بطولات الشرطة نهــر عطــاء يتدفـق
من موقعة الإسماعيلية إلى تحرير مصر من الإخوان.. قصص الصمود فى 68 سنة
بطولات الشرطة نهــر عطــاء يتدفـق
تحل الذكرى الـ68 لملحمة الشرطة المصرية فى موقعة الإسماعيلية، التى توافق 25 يناير من كل عام، تلك المعركة التى جسدت التضحيات ضد المحتل البريطانى، والتى راح ضحيتها 50 شهيداً و80 جريحاً من رجال الشرطة على يد الاحتلال الإنجليزى فى 25 يناير عام 1952 بعد أن رفض رجال الشرطة تسليم سلاحهم وإخلاء مبنى المحافظة للاحتلال الإنجليزى.
تلك الذكرى التى يحتفل بها رجال الشرطة من كل عام والتى تمثل تكريماً لرجال على استبسالهم وصمودهم ضد الإنجليز فى ملحمة الإسماعيلية، التى كانت مقدمة لأحداث جسام وقعت بعد ذلك، وغيرت مجرى تاريخ مصر، فهم ما زالوا يقدمون تضحياتهم من أجل رفع راية الوطن عالية خفاقة، وهم رجال لا يهابون الموت، فكل يوم يضربون أروع الأمثلة فداء فى الدفاع عن الوطن بقوة وعزيمة لا تلين، مقدمين أرواحهم من أجل مصر وشعبها العظيم.
الشرطة قدمت 1100 شهيد ونحو 20 ألف مصاب منذ 2011 فى سبيل استعادة الأمن والقضاء على أغلب البؤر الإجرامية فى ربوع الوطن
معركة الإسماعيلية هى واحدة من فصول النضال الوطنى، الذى تأجج إثر إلغاء معاهدة 1936، التى فُرضت على مصر ليقع عليها عبء الدفاع عن مصالح بريطانيا، وعندما انتهت الحرب العالمية الثانية ثارت الحركة الوطنية مطالبة بإلغاء المعاهدة وتحقيق الاستقلال، وما كان من حكومة الوفد إلا أن استجابت لهذا المطلب الشعبى.
وفى الثامن من أكتوبر 1951 أعلن رئيس الوزراء فى ذلك الوقت مصطفى النحاس إلغاء المعاهدة أمام مجلس النواب، وفى غضون أيام قليلة نهض شباب مصر إلى منطقة القناة لضرب المعسكرات البريطانية فى مدن القناة، ودارت معارك ساخنة بين الفدائيين وجيش الاحتلال، فى الوقت الذى ترك أكثر من 91572 عاملاً مصرياً معسكرات البريطانيين للمساهمة فى حركة الكفاح الوطنى، كما امتنع التجار عن إمداد المحتلين بالمواد الغذائية، الأمر الذى أزعج حكومة لندن، فهددت باحتلال القاهرة إذا لم يتوقف نشاط الفدائيين، ولم يعبأ الشباب بهذه التهديدات ومضوا فى خطتهم غير عابئين بالتفوق الحربى البريطانى واستطاعوا بما لديهم من أسلحة متواضعة أن يكبدوا الإنجليز خسائر فادحة.
وشهدت المعركة تحالف قوات الشرطة مع أهالى القناة، وأدرك البريطانيون أن الفدائيين يعملون تحت حماية الشرطة، فعملوا على تفريغ مدن القناة من قوات الشرطة حتى يتمكنوا من المدنيين، ورفضت قوات الشرطة تسليم المحافظة، رغم أن أسلحتهم وتدريبهم لا يسمح لهم بمواجهة جيوش مسلحة بالمدافع.
وفى صباح يوم الجمعة الموافق 25 يناير عام 1952 قام القائد البريطانى بمنطقة القناة «البريجادير أكسهام» باستدعاء ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذاراً لتسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وأن ترحل عن منطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة.
وما كان من المحافظة إلا أن رفضت الإنذار البريطانى وأبلغته إلى وزير الداخلية، الذى طلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام، وأمر القائد البريطانى فى القناة قواته بمحاصرة قوات شرطة الإسماعيلية، وأطلق البريطانيون نيران مدافعهم بطريقة وحشية لأكثر من 6 ساعات، فى الوقت الذى لم تكن فيه قوات الشرطة المصرية مسلحة إلا ببنادق قديمة الصنع، وحاصر أكثر من 7 آلاف جندى بريطانى مبنى محافظة الإسماعيلية والثكنات، اللتين كان يدافع عنهما 850 جندياً فقط، ما جعلها معركة غير متكافئة القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة.
ودافعت الشرطة ببسالة عن أرضها بقيادة الضابط مصطفى رفعت حتى سقط منهم خمسون شهيداً والعديد من الجرحى الذين رفض العدو إسعافهم، لم يكتف البريطانيون بالقتل والجرح والأسر، بل قاموا بهدم قرى مسالمة تابعة للمحافظة لاعتقادهم أنها مقر للفدائيين، ما أثار الغضب فى قلوب المصريين، فنشبت المظاهرات لتشق شوارع القاهرة تنادى بحمل السلاح لمواجهة العدو الغاشم، وكان ذلك بمثابة الشرارة الأولى لثورة 23 يوليو 1952.
وتحتفل وزارة الداخلية بتلك الذكرى الوطنية الخالدة كل عام، والتى تُجسد أعظم صور التحدى والإرادة لإعلاء قيم العزة والكرامة على مر الزمان، وتترافق تلك الذكرى مع أحداث 25 يناير 2011، التى دفع رجال الشرطة المصرية، أعقاب انفلات أمنى مقابل السيطرة عليه، ما يقرب من 1100 شهيد ونحو 20 ألف مصاب فى صفوف رجال الشرطة منذ 2011 حتى الآن.
وترتب على الأحداث التى تلت 25 يناير 2011، انتشار البلطجة والإرهاب وحالة الخوف والفزع فى نفوس المواطنين، خاصة بعد جمعة الغضب 28 يناير، وهو اليوم الذى ما زال محفوراً فى أذهان المصريين، وذلك بعد أن تحول إلى كابوس يهدد أمن البلاد بأكملها، نتيجة تنفيذ تحركات وممارسات استهدفت تدمير الدولة وحرقها، وكان فى مقدمتها إشاعة حالة الانفلات الأمنى وانتشار الجريمة المنظمة، وكان من نتائجها تكوين 3 آلاف عصابة مسلحة، وهروب 23 ألف سجين جنائى، واقتحام وحرق عدد كبير من السجون وأقسام ومراكز الشرطة، ونهب عدد كبير من الأسلحة النارية، ولكن وزارة الداخلية لم تقف مكتوفة الأيدى، فقد بذلت جهوداً جبارة من أجل استعادة الأمن والاستقرار فى أرجاء البلاد.
وعلى مدار السنوات التسع الماضية، ضحت وزارة الداخلية بالكثير من أبنائها من أجل أن تقف مصر على قدميها مرة ثانية بعد الفوضى التى حدثت، واستكملت خطتها نحو تحقيق طفرة أمنية هائلة فى أركان مصر أدت إلى تحسين العلاقة بين الأجهزة الأمنية والمواطنين، حيث استطاعت الأجهزة الأمنية القضاء على أغلب البؤر الإجرامية والخلايا الإرهابية التى كانت تشكل خطراً على الدولة بهدف إعادة النشاط للجهاز الأمنى، بالإضافة إلى التصدى لتجار السلاح والمخربين، حيث أصبح المصريون يعيشون فى أمن وأمان منذ بداية عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، خاصة أن مهمته الأساسية الأولى كانت تثبيت أركان الدولة وتعزيز تماسك مؤسساتها واستعادة الاستقرار الضرورى لمواصلة التقدم.
وعملت وزارة الداخلية على تطوير آليات العمل الشرطى لمواجهة التحديات الأمنية الراهنة وكافة صور وأشكال الجريمة، حيث بذلت الأجهزة الأمنية جهوداً مضنية لتطوير أجهزتها، وتحديثها بشكل كامل وإعادة تسليح أفرادها بأحدث الأسلحة، والأدوات المطلوبة، وهو ما جعل الجهاز الأمنى قادراً على مواجهة جميع الجرائم المستحدثة، بالتزامن مع الحرب التى يخوضها البلد ضد الجماعات الإرهابية، التى كانت تحتاج لآليات غير تقليدية، وتستلزم تطويراً سريعاً لجميع عناصر الأجهزة الأمنية. واستردت الأجهزة الأمنية جزءاً كبيراً من عافيتها وقدرتها على تحمل كافة المصاعب، واستعادت بسط سيطرتها على الشارع المصرى، غير أنها واجهت تحديات من نمط جديد، أهمها زيادة معدلات العمليات الإرهابية، والنشاط المكثف للتنظيمات المتطرفة، وزيادة معدلات الجريمة الجنائية من بينها «الخطف».
ورغم تزايد العمليات الإرهابية بعد ثورة 30 يونيو 2013، إلا أن وزارة الداخلية استطاعت دحر الإرهاب وسحق الجماعات الإرهابية والخلايا التابعة لها، ونجحت فى القضاء على أغلب البؤر الإرهابية خلال العامين الأخيرين، وتحقيق انحسار ملحوظ مقارنة بالأعوام الماضية، الأمر الذى ساهم فى إفشال مخططات تلك الجماعات لنشر الفوضى، ما ساهم فى تحقيق حالة من الاستقرار، خاصة بعدما شهدت البلاد هجمات دامية على مدار عام 2017، نفذتها الجماعات الإرهابية وراح ضحيتها عدد كبير من المواطنين ورجال الشرطة.
ويرجع هذا الفضل إلى جهود قطاع الأمن الوطنى الملقب بـ«صائد الإرهاب»، الذى استرد عافيته بعد الفترة التى تلت 25 يناير 2011، ونجاحه فى رصد وجمع المعلومات عن بقايا وفلول العناصر الإرهابية الذين لم تطلهم يد العدالة بعد، ويدبرون مخططات إحداث الفوضى والاضطراب فى البلاد، وتوجيه ضربات استباقية لهؤلاء لقطع دابر الإرهاب فى مهده، واجتثاث جذوره.
أقرا إيضا
"كلنا واحد" و"قوافل طبية".. الوجه الإنساني لـ"الداخلية"