الجيش الليبي.. التأسيس في مصر والانهيار 2011
عناصر من الجيش الليبى
عندما يتحدث أى مسئول ليبى عن العلاقات المصرية الليبية لا بد أن تجد بين حديثه الإشارة إلى أن أول نواة لتأسيس جيش ليبى كانت هنا على أرض الكنانة، وسرعان ما يشير كذلك إلى دعم «القاهرة» للجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر، الذى أعاد إحياء الجيش ويخوض معركة حامية ضد الميليشيات والجماعات الإرهابية.
وقد تم وضع النواة الأولى للجيش الليبى عام 1939 غرب مصر كقوة مرافقة للقوات البريطانية لمحاربة القوات الإيطالية، ووصل تعداده وقتها لنحو أحد عشر ألف شخص، وتم تدريبه على يد الجيش الثامن البريطانى، ليتم الاستعانة بهم فى إطار المواجهة بين البريطانيين ودول المحور (إيطاليا وألمانيا)، فى الحرب العالمية الثانية.
شارك بريطانيا مواجهة ألمانيا وإيطاليا
ويقول موقع «بوابة أفريقيا» الإخبارية الليبية إن القيادة البريطانية وممثلها العقيد «بروملو» اتفقت مع محمد إدريس السنوسى، الذى سيصبح ملكاً لاحقاً لليبيا، على الاستعانة بعناصر من المهاجرين الليبيين المقيمين على الأراضى المصرية وغيرهم فى «سيدى برانى» لتكون نواة لجيش ليبى، حيث تم تنظيم العناصر الليبية فى قوة أطلق عليها القوة العربية الليبية، وسُمى أيضاً بالجيش المرابط، وفتح معسكر للتدريب عند الكيلو 9 بهضبة الهرم على الطريق الرئيسى الصحراوى القاهرة - الإسكندرية، وما زال النصب التذكارى لتأسيس هذا الجيش قائماً حتى الآن.
وتمت إعادة هيكلة الجيش الليبى بعد استقلال ليبيا فى 1951 وتمخض عنها هيكلة وحدات نظامية قليلة التسليح، وبدأت الحكومة الليبية فى تأسيس الجيش وإرسال البعثات العسكرية للخارج، وكان لا يزيد عدده عن 2000 جندى، ثم افتتحت الكلية العسكرية فى «بنغازى» سنة 1957، والتى بدأت عام 1959 بتخريج ضباط نظاميين عاملين بالقوات المسلحة الليبية.
أما عن الفروع الأخرى للجيش الليبى فقد تم الإعلان عن إنشاء القوات البحرية عام 1962، وفى أغسطس 1963 تشكل السلاح الجوى، وفى سنة 1968 أنشئت وحدة للدفاع الجوى، وكانت الخدمة فى الجيش طواعية حتى عام 1967، حيث بدأت ليبيا تأخذ بنظام التجنيد الإلزامى بمدة الخدمة نحو 18 شهراً، ليصل عدده إلى حوالى 650 ضابطاً ونحو عشرة آلاف جندى حتى «ثورة الفاتح» عام 1969، التى قادها الزعيم الراحل معمر القذافى.
"القذافى" طوّر كل فروعه
اهتم «القذافى» بتطوير الجيش الليبى خصوصاً سلاح الجو، مع عدد كبير من الخبراء من الاتحاد السوفيتى وبعض الطائرات المقاتلة الفرنسية التى تم شراؤها، وتمت مضاعفة الإنفاق على الجيش، ليصل عدد جنوده إلى عشرات الآلاف بعد أن كانت أعداداً محدودة. وتعاظمت قوة الجيش الليبى حتى عام 2011، عندما اندلعت الانتفاضة ضد «القذافى»، تأثراً بما جرى فى مصر وتونس، وانتهى الأمر إلى القبض على «القذافى» ومقتله فى مدينة «سرت» عقب ضربة لحلف شمال الأطلنطى «ناتو»، ووُجدت جثة وزير الدفاع وقتها أبوبكر يونس بأحد المستشفيات، ومعهما يحدث الانهيار الأكبر للجيش، خصوصاً مع حملة الاتهامات التى تم ترويجها بأن الجيش كان هدفه مجرد حماية «القذافى»، فى حين كان الأخير يقول إنه يدافع عن كيان الدولة، ومعها بدأت مرحلة من تصفية عناصر الجيش واستهدافهم.
"حفتر" يعيده سيرته الأولى
فى عام 2014، بدأ اللواء متقاعد خليفة حفتر، والذى كان قائداً للقوات البرية الليبية، إعادة تأسيس نواة جديدة للجيش الليبى تحت مسمى الجيش الوطنى الليبى، وكوّنه من بقايا الجيش السابق وبعض أبناء القبائل الذين رأوا ضرورة أن يكون هناك جيش للدولة يوفر لهم الأمن والحماية فى مواجهة الميليشيات والمجموعات الإرهابية الموالية إما لجماعة الإخوان أو الجماعة المقاتلة أو تنظيم «داعش» و«القاعدة» الإرهابيين فى فترة حساسة من تاريخ الدولة الليبية. وقد استطاع «حفتر» تطوير الجيش الليبى ليصل تعداده الآن إلى نحو 80 ألف عنصر.