبحرون في بحار القرآن الزاخرة، ولن تتوقف هذه المركب عن الإبحار حتى يرث الله ومن عليها".
وتحدث عنه أيضًا الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب، قائلًا: "في تقديري، إنه يمكن التعليق على أي قارئ من القراء إلا المنشاوي الذي يمثل حالة استثنائية يحار أمامها الذائق الفاهم، من يتأمل مخارج الحروف عنده يصعب أن يجد لها وصفًا، وذلك لما منحه الله من حنجرة رخيمة، ونبرة شجية تلين لها القلوب والجلود معا، ويتجلى ذلك عند ختامه للتلاوة، فتراه يستجمع كل إبداع التلاوة في آخر آيتين، بحيث يجعلك تعيش معه أشد لحظات الخشوع على الإطلاق، وما عليك إلا أن تتأمل استرساله ما بين السرعة والتلقائية العجيبة، كما في سورة الإسراء، وبين الهدوء وخفض الصوت كما في سورة العلق، عند قراءته (كلاَّ إنَّ الإنسان ليطغى أنْ رآه استغنى، إنَّ إلى ربك الرجعى)".