فايق: النظام الدولي تحكمه الانتقائية والمعايير المزدوجة
رئيس "قومي حقوق الإنسان": تقدم الدول يقاس بمدى التزامها بحكم القانون
محمد فايق
قال محمد فايق رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، إنّ قياس مدى تقدم أي دولة يكون بمدى التزامها بحكم القانون، وهناك نماذج لدول كانت تتحكم فيها المافيا وعصابات المخدرات، وانتشر فيها الفساد، ثم جاءها من قرر الالتزام بحكم القانون وتحويل بلاده إلى دولة قانون، فكان التقدم المذهل، ومن هذه النماذج المكسيك، التي انتقلت بهذا التحول نقلة كبيرة جدا.
وأضاف فايق، خلال ندوة "دولة القانون" التي عقدها المجلس القومي لحقوق الإنسان بالتعاون مع المنظمتين العربية والمصرية لحقوق الإنسان، ومؤسسة كيميت بطرس غالي للسلام والمعرفة، بأحد فنادق القاهرة اليوم، أنّ تبلور مفهوم دولة القانون بديلا لدولة الحكم المطلق لتصبح فيها سلطة القانون، هي السلطة والمرجعية العليا التي تستمد منها الهيئات والقطاعات والتيارات وجميع الممارسات، مرجعيتها الرسمية، ويصبح الفرد في دولة القانون مواطنا صاحب حقوق طبيعية راسخة لا تقبل السلب "حق المواطنة" يضمنها ويحميها القانون ويتساوى فيها الناس من حيث طبيعتهم وكينونتهم الإنسانية.
وتابع رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان أنّ "دولة القانون" هي النقيض للدولة البوليسية التي تتسم بقوة السلطة الإدارية غير المقيدة عادة، فدولة القانون باختصار هي الدولة التي تترسخ فيها "سيادة القانون"، مشيرا إلى أنّ سيادة القانون مثل أعلى قديم، كان أرسطو أول من تحدث عنه كنظام من القوانين المتأصلة في النظام الطبيعي "القانون الطبيعي"، تناولها العديد من الفلاسفة مثل إيمانويل كانت، وجون لوك وغيرهما.
وأشار إلى أنّ سيادة القانون التزام دستوري يترتب عليه أنّه لا يمكن للسلطات العامة، أن تمارس سلطاتها إلا وفقا لقوانين صادرة حسب الإجراءات الدستورية، ومتفقة مع الدستور ومع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ولفت إلى أنّ حقوق الإنسان وسيادة القانون مترابطان إلى أبعد الحدود ويعزز كل منهما الآخر، ولا يمكن حماية حقوق الإنسان في مجتمع ما إلا إذا كانت سيادة القانون قائمة وقوية، فسيادة القانون آلية إعمال حقوق الإنسان وتحولها من مجرد مبدأ إلى واقع وحقيقة.
واستطرد أنّ سيادة القانون وحقوق الإنسان جانبان لمبدأ واحد هو حرية العيش بكرامة، لذلك فالعلاقة بينهما أصيلة ولا تنفصم، وينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنّه من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان، كي لا يضطر المرء في آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد.
وأوضح أنّه في العام 2015، وصف الأمين العام للأمم المتحدة سيادة القانون بأنّها الالتزام بمبدأ الحوكمة، يكون فيه الأشخاص والمؤسسات والكيانات العامة والخاصة، بما في ذلك الدولة ذاتها، مسؤولين أمام قوانين صادرة علنا، وتطبق على الجميع بالتساوي، ويحتكم في إطارها إلى قضاء مستقل متفق مع القواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، والمساءلة أمام القانون، والعدل في تطبيقه، والفصل بين السلطات والمشاركة في صنع القرار، واليقين القانوني، وتجنب التعسف والالتزام بالشفافية الإجرائية والقانونية.
وأكد فايق أنّ هناك عدة أشياء لا يمكن دونها أن تكون الدولة دولة قانون، ولا يمكن بغير وجودها أن تكون هناك سيادة للقانون، وذلك من واقع التجربة والمشاهدة في وطننا العربي، أولها أن تكون الدولة دولة مؤسسات وليست دولة أفراد، يستمد فيها كل شخص سلطته وحدود وظيفته من الدستور والقانون، وليس من قربه من السلطة أو انتمائه العائلي أو الطائفي، أو أي شيء آخر، وأن يكون الفصل بين المؤسسات الدستورية الثلاث "التشريعية والقضائية والتنفيذية" أمر واقع ومنفذ بالفعل بما يضمن استقلال القضاء، والتوازن بين المؤسسات أو السلطات الثلاث، وثانيا التمييز والمساواة أمام القانون.
وشدد على أنّ المواطنين متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي أو لأي سبب آخر.
وأوضح فايق أنّ دستور 2014 نص على ذلك كله، وألزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على أشكال التمييز كافة، كما طلب أن ينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض.
وأشار إلى أنّ المجلس القومي لحقوق الإنسان، سبق وتقدم بمشروع لإصدار قانون الفرص المتكافئة ومنع التمييز وإنشاء المفوضية المذكورة، مشيرا إلى أنّ الشفافية أهم مقومات الحوكمة (الشفافية – المشاركة)، وتعني علانية أنشطة الإدارة، وتوفير المعلومات بما فيها إبرام الصفقات العمومية، والإعلان عن شروط المنافسة مسبقا، وجوهر الشفافية هو إتاحة المعلومات للناس جميعا.
ولفت إلى أنّه من بين الأشياء الإيجابية انضمام مصر إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، واتفاقية الاتحاد الأفريقي لمحاربة الفساد، وكليهما ينص على مبدأ الشفافية، وحاليا تتداول فكرة الحكومة المفتوحة التي تكفل للمواطن الحق في الحصول على الوثائق والإجراءات الحكومية المختلفة.
وأوضح أنّه كما أنّ سيادة القانون التزام دستوري، فإنّها أيضا التزام دولي، إذ أقرت جميع دول العالم أنّ سيادة القانون تسري أيضا على الصعيد الدولي، وقد ترسخ هذا المفهوم في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة، إذ أوضحت أنّ من أهداف الأمم المتحدة تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي، لكن للأسف الشديد - حسب وصفه- فإنّ النظام الدولي تحكمه الانتقائية والمعايير المزدوجة.