كيف نجحت مصر في حشد رفض إقليمي ودولي للتدخل التركي بليبيا؟
وزارة الخارجية المصرية
كشف مؤتمر برلين الدولي حول ليبيا، وبعده مؤتمر دول الجوار الليبي في الجزائر، عن نجاح جهود الدبلوماسية المصرية في حشد رفض دولي وإقليمي واسع لمساعي التدخل العسكري التركي في ليبيا.
وواصلت القاهرة تحركاتها منذ إعلان الاتفاق العسكري البحري بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وفايز السراج، حيث نجحت مصر في استصدار قرار عربي يرفض التدخلات الأجنبية في ليبيا وذلك خلال اجتماع لمجلس الجامعة العربية الشهر الماضي، لتؤمن إجماعا عربيا نادرا حول الأزمة، نتيجة المواقف المتباينة حولها، وتحفظات قطر على أي قرار يدين التدخل التركي، لتكون القاهرة محطة لوزراء الخارجية الأوروبيين أيضا الذين أكدوا رفضهم التام للتدخل التركي في ليبيا، وجددوا التأكيد على بطلان الاتفاق العسكري والبحري بين أردوغان والسراج، حيث كانت مصر قد شنت حملة دبلوماسية لأبطال إثر الاتفاق وجعله هو والعدم سواء.
وواصل وزير الخارجية سامح شكري اتصالات دبلوماسية مكثفة منذ إعلان خطوات تفعيل الاتفاق بين أنقرة والسراج، بهدف منع التدخل العسكري في ليبيا، التي تمثل جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، حيث تم التأكيد خلال الاتصالات على رفض أي تدخُل عسكري في ليبيا، وتم الاتفاق على ما يمثله التصعيد الأخير من قبل الجانب التركي في ليبيا من خطورة على أمن وسلم المنطقة بأسرها.
كما تم التشديد على ضرورة دعم الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي شامل للأزمة في ليبيا، بما في ذلك عبر الحفاظ على فرص التوصُل إلى تسوية شاملة من خلال عملية برلين ودعم الجهود الأممية ذات الصلة، حسبما أعلنت وزارة الخارجية المصرية في بيانات متلاحقة كشفت عن جانب من تحركات مصر للوصول إلى إجماع دولي حول عملية برلين.
وأدانت مصر وفرنسا وقبرص واليونان بشدة في بيان مشترك أصدره وزراء خارجية الدول الأربع في يوم 8 يناير بعد اجتماع في القاهرة، الذي شارك فيه وزير الخارجية الإيطالي أيضاً في إطار استشاري، "الأعمال التركية المستمرة في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص ومياهها الإقليمية"، بحسب وكالة الأنباء القبرصية، وأعرب وزراء الدول الأربع عن دعمهم لجهود الممثل الخاص للأمين العام غسان سلامة، ومبادرات الأمم المتحدة وعملية برلين.
وشارك الرئيس عبدالفتاح السيسي الأحد الماضي في مؤتمر برلين حول ليبيا، حيث أحبط المؤتمر مخطط استنساخ السيناريو السوري في ليبيا، وأصدر المشاركون في مؤتمر برلين حول ليبيا بيانا ختاميا دعوا فيه لتعزيز الهدنة في البلاد، ووقف الهجمات على منشآت النفط وتشكيل قوات عسكرية ليبية موحدة، وحظر توريد السلاح إلى ليبيا، ولم تتوقف خلال فترة الإعداد للمؤتمر اتصالات الرئيس عبدالفتاح السيسي التي تلقاها من مختلف الأطراف الدولية وعلى رأسهم زعماء الولايات المتحدة وروسيا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وغيرهم.
أكدت مصر مجددا حرصها على دعم أمن ليبيا وذلك من منطلق الحفاظ على استقرار هذا البلد الشقيق ودول جواره ومنها مصر، وقال وزير الخارجية سامح شكري، إن الأزمة الليبية لا تحل إلا بحكومة مستقلة وتوزيع الثروات وتنظيم الجيش، وأضاف "شكري"، خلال مشاركته في اجتماع دول الجوار الليبي بالجزائر أمس، أن من شروط حل الأزمة أيضا نزع سلاح الميليشيات، وقال "شكري" إن مؤتمر برلين قدم قبل أيام خريطة طريق للحل السياسي في ليبيا، مشيرا إلى ضرورة الالتزام بها.
وشدد "شكري" على رفض مصر أي عبث بأمن ليبيا وبالأمن القومي لدول المنطقة، كما أكد وجود تنظيمات إرهابية أخرى على ىالأراضي الليبية يجب محاربتها.
وقال "شكري" إن ليبيا شهدت ارتباكا متزايدا تسببت فيه تركيا التي تسعى للتدخل العسكري في بلاد عربي، يضرب القوانين الدولية عرض الحائط، مؤكدا أن تركيا لا تتوانى في استقدام مقاتلين أجانب إلى ليبيا، "وأكدنا وما زلنا نؤكد رفضنا لهذه الممارسات".
وتابع قائلا: "كلنا داعمون للشعب الليبي الرافض لانتهاك سيادة بلاده ولن نسمح بالعبث بليبيا"، وأشار إلى أن "السراج خالف الولاية الممنوحة له وفق اتفقا الصخيرات، ووقع على اتفاقيتين مع تركيا، مخالفا بشكل صارخ القانون الدولي".
وأعرب وزير الشؤون الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، عن أمله في تغليب الحكمة في هذا الاجتماع ورفض التدخلات الأجنبية بعيدا عن كل الإملاءات الخارجية، وقال "إننا في الجزائر نتمسك بضرورة تشجيع الفرقاء الليبيين على حل أزمتهم بالطرق السلمية ونرفض أي تدخل أجنبي في هذا البلد".
وأعلن وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، والذي شارك في اجتماع دول الجوار الليبي، أن طرفي الصراع في ليبيا، رئيس حكومة الوفاق، فائز السراج، والمشير خليفة حفتر أبديا استعدادهما لحل مشكلة النفط.
وقال ماس، في مؤتمر صحفي، حول نتائج مؤتمر برلين، إن جملة من المسائل لا تزال على طاولة المفاوضات وسيتم بحثها في الأيام المقبلة.
ومن جهة أخرى، فيما بدا تراجعا تركيا بعد مؤتمر برلين، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أمس، إن تركيا لا تعتزم إرسال المزيد من المستشارين العسكريين إلى ليبيا أثناء وقف إطلاق النار.