مخرج "قادر 2020": لم يكن أمامي سوى 12 يوما للتحضير لإخراج المناورة
مخرج الحفل والمناورة محمد يونس
«قادر 2020» مناورة عسكرية مصرية من أضخم وأكبر المناورات التى نفذها الجيش المصرى، تحدثت عنها وسائل الإعلام والصحف العالمية لعدة أيام بعدما شاهد العالم قدرة جيشنا التى ظهرت بوضوح فى حفل ختام المناورة الذى شهده الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال افتتاحه قاعدة برنيس العسكرية يوم الأربعاء الماضى.
وشاهد المصريون حفلاً رائعاً ومناورة على الهواء نُقلت بدقة ومهارة وجودة عالية أبهرت كل من شاهدها.
وكما أكدت المناورة قدرة ومهارة رجال الجيش المصرى، أكدت فى الوقت نفسه كفاءة من عكفوا على نقل الصورة بهذه الدقة والكفاءة.
«الوطن» حاورت مخرج الحفل والمناورة محمد يونس لمعرفة كواليس نقل وتصوير «قادر 2020» بمشاهدها الصعبة والدقيقة.
كيف بدأت مشوارك مع مهنة الإخراج؟
- تخرجت فى كلية الإعلام بجامعة القاهرة قسم إذاعة وتليفزيون، وعملت بعد تخرجى فى التليفزيون المصرى فى قنوات النيل المتخصصة، تحديداً فى قناة النيل للدراما، وبعد أقل من عام انضممت لقناة «دريم» وعملت بها كمساعد مخرج، وبعد ذلك أخرجت برنامج «شبابيك» لمدة 6 سنوات، ثم أخرجت برنامج «الحقيقة» للإعلامى وائل الإبراشى لنحو 7 سنوات، وكذلك العديد من البرامج، أبرزها «صباح الخير يا مصر» على شاشة التليفزيون المصرى، وبرنامج «العاشرة مساء»، ثم عملت مديراً فى قناة «صدى البلد»، وأصبحت مشرفاً على برامج القناة، وفى نفس الوقت اتجهت لإخراج البرامج الأكثر صعوبة، وأخرجت برنامج «مفيش مشكلة خالص» للفنان محمد صبحى على شاشة «cbc»، كما قمت بإخراج الحفلات الفنية لكبار الفنانين فى قناة «صدى البلد»، وكذلك حفل افتتاح قناة «cbc2» من أمام سفح الهرم، وحفل افتتاح شبكة قنوات «dmc».
كيف تحولت من إخراج الحفلات والبرامج إلى الأحداث السياسية والمناورات العسكرية؟
- منذ نحو عامين ونصف كُلفت بإخراج حفل افتتاح قاعدة محمد نجيب العسكرية، والذى وفقت بشكل كبير فى إخراجه، وعقب نجاحى فى مهمتى وتقديم إخراج جيد لحفل الافتتاح، وبسبب الأصداء وردود الفعل الهائلة على الحفل داخل مصر وخارجها، تم تكريمى من وزير الدفاع آنذاك الفريق أول صدقى صبحى. وعقب حفل افتتاح قاعدة نجيب مباشرة كُلفت بإخراج حفل افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى لمركز المنارة بالتجمع الخامس، وبإخراج حفل تنصيب الرئيس لفترة رئاسية ثانية وحلفه اليمين الدستورية أمام البرلمان.
نجاحى فى حفل "قاعدة نجيب" سبب ترشيحى
ماذا يعنى لك تكريم وزير الدفاع؟
- «إنى أتكرّم من وزير الدفاع دى حاجة كبيرة جداً»، وأعتقد أن نجاحى فى إخراج حفل افتتاح قاعدة محمد نجيب كان سبباً فى ترشيحى لإخراج حفل افتتاح قاعدة برنيس العسكرية، وختام المناورة العسكرية «قادر 2020».
هل هناك فارق بين إخراج البرامج التليفزيونية والحفلات وإخراج افتتاح قواعد عسكرية ومناورات حربية؟
- الفارق هو السيطرة على مساحات أكبر من خلال عدد أكبر من الكاميرات وسيارات الإذاعة الخارجية، وكذلك الخبرة والقدرة على التحكم فى فريق العمل، وكل مخرج لديه خبرة أكثر فى نوعية ما من الأحداث، ولكن إخراج مناورة عسكرية يتطلب وقتاً وجهداً كبيرين، وأيضاً يتطلب معرفة معلومات كثيرة قد يجهلها المخرج وتؤثر على إخراجه، فالمخرج فى مثل تلك الأحداث لا بد له من معرفة بالروح العسكرية والآلات والمعدات العسكرية التى سيتعامل معها.
حرصت على نقل رسالة الجيش لردع الأعداء وإظهار التناغم بين الأسلحة المختلفة
أطلِعنا على كواليس التحضير لإخراج «قادر 2020»، والصعوبات التى واجهتك.
- قابلت صعوبة كبيرة، خصوصاً أن فترة التحضير كانت لـ12 يوماً فقط، ولكن فور ذهابى لقاعدة برنيس، المكان المقرر لإقامة المناورة، اكتشفت أننى كنت بحاجة لشهر تحضير وليس 12 يوماً فقط. وصممت على تحدى نفسى فى إخراج هذا الحدث، حيث كان من المتعارف عليه فى إخراج مثل تلك المناورات التصوير من على بُعد كبير والتعامل مع عدسات ضيقة، ولكننى صممت على التصوير عن قرب، واستخدام عدسات ضيقة، إضافة لكون المناورة كانت بها حركة كثيرة، فالتصوير كان جواً وأرضاً وبحراً، وكان يتم بعربات مجنزرة وهامر، وفى مثل تلك الظروف كل ذلك يحتاج للتسجيل ثم المونتاج ثم الإذاعة فيما بعد، ولكن الإخراج على الهواء مباشرة أمر فى غاية الصعوبة، وكان بمثابة تحد كبير، كما أن المناورة «قادر 2020» من أقوى المناورات، وأشبه بالحرب الصغيرة.
استخدمت كاميرات "HD" مملوكة للتليفزيون المصرى
نقل المناورة ولقطات قتالية صعبة على الهواء أبهر الجميع، فهل استخدمت نوعاً جديداً من التقنيات؟
- لا لم أستخدم أى تقنيات غريبة أو جديدة، فقط استخدمت كاميرات «HD» المملوكة للتليفزيون المصرى، وكان كل فريق العمل معى من المصريين ولم نستعن بأجانب، ولما رُحت المكان لقيت إن المسافات بعيدة جداً، ومش هينفع التصوير من بعيد، ولو صوّرنا من بعيد مش هيبان أى تفاصيل، ولكن تم توفير جميع الإمكانيات التى طلبتها، بالإضافة لمساعدة إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة وإدارة التخطيط والتجنيد وإطلاعى على كامل التفاصيل، وكذلك فريق عمل كلهم محترفون.
وكان مهماً جداً أن فريق العمل بالكامل مقتنع بالعمل، وتوصيل رسالة للناس كلها، لأن دى كانت رسالة ردع لأعداء مصر وطمأنينة للمصريين إن عندنا جيش قوى.
الجميع يتطلع لمعرفة كم كان عدد فريق العمل الذى نقل لنا المناورة؟
- كنا أكثر من 300 شخص، بعضهم فنى وبعضهم هندسى، والجزء الهندسى كان نحو 160 شخصاً، والفنى حوالى 150، واستخدمنا حوالى 8 عربات للإذاعة الخارجية. وبذلنا قصارى جهدنا لتوصيل رسالة الردع التى أراد الجيش توصيلها لأعداء مصر.
هل تعرّض الفريق لمخاطر؟
- بالطبع تعرضنا لمخاطر، وهناك بعض اللقطات والمشاهد عكست إصرارنا على الخروج بالمناورة على أكمل وجه، فأحد المصورين كان يقف تحت الطائرة الأباتشى وكان يلتقط لها لقطات عن قرب أثناء هبوطها، والأباتشى مفيش حد يقدر يقف تحتها أثناء هبوطها واقترابها من الأرض. ومصور آخر كان يقف تحت طائرة من طراز «مى 24»، والمعروفة دولياً باسم الدبابة الطائرة، وهى هليكوبتر عنيفة جداً، لكنه استطاع متابعتها والجرى معها طوال المناورة دون أخطاء وكانت تلك مهارة كبيرة جداً من المصورين.
وماذا عن التحضيرات الفنية؟
- المناورة كانت عبارة عن مراحل، الأولى بالمجال الجوى فى قاعدة برنيس، باستخدام الطائرات المقاتلة المختلفة، وطائرات النقل، وإنزال القوات فى منطقة محددة، وتمت داخل المطار الحربى فى القاعدة الجوية، وهذا الجزء من المناورة احتاج لعدسات قوية وكبيرة للمسافات البعيدة وسرعة ومهارة عالية من المصورين. أما المرحلة الثانية فكانت بقاعدة برنيس البحرية، وهى التى كانت بها محاولة الإنزال والإبرار للجنود فى منطقة بها عدو للسيطرة عليها. وكنت بسأل نفسى إزاى هعرف أسيطر على كل العناصر دى، ولكن اتدربنا كويس أنا والفريق اللى معايا على السيناريو اللى تم وضعه من هيئة التدريب وعملنا أكثر من بروفة.
محمد يونس: وضعنا كاميرات فى خوذ الجنود ومنطقة الصدر والقدمين لتصوير لقطات الإنزال
هناك مشاهد أبهرت المشاهدين مثل تزويد الطائرات بالوقود فى الجو والقفز بالمظلات، حدّثنا عن كواليسها.
- كانت هناك موجتان للإبرار والإنزال لقوات الصاعقة والمظلات لأماكن معينة للسيطرة على المنطقة، والمصورون فى هذه المرحلة كانوا داخل مناطق الإنزال وأماكن التفجيرات الحية وكان قرار وجودهم فى هذه المناطق قراراً مجنوناً منا، لأننا نخاطر بالوقوف داخل هذه المنطقة، لأنه لو كان حدث أى خطأ فى هبوط الطائرات أو القذف والتفجيرات كان سيتسبب فى خسائر بشرية للفريق، ولكن دقة الطيارين المصريين فى قذف الذخيرة والهبوط والإنزال ساعدتنا فى تجنب الخسائر.
أما عن لقطة التزود بالوقود فى الجو، فقد تمت عن طريق القوات الجوية وسلاح الطيران، حيث تم وضع كاميرا فى جزء معين من كابينة الطائرة، عن طريق الطيارين أنفسهم، ولكن نقل التصوير من داخل الطيارة على الهواء كان صعباً جداً. أما لقطات إنزال الجنود فقد تم التقاطها من الجو عن طريق وضع كاميرات فى خوذ جنود المظلات وفى منطقة الصدر وفى أرجلهم أيضاً.