الثقافة السنغالية: مجالات فريدة من الفنون لتحقيق الترابط مع أبناء القارة
إحدى عروض الفنون السنغالية
يحظى مجتمع الثقافة السنغالية بتفرد فى العديد من مجالات الفنون التى تنير الفكر وتبنى جسوراً من الترابط والتفاهم بين أبناء القارة السمراء، من خلال إبداعات المسرح والسينما والشعر والثقافة، بمختلف أشكالها وألوانها التى تعكس جمالها وسحرها وتعبر عن مجتمعها.
الشاعر العظيم "سنجور" أول رئيس للبلاد بعد الاستقلال
يحكى عبدالله باه، رئيس اللجنة الثقافية باتحاد طلاب السنغال بمصر، أن الثقافة هى جسر التعاون المعرفى، وهى الركن الوحيد الذى به نستطيع بناء جيل جديد مع حياة أفضل وأمثل، والتعرف على الثقافات الأفريقية المختلفة لتعزيز جسور التواصل والترابط بين أبناء القارة السمراء، وبالتالى يشمل برنامج الدورة العديد من الفعاليات والمشاركات التى تكشف عن معالم الثقافة السنغالية الغنية بأدبائها وشعرائها، يقول: «منذ بداية استقلال السنغال اختار الشاعر الرئيس ليوبولد سيدار سنجور الثقافة لتكون الوجهة، وقد اعتاد أن يقول إن الثقافة هى فى بداية ونهاية كل تطور، وأعطى الأولوية لتنمية الإنسان»، مضيفاً أن أول مهرجان عالمى للفنون الأفريقية فى عام 1966 هو تكريس لهذه السياسة الثقافية التى أراد مشاركتها مع مجتمع الأفارقة بأكمله، واستطاع سنجور منح السنغال أساساً ثقافياً متيناً، كما فعل بانضمامه للفرانكوفونية، حيث كان يقول إن الفرانكوفونية هى فوق كل ثقافة. ووضعت السنغال برامج للأنشطة فى مجالات متعددة.
الأدب السنغالى يعتبر أن الإنسان وُلد فى أفريقيا والثقافة نشأت فى مصر
يتحدث «باه» عن الفنون الحية التى نشأت فى السنغال بعد الاستقلال، منها المسرح، قائلاً: «احتل المسرح، فى جميع الأوقات، مكاناً مهماً فى أفريقيا السمراء عموماً وفى السنغال على وجه الخصوص، كما أنه يتواءم تماماً مع ذوق الجماهير، التى تعتبره وسيلة للتعليم الفعّال».
جميع المسرحيات السنغالية التى أعدها للمسرح الوطنى دانييل سورانو هى أعمال تاريخية تسعى إلى إعادة بناء أحداث الماضى بصورة أكثر أو أقل دقة، ولكن أيضاً تهدف إلى تمجيد الرجل الأفريقى بشكل عام، لتسليط الضوء على فضائله الأساسية، بغرض تكريس تقاليد أفريقيا وذاكرتها من أسلافها الذين أثروا التاريخ الوطنى.
أما بالنسبة إلى الموسيقى، أضاف: لطالما كانت الموسيقى والرقصات تتخلل الحياة اليومية للسنغاليين، مع وجود تنوع كبير حسب المناطق والجماعات العرقية، وتحدث أثناء الاحتفالات العائلية (حفلات الزفاف، والتعميد، وغيرها)، بجانب جلسات لعرض الرسوم المتحركة والمهرجانات الإيقاعية، فإن «إمبالاكس» يفرض على كامل الإقليم ويتردد صداه خارج الحدود كمرادف للموسيقى السنغالية.
وتابع: «هذا النمط من الموسيقى هو مزيج من الآلات والإيقاعات التقليدية والحديثة، بجانب أنواع أخرى من الموسيقى منها الراب، موضحاً أن الموسيقى هى جزء من الأنشطة الثقافية، فهناك العديد من الفنانين المشهورين عالمياً هم من أصول سنغالية، (يوسو ندور)، (بابا مال)».
وتطرّق بالحديث عن الناحية الرياضية وبالأخص كرة القدم، قائلاً: «على الرغم من أن ألعاب القوى والجودو والمصارعة قد حظيت بنتائج مرضية على الصعيد الأولمبى، فإن كرة القدم هى بالتأكيد الرياضة الأكثر شعبية فى السنغال، ويطلق على فريق كرة القدم السنغالى «أسود التيرانجا»، وهناك عدد كبير من مواطنيها يلعبون فى الفرق الأوروبية. أمثال ساديو مانى، والحاج حسين جوف، الذى فاز مرتين بالكرة الذهبية الأفريقية، وفاز مرتين كوصيف بالكرة الذهبية الأفريقية.
أما بالنسبة للفنون السنغالية، فهى نمت بشكل كبير خاصة الحرف التقليدية التى ظهرت بقوة وتنوعت، وتوجد فى السنغال المنحوتات التقليدية والتماثيل والأقنعة الطقسية، وهناك قرية فى السنغال تسمى (القرية الحرفية أو قرية سومبوديون الحرفية) وهذه القرية الحرفية تقدم عرضاً مفصلاً لمنتجات الفن الرئيسية.
منها أوانى فخارية، ومجوهرات من الذهب، وأقمشة مصبوغة، ومنسوجات مظفرة، ولوحات تحت الزجاج. أما بالنسبة للسينما السنغالية، فإنها تُعد واحدة من أقدم وأكثر السينمات ديناميكية فى القارة الأفريقية، حيث كانت السنغال تمثل واحدة من أكبر الصناعات السينمائية وأكثرها إنتاجية فى أفريقيا، ولعلّ أشهر صانع أفلام فى أفريقيا، هو عثمان سيمبين الذى يطلق عليه «والد السينما الأفريقية»، والذى تحظى أفلامه بتقدير كبير من قبَل صناع السينما فى جميع أنحاء العالم، وقد قدم سيمبين مجموعة من 14 فيلماً. منها: «تعدد الزوجات، ما بعد الاستعمار».
الكاتب "شيخ أنتا ديوب" ساهم فى تجديد الفكر التاريخى الأفريقى
ويُعد الأدب السنغالى واحداً من أهم الأدبيات فى غرب أفريقيا ولطالما عُرفت فى العالم، خاصة من خلال الشخصية الاستثنائية؛ مثل ليوبول سيدار يينجور، الشاعر والمغنى الأفريقى، وكذلك الكاتب «شيخ أنتا ديوب»، الذى ساهم عمله فى تجديد الفكر التاريخى الأفريقى، ومن كتاباته: «كتاب الأمم الأفريقية والثقافة»، ويؤكد فى هذا الكتاب حقيقة أن الإنسان وُلد فى أفريقيا وأن الثقافة الغربية وُلدت فى مصر.
كما أن هناك العديد من الإنجازات الثقافية، منها: متحف الحضارات السوداء، بجانب تنظيم المعرض الدولى للكتاب والمواد التعليمية، وتنظيم الأيام الوطنية للتراث الثقافى، وتدوين 18 لغة قومية، ورقمنة صندوق المحفوظات الثقافية، بالإضافة إلى بيت العبيد، وهو مبنى تاريخى يقع فى جزيرة جورى فى داكار بالسنغال، ويرجع تاريخ البناء الأول إلى عام 1536 من قبَل البرتغاليين، ومن هنا ذهب جميع العبيد إلى الأمريكتين تحت أرقام مسجلة.
وغيرها من الإنجازات مثل افتتاح نصب النهضة الأفريقى فى عام 2010، وتمثال «الرجل والمرأة وطفلهما يواجهون الشمس»، رمزاً لانفتاح القارة على بقية العالم، والقرية الحرفية والتى تم إنشاؤها تحت اسم (سومبوديون الحرفية) فى داكار عام 1961، وهى مكان جيد للحصول على فكرة عما ينتجه الحرفيون فى البلاد.
لمتابعة أخبار معرض الكتاب لحظة بلحظة اضغط هنــا.